المتمرّدون في تيغراي يعلنون عزمهم على التقدم في شمال إثيوبيا

الجيش انسحب من كوبو الواقعة في منطقة أمهرة لتفادي وقوع خسائر بشرية كبيرة بين المدنيين.
الأربعاء 2022/08/31
مخاوف دولية من توسع نطاق الصراع

أديس أبابا - أعلن المتمردون في منطقة تيغراي الإثيوبية الثلاثاء أنهم لا يزالون منفتحين على إجراء مفاوضات مع الحكومة الفيدرالية، لكنهم عازمون أيضا على مواصلة التقدم في شمال إثيوبيا ما دامت التعزيزات العسكرية الحكومية تشكل "تهديدا" لمنطقتهم.

وبعد هدنة استمرت خمسة أشهر، تجددت المعارك في الرابع والعشرين من أغسطس بين الجيش الفدرالي ومتمردي تيغراي مع تبادل الاتهامات بإشعال المواجهات.

وقال غيتاشو رضا متحدثا باسم المتمردين في مؤتمر صحافي عبر الإنترنت "نخوض حربا دفاعية" و"نبقى منفتحين على أي مفاوضات"، مجدِّدا اتهام حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد بأنها انتهكت الهدنة التي تم الالتزام بها منذ نهاية مارس. وأوضح أن المتمردين شنّوا هجوماً مضاداً بعدما "دافعوا في مرحلة أولى عن مواقعهم".

وذكّرت الحكومة الإثيوبية بـ"جهودها من أجل السلام والإجراءات الملموسة التي اتخذت"، مؤكدة "عزمها على حل النزاع المتجدد بشكل سلمي"، محمّلة "الإرهابيين" في تيغراي مسؤولية اندلاعه.

وأعلنت الحكومة السبت أنّ الجيش انسحب من كوبو الواقعة في منطقة أمهرة على بعد حوالي 15 كيلومترا جنوب حدود تيغراي "لتفادي وقوع خسائر بشرية كبيرة” بين المدنيين، فيما تعرضت المدينة لهجوم “من عدة اتجاهات” من قبل متمردي تيغراي. وأفادت مصادر دبلوماسية وإنسانية ومحلية بأنّ المتمرّدين تقدّموا في الأيام الأخيرة حوالي خمسين كيلومتراً جنوباً داخل أمهرة، وباتجاه الجنوب الشرقي في منطقة عفر.

غيتاشو رضا: نخوض حربا دفاعية ونبقى منفتحين على أي مفاوضات

والثلاثاء أفادت جمعية تنمية الرعاة في إقليم عفر (غير حكومية) بأنها أحصت 18 ألف نازح في المنطقة بعد استئناف القتال. كما أفادت عن تقدم المتمرّدين من عفر باتجاه منطقة أمهرة "ممّا سيزيد من عدد النازحين". وأشارت الجمعية على تويتر إلى أنّ الطرقات "مكتظة بالفارين" من تقدّم المتمرّدين "باتجاه منطقة كيليوان" التي أخلاها سكّانها.

ويُمنع الصحافيون من الوصول إلى شمال إثيوبيا، مما يجعل التحقق من المعلومات بشكل مستقل مستحيلا. كما أن شبكة الهاتف والإنترنت لا تعمل ويصعب تقييم الوضع على الأرض.

ومن جهته رأى غيتاشو رضا أنّ "آبي أحمد يواصل تقديراته السيئة من خلال الاستمرار في إرسال التعزيزات". وأضاف "سنواصل تحييدهم، الأمر الذي قد يقودنا أكثر فأكثر داخل منطقة أمهرة". وتابع "لسنا مهتمّين بالسيطرة على هذه المنطقة بشكل خاص، ولكن ما دامت القوات التي أُطلقت ضدنا مستمرة في تهديد أمن شعبنا، سنستمر في اتخاذ الإجراءات المناسبة لتحييدها”، مشيرا إلى أنّ "هذا الأمر سيحدّد المكان الذي نتوقّف فيه”.

ونشبت الحرب عندما أرسل آبي أحمد الجيش الفدرالي إلى تيغراي لطرد سلطات المنطقة، متّهماً إياها بمهاجمة قواعد عسكرية على الأرض. وبعد انسحابهم في البداية، استعاد المتمرّدون السيطرة على معظم تيغراي في هجوم مضاد في منتصف عام 2021.

وفي الأيام الأخيرة تضاعفت دعوات المجتمع الدولي إلى وقف الأعمال العدائية والحوار. كذلك، تحدّث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مع آبي أحمد في الخامس والعشرين من أغسطس، ثمّ مع زعيم المتمرّدين في تيغراي ديبريتسيون جبريمايكل.

وقال غيتاشو إنّ آبي أحمد "خدع المجتمع الدولي وجعله يعتقد أنه جاد بشأن السلام". وأضاف "من الواضح أننا لا نستطيع الاعتماد على المجتمع الدولي لكبح آبي أحمد (..) يجب أن نعتمد دائماً على قواتنا". ومنذ يونيو كرّر الطرفان استعدادهما للتفاوض من دون التوقّف عن معارضة شروط المحادثات المستقبلية.

◙ الصحافيون يمنعون من الوصول إلى شمال إثيوبيا مما يجعل التحقق من المعلومات مستحيلا كما أن شبكة الهاتف والإنترنت لا تعمل ويصعب تقييم الوضع على الأرض

وفيما سمحت الهدنة باستئناف إيصال المساعدات الإنسانية عن طريق البر إلى تيغراي بعدما توقّف لمدة ثلاثة أشهر، يبدو أنها مهدّدة مرة أخرى بسبب تجدد القتال. ومن جهة أخرى تبقى حصيلة هذه الحرب غير معروفة، غير أنها أدت إلى نزوح أكثر من مليوني شخص، كما أغرقت مئات الآلاف من الإثيوبيين في ظروف قريبة من المجاعة، وفقاً للأمم المتحدة. وإضافة إلى ذلك، تعاني هذه المنطقة منذ أكثر من عام من حرمانها من الكهرباء والاتصالات والخدمات المصرفية وحتى الوقود.

ويعاني نحو نصف سكان إقليم تيغراي نقصا حادا في الغذاء، وفق برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، أي أن ما يقرب من 3.5 مليون نسمة على حافة المجاعة، خصوصا مع الجفاف الذي يضرب منطقة القرن الأفريقي، فالمساعدات الإنسانية الدولية الشحيحة تجد صعوبات في الوصول إلى الإقليم برا عبر شاحنات لا تتزود بما يكفي من الوقود، والحكومة الإثيوبية وحليفتها الإريترية تطبقان الحصار على تيغراي، والمفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي لم تحرز تقدما جديا، والقوات الحكومية ما تزال تسيطر على أخصب الأراضي الزراعية في الإقليم.

وبالنسبة إلى حكومة آبي أحمد، فإن القضاء على تمرد الجبهة في الشمال وكسر شوكتها وبسط السيطرة الحكومية على الإقليم مسألة غير قابلة للنقاش. ولذلك تسعى لخنق الإقليم اقتصاديا لإضعافه، مع ترك منفذ لمرور المساعدات الإنسانية بشكل محدود وتحت رقابتها، مع التشديد في مسألة الوقود حتى لا تستخدمه جبهة تحرير تيغراي لتحريك آلياتها الثقيلة للزحف مجددا نحو العاصمة.

لذلك أدانت حكومة إثيوبيا ما اعتبرته "سرقة" جبهة تيغراي لـ570 ألف لتر من الوقود من مستودعات برنامج الأغذية العالمي لاستخدامها في تعزيز الهجوم الأخير. وبفضل الطائرات المسيرة المسلحة التي اقتنتها أديس أبابا من أكثر من دولة، يجد الجيش الإثيوبي نفسه واثقا أكثر من أي وقت مضى من صد وتشتيت أي هجوم واسع وممتد لمقاتلي الجبهة واحتوائهم داخل الإقليم.

5