"المحترف".. مرسم يثري الحركة التشكيلية الأردنية

أحمد محمد الخطيب حوّل بيته إلى معرض للوحاته ومرسما لتعليم طلابه ولإخراج أجيال جديدة من الفنانين الأردنيين.
الثلاثاء 2022/10/04
مرسم يكتشف المواهب

كفرسوم (الأردن) - أخذ الرسام الستيني الأردني أحمد محمد الخطيب على عاتقه ألاّ يبخل بخبراته الفنية على الراغبين في اكتسابها، فحول بيته إلى معرض للوحاته ومرسما لتعليم طلابه ولإخراج أجيال جديدة من الفنانين الأردنيين.

“المُحتَرَف”، هذا هو الاسم الذي أطلقه الخطيب على منزله في منطقة كفرسوم التابعة لمحافظة إربد شمالي الأردن، ومنه يتخرج شباب أردنيون يرغبون في صقل مواهبهم على يدي الفنان الذي يبلغ من العمر اثنين وستين عاما.

ولد الخطيب في مدينة أريحا الفلسطينية، وأكمل دراسته في الفلسفة والدراسات الاجتماعية من جامعة دمشق السورية عام 1982، وعمل بالأردن في شركات خاصّة إلى أن بلغ سن التّقاعد.

وبدأ موهبته الفنّية عام 1973 من خلال نشاطات مدارس وزارة التربية والتعليم، وركّز في لوحاته على جمال طبيعة المنطقة التي يعيش فيها، والخضرة الدائمة لأشجارها.

ويقول الخطيب “لوحاتي جزءٌ من الواقعية، وتُحاكي جماليّات المكان، وأستخدم فيها الألوان المائية والزيتية والأكريليك”. وتلقّى الخطيب أساسيات الرسم على يد معلم كان يدرّسه الفن في المدرسة، يُدعى علي العقرباوي، في سبعينات القرن الماضي.

وتابع “عندما انتقلت للعيش في قرية كفرسوم عام 2005، اخترت منزلا تعود ملكيته لجدّي، وبني عام 1955، وقررت إجراء صيانه له وترميمه مع المحافظة على قيمته التراثية”.

وأضاف “قررت منذ لحظتها أن هذا البيت لا يُناسبه إلا لوحاتٍ فنية تُعبر عن نفس المكان، وكان دافعاً لي بأن أزيد من نشاطي الفني بالرسم، وحالياً يتواجد بداخله نحو 100 لوحة”.

وزاد “تحوّل البيت إلى مزار لأهل المنطقة، من مختلف الفئات العمرية، وتولدت لدى عددٍ كبيرٍ منهم الرغبة في تعلم هذا النوع من الفن، وبدأت بتعليم من يرغب منهم دون أي مقابل”.

واستدرك “أبناء المنطقة معروفون بتذوّقهم للفن؛ بحكم الطبيعة الخلابة التي تتمتع بها، ما أعطاهم حافزاً للتوجه نحو تعلّم الرسم”. وذكر الرسام الأردني، أن “الفن بالنسبة إلي رسالة إنسانية وليس تجارة، فأنا لم أتقاض أي مبالغ مالية مقابل أي لوحة، وأهديها إلى من يرغب بها”.

ولفت إلى أنه طيلة مسيرته الفنية قام برسم ما يزيد على أربع مئة لوحة، وشارك بها في معارض محلية وخارجية، كان من أبرزها في كندا والبوسنة وفلسطين وتركيا والسودان.

o

وكانت أسرة الخطيب الأكثر تأثراً بفنّه، فقد أصبح ابنه الأكبر رأفت من أمهر رسامي الكاريكاتير على مستوى المملكة وحصد جوائز عالمية، وانتقل بعدها للعمل في الولايات المتحدة، فيما تمارس ابنته شيماء تصميم الأزياء باستخدام صنّارة الكروشيه.

زوجة الخطيب فنّانة هي الأخرى، وتُجيد خطوط اللغة العربية بمختلف أنواعها، ولكنها سخّرت نفسها لدعم زوجها وتشجيعه على موهبته، خاصّة بعد أن تعرض لجلطة دماغية عام 2019، أدت إلى انقطاعه عن الرسم، ثم عودته إليه مرة أخرى.

وكانت بتول الخطيب (22 عاماً) طالبة في مرحلة الماجستير في تخصص الفن التشكيلي، إحدى الطالبات اللاتي تعلمن على يد الرسّام الأردني، قالت “لم تكن لدي أي موهبة في الرّسم، لكن تمكنت هنا من تعلم هذا الفن على يد معلمي الرسام أحمد”.

وأضافت “تمكّنت مما تعلمته هنا من رسم جدارية كبيرة في جامعة اليرموك (حكومية)، لاقت إعجاباً كبيراً ممن زاروها، وما زالت موجودةً حتى الآن”.

آيات عبيدات (28 عاماً) طالبة أخرى لدى الخطيب، وعلى مقاعد الدراسة في مرحلة الماجستير، وتقول  “دخلت دورة عند الأستاذ أحمد، وزادت معرفتي به، وتعودت على زيارته باستمرار والتعلّم منه، ورسمت معه عدة لوحات”. وأردفت “رسماته توثيق للتاريخ، وأشعر بأن لديه أسلوبا خاصا، فهو يقول إن الفن يجب أن يُخاطب عقل الإنسان ولا يجوز خداع المشاهد”.

وببراءة الأطفال وأسلوب الكبار، عبر رويد أبوعلوش (10 أعوام) عن سعادته لقبول أهله بالالتحاق بالتعلم لدى الخطيب، مُبيناً أن والده كان معارضا له في البداية، لكنه عندما انتبه لرسوماته قام بتسجيله للتعلم وتطوير مهاراته في المرسم. واختتم الخطيب حديثه بالتأكيد على أن الإنسان لا بد له بألا يكون أنانياً فيما أعطاه الله من موهبة، فالأساس هو “نقل العلم لا احتكاره”.

15