المجلس الانتقالي يحسم المعركة في عدن

عدن (اليمن) – حسم المجلس الانتقالي الجنوبي معركته في السيطرة على معظم معسكرات القوات الموالية للحكومة اليمنية السبت، وحقق هزيمة لحزب الإصلاح ومن يمثله والذي عمل على نشر الفوضى والعنف في المدينة التي تعد عاصمة مؤقتة.
وتمكنت قوات المجلس من تحقيق تقدم كبير في عدن، وقال مسؤول في قوات الحزام الأمني "تسلمنا قصر المعاشيق من القوات الرئاسية بدون مواجهات"، بينما أكد شهود عيان أن قوات الحرس الرئاسي سلمت قصر المعاشيق بدون معارك.
وقال نزار هيثم المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي إن المجلس "تمكن من إنجاز مهامه في تأمين المدينة وطرد الميليشيات الإرهابية التي كانت منضوية في إطار ما يسمى بالحماية الرئاسية من مختلف المعسكرات التي كانت تتحصن فيها".
وأضاف "الآن الأوضاع مستقرة والمجلس الانتقالي يبذل جهودا كبيرة في اتجاه تطبيع الحياة، وإعادة الخدمات ومن ذلك إصلاح شبكات المياه وإعادة ضخها الى عدد من المناطق بعد ان تعرضت للتخريب من قبل العناصر الارهابية وكذلك إعادة التيار الكهربائي".
وبحسب هيثم فإنه بتوجيهات من قيادة المجلس سيتم "الحفاظ على المؤسسات الحيوية والممتلكات العامة والخاصة".
وأوضحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر السبت عبر تويتر "أن ضخ المياه قد عاد مجددا اليوم (..) إلى أهل عدن"، لكنها أعربت عن قلقها الشديد "إزاء المعارك المستمرة، وندعو جميع الأطراف إلى تحييد المدنيين والمناطق السكنية".
ومنذ الأربعاء، تدور اشتباكات عنيفة في عدن بين القوات الموالية لحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي ومسلّحين من قوات الحزام الأمني
وقال مصدر أمني إن بعض التشكيلات الأمنية التابعة لحكومة هادي أعلنت انضمامها بدون قتال إلى قوات الحزام الأمني.
واعتبر نائب وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي السبت في تغريدة على حساب موقع وزارة الخارجية اليمنية على تويتر أن "ما يحصل في العاصمة الموقتة عدن من قبل المجلس الانتقالي هو انقلاب على مؤسسات الدولة الشرعية".
من جهته، أبدى أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة قلقه العميق بشأن الاشتباكات العنيفة بمدينة عدن باليمن، داعيا إلى ضرورة وقف العمليات القتالية.
ودعا غوتيريش في بيان صادر عن المنظمة الأممية أطراف الصراع إلى "إجراء حوار شامل لحل خلافاتها ومعالجة المخاوف المشروعة لكل اليمنيين".
كما دعت الإمارات، الشريك الرئيسي للسعودية في قيادة التحالف العسكري في اليمن، إلى "التهدئة وعدم التصعيد" في مدينة عدن جنوب اليمن، معربة عن قلقها من استمرار المواجهات المسلحة بين قوات الحكومة اليمنية وقوات الانفصاليين الجنوبيين.
وقال وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في بيان إن بلاده "وكشريك فاعل في التحالف العربي تقوم ببذل كافة الجهود للتهدئة وعدم التصعيد في عدن وفي الحث على حشد الجهود تجاه التصدي للانقلاب الحوثي وتداعياته".
ودعا إلى "حوار مسؤول وجاد من أجل إنهاء الخلافات والعمل علي وحدة الصف في هذه المرحلة الدقيقة والحفاظ على الأمن والاستقرار".
وشدد الشيخ عبد الله على "ضرورة تركيز جهود جميع الأطراف على الجبهة الأساسية ومواجهة مليشيا الحوثي الإنقلابية والجماعات الإرهابية الأخرى والقضاء عليها".
ودعا الشيخ عبد الله أيضا مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث إلى أن "يبذل جهوده في الضغط لإنهاء التصعيد الكبير الذي تشهده مدينة عدن لما للاقتتال الحالي من تداعيات سلبية على الجهود الأممية والتي تسعى جاهدة لتحقيق الأمن والاستقرار عبر المسار السياسي والحوار والمفاوضات".
يأتي ذلك تجددت الاشتباكات العنيفة السبت في مدينة عدن الساحلية بجنوب اليمن، وقالت مصادر طبية إن ما لا يقل عن ثمانية مدنيين قتلوا في عدن المقر المؤقت لحكومة اليمن المعترف بها دوليا.
وأفاد شهود عيان إن المعارك استؤنفت عند الفجر قرب القصر الرئاسي الخالي تقريبا في مديرية كريتر، ومعظمها مأهولة بالسكان، والقريبة من مطار عدن الدولي وفي حي يقطن فيه وزير الداخلية أحمد الميسري الذي غادر مقر سكناه قبل استئناف الاشتباكات.
وقال استيفان دوغريك، المتحدث باسم غوتيريش، في بيان، إن الأمين العام يشعر بقلق عميق إزاء المواجهات العنيفة في عدن، بما في ذلك محيط القصر الرئاسي والمطار الدولي.
أكدت مصادر سياسية مطّلعة لـ“العرب” فشل كافة محاولات تثبيت الهدنة في عدن التي تم التوصل إليها خلال الساعات الماضية بوساطة من التحالف العربي، مشيرة إلى أن قيادة التحالف لازالت تبذل حتى كتابة هذا الخبر مساعي حثيثة لتخفيف حدة التوتر ووقف المواجهات العنيفة التي امتدت نحو مختلف مناطق العاصمة اليمنية المؤقتة عدن.

ووفقا لمصادر محلية فقد تصاعدت حدة الاشتباكات بالأسلحة المتوسطة والثقيلة في مناطق كريتر وخورمكسر ودار سعد بعد فترات قصيرة من الهدوء، مع مخاوف من وصول المواجهات إلى نقطة حرجة يصعب معها فصل القوات المتحاربة.
ويقود التحالف العربي حراك سياسي واسع لوقف الاشتباكات، غير أن جهوده لازالت تصطدم بحالة عدم الثقة المتنامية بين الأطراف المتصارعة، وقائمة المطالب التي تقدّم بها كل طرف والتي تحتاج بحسب المصادر إلى حوار عميق وحقيقي يصعب التوصل إليه بالنظر إلى عامل الوقت الذي يساهم في احتدام حدة المواجهات، وتضييق هامش المناورات السياسية.
ويتعرّض التحالف العربي لضغوط من الحكومة اليمنية في الوقت الذي يساور قيادته القلق من خسارة المقاومة الجنوبية كأحد أهم حلفائه على الأرض في محاربة المشروع الإيراني، في حال تمّ تبنّي مطالب الحكومة الشرعية بحذافيرها.
ووفقا لمصادر سياسية مطّلعة سيشهد الملف اليمني تحوّلا كبيرا خلال الفترة المقبلة من جهة تعامل التحالف العربي مع كافة ملفات الصراع المؤجلة بين الأطراف المناوئة للحوثيين، والعمل على إعادة التوازن لمؤسسات الشرعية عبر إشراك كافة تلك القوى والمكوّنات التي تعتبر أنها تتعرّض لعملية إقصاء ممنهجة لصالح تمكين جماعة الإخوان المسلمين.
وسبق أن شهدت عدن مواجهات عنيفة بين قوات الحزام الأمني وألوية الحماية الرئاسية في يناير 2018 انتهت بسيطرة المجلس الانتقالي على معظم المناطق والمعسكرات التابعة للحكومة اليمنية، غير أن تدخل التحالف العربي ومباشرة لجنة عسكرية من التحالف للهدنة أفضت إلى وقف المواجهات وعودة القوات إلى ثكناتها، من دون معالجة أسباب وخلفيات الصراع الذي يتكرر اليوم.