المجالس المحلية في تونس تدعو إلى وضع إطار قانوني ينظم عملها

لا تزال المجالس المحلية في تونس تطالب بسن قانون تشريعي ينظم مهامها ومجالات تدخلها، في مسعى لتجنب التداخل مع بقية الهياكل التشريعية والإدارية في البلاد، وخصوصا المجالس البلدية ومجلس نواب الشعب.
تونس - تطالب المجالس المحلية في تونس بضرورة وضع إطار قانوني ينظم عملها ويحدد صلاحياتها ومهام أعضائها ومجالات تدخلها، خصوصا بعد تداخل الوظائف والأدوار مع البرلمان.
ودعا أعضاء المجالس المحلية خلال مشاركتهم السبت في الملتقى الأول للمجالس المحلية بالحرايرية بولاية تونس، رئيس الجمهورية قيس سعيد، والوظيفة التشريعية بغرفتَيْها إلى التسريع بوضع الإطار القانوني المنظم لعمل المجالس المحلية والجهوية، وضبط صلاحياتها ومهام أعضائها ومجالات تدخلها.
ويقول مراقبون، مازال هناك نوع من الغموض والتداخل في الوظائف بين المجالس المحلية والمجالس البلدية وأيضا مهام نواب البرلمان في الجهات، والسلطة مطالبة بالفصل في هذا الأمر والتفريق بين المهام التشريعية والتنموية.
وأكد عضو المجلس المحلي بالحرايرية (قرب العاصمة تونس)، والناطق الرسمي باسم الملتقى محمد ضياء السبعي، على أهمية الاجتماع الذي يضم 21 مجلساً محليا، باعتباره يُمثّل الملتقى الأوّل منذ انتخابها، ويهدف إلى طرح الإشكاليات التي تعترض عملهم ولم شملهم والتوجه برسالة للرئيس التونسي قيس سعيد قصد التعجيل بإصدار القانون الذي يضبط عمل المجالس المحلية.
وفي السياق ذاته، اعتبر النائب عن المجلس المحلي بمنطقة العمران هيكل بوغانمي، أن التسريع في وضع الإطار القانوني المنظم لعمل المجالس المحلية، سيُمكّن من حمايتها وتوفير مناخ عمل ملائم من أجل البناء والتشييد، مؤكدا تعرضهم إلى عديد الإشكاليات والتعطيلات التي تعترض مهامهم مِن قِبل عديد السلطات المعنية.
من جانبها، أكدت رئيسة مجلس الإقليم الثاني سالمة المناعي، أن المجالس المحلية واجهت العديد من الصعوبات باعتبارها تضطلع بالعمل القاعدي، داعية إلى سن قانون يحمي المجالس المذكورة ويُجنب وقوع تداخل في صلاحياتها مع سلط أخرى، وفق تعبيرها.
بدوره، دعا النائب بالمجلس الجهوي عن جهة نابل أنيس الخلفاوي، الرئيس قيس سعيد إلى التسريع بإصدار قانون يضبط عمل المجالس المحلية، موضحا أنّه في غياب الإطار القانوني وعدم صرفِ مِنح مجزية لأعضاء المجالس لا يمكنها ممارسة مهامها والاستجابة لمطالب المواطنين.
كما شدّد الخلفاوي على ضرورة أن يكون مجلس الجهات والأقاليم سبّاقاً في سن قانون ينظّم عمل المجالس المحلية، ويكون ذلك بعد التنسيق مع أعضاء المجالس.
المجالس المحلية نموذج يضع بيد المواطن صناعة القرار في جهته ويتكفّل بتحديد الحاجيات التنموية بعد أن كانت الدولة تلعب ذلك الدور في السابق
وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد أعلن في الثلاثين من مارس 2022 حل مجلس نواب الشعب لأول مرة في تاريخه، وأقر في الخامس والعشرين من يوليو 2022 العمل بدستور جديد للبلاد والذي يعيد العمل بالنظام التشريعي الثنائي، أي أن البرلمان مكون من غرفتين وهما مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم.
ويرى متابعون للشأن التونسي أن المجالس المحلية نموذج يضع بيد المواطن صناعة القرار في جهته ويتكفّل بتحديد الحاجيات التنموية بعد أن كانت الدولة تلعب ذلك الدور في السابق، لكنه أيضا حسب المراقبين يتطلب وقتا طويلا من الانتظار حتى يعطي نتائج، وسط دعوات إلى ضرورة تحديد تلك المهام بوضوح وتلافي التداخل مع بقية الهياكل التشريعية.
وأفاد المحلل السياسي المنذر ثابت أن “المطلب طبيعي جدا ومنطقي خاصة وأن المجالس المحلية تشكل التنظيم الشعبي مقابل الوظائف التشريعية، وهنالك تدرّج في السلّم الإداري وأيضا تدرّج في السلطة التشريعية.”
وأكد في تصريح لـ”العرب” أن “الإشكال الحقيقي هو التداخل والغموض مع المجالس البلدية، والإحراج الحقيقي هو أي وظيفة للمجالس المحلية التي يمكن أن تنزلق مع المجالس البلدية إلى تداخل وظيفي.”
وأضاف المنذر ثابت “البرامج والمشاريع فيها ما هو وطني وجهوي ومحلي، وهناك تأخير في تحديد مهام المجالس المحلية، كما أنه لا تزال هنالك مهام هيكلية للإنجاز بالنسبة إلى الجمهورية الثالثة.”
ويتكون المجلس الوطني للجهات والأقاليم من 77 عضوا، من بينهم 72 عضوا جرى انتخابهم من قبل أعضاء المجالس الجهوية بمعدل ثلاثة أعضاء عن كل مجلس (24 مجلسا جهويا)، و5 أعضاء عن مجالس الأقاليم بمعدل عضو عن كل إقليم.
وحسب الفصل 85 من دستور 2022، يمارس المجلس الوطني للجهات والأقاليم صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف القضايا، المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية في تونس.
وتعرض وجوبا على هذا المجلس المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم. كما يصادق مع البرلمان على قانون المالية ومخططات التنمية بأغلبية الأعضاء الحاضرين، على ألا تقل هذه الأغلبية عن الثلث (26 نائبا).