المتشددون والمتربحون يواصلون الاستفادة من ثغرات "العمل الخيري" في الكويت

وزير الشؤون الاجتماعية الكويتية يؤكد أن التوجه نحو إحكام الرقابة على جمع التبرعات ومضاعفة فرق التفتيش.
السبت 2019/05/11
دور العبادة أماكن مثالية لاستغلال المشاعر الدينية في تصيّد المتبرّعين

الكويت - تنشُط بشكل لافت في الكويت خلال شهر رمضان من كلّ عام عملية جمع التبرّعات، وتبرز بالتوازي معها قضية قديمة متجدّدة تتمثّل في كيفية ضبط “العمل الخيري” لمنع انزلاقه نحو خدمة غايات وأهداف جانبية، أقلّها الاحتيال والتربّح غير المشروع وصولا إلى تمويل العمل السياسي وانتهاء بالخطر الأكبر متمثّلا في تمويل الإرهاب.

وتشدّد السلطات الكويتية باستمرار على فرض ضوابط صارمة وبذل جهود لتقنين ومراقبة جمع التبرّعات، لكنّ العديد من الدوائر السياسية والإعلامية ما تفتأ تؤكّد تواصل الانفلات في العملية، بل تزايده مع انتشار وسائل الاتصال وتعدّدها وتوظيفها في استقطاب المتبرّعين، ومن ثمّ زيادة المخاطر المحدقة بالعملية.

وخلال رمضان الحالي تواصل تسجيل المخالفات في عملية جمع التبرعات، لكنّ وزير الشؤون الاجتماعية الكويتي سعد الخراز هوّن من شأنها وعزاها إلى “دخلاء على هذا العمل وليس الجمعيات الخيرية المشهرة والمعتمدة من الوزارة”.

وقال الخراز إنّ “العمل الخيري الكويتي يشهد بالأرقام تطورا كل عام”، داعيا “إلى تضافر الجهود من قبل كافة الجهات للمحافظة على سمعته”، ومؤكّدا أنّ وزارته تتّجه لإحكام الرقابة على جمع التبرّعات بمضاعفة فرق التفتيش والحملات التي تقوم بها.

وحول الرقابة على المشاريع الخيرية الخارجية يقول الخراز إنّه “لا يوجد مشروع خارجي يقام إلاّ بموافقة وزارة الخارجية ومتابعتها من قبل السفارات الكويتية في الخارج للتأكد من سلامة المشروعات الخيرية المقامة والتحويلات التي حوّلت لها لضمان إنجاز المشروعات بشكل سليم”.

غير أنّ الخبير السياسي والأمني الكويتي فهد الشليمي يقول إنّ التبرعات الخيرية للخارج حتى وإن حصل القائمون على جمعها على موافقة وزارة الخارجية فالدولة لا تعلم في ما يتم صرفها، متّهما جمعية الإصلاح الإخوانية بتوجيه أموال تبرعات كويتية للاستثمار في تركيا وماليزيا وغيرهما على أساس ارتباطات أيديولوجية لهم داخل الدولتين.

استفاد إخوان الكويت من التسيب في العمل الخيري لمراكمة ثروات طائلة يستخدمونها في توطيد نفوذهم داخل أجهزة الدولة

وفي ظلّ التوتّرات التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الماضية وما رافقها من تصاعد في التهديدات الإرهابية، ومع بروز الساحة الكويتية بما يميّزها من ثراء مادّي كنقطة تركيز من قبل تنظيمات متشدّدة باحثة عن مصادر للتمويل، نحت السلطات الكويتية بشكل واضح نحو ضبط العمل الخيري منعا لانزلاقه نحو تمويل الإرهاب والجماعات المتشدّدة.

ولم تنفصل تلك الإجراءات عن الوضع الإقليمي غير المستقّر، وما نجم عنه من مخاطر طالت الكويت عندما أقدم متشدّدون موالون لتنظيم داعش في يونيو 2015 على تفجير مسجد في الكويت موقعين العشرات من القتلى والجرحى. ومع ذلك ما تزال سلطات الكويت تصارع نفوذ جمعيات نافذة تمارس السياسة وتمتلك، “أذرعا خيرية” تتخذها غطاء لتمويل أنشطتها.

ولدى الكويت تجارب واضحة في ممارسة العمل السياسي تحت يافطة العمل الخيري والنشاط المجتمعي من خلال “جمعية الإصلاح الاجتماعي”، التابعة لجماعة الإخوان المسلمين.

وبحسب متابعين للشأن الكويتي، فقد استفاد الإخوان على مدار عشريات من الزمن من غفلة السلطات عنهم ومن التسيّب التامّ في العمل الخيري وغياب الرقابة عنه ليؤسّسوا لهم إمبراطورية مالية، مستغلّين ما مرّت به الكويت ومجتمعها من فترات رخاء وثراء شديدين في سنوات الطفرة البترودولارية.

ويقول نشطاء كويتيون إنّ الثروات التي تمكّن إخوان الكويت من جمعها لم توظّف فقط في الصرف على أتباع جماعتهم واستقطاب المزيد منهم محلّيا وخارجيا، بل في الحفاظ على مكانتهم في مؤسّسات الدولة الكويتية ذاتها والتأثير في قراراتها، حتّى أنّهم غير بعيدين عن صياغة القوانين المتعلّقة بتنظيم العمل الخيري والإجراءات الهادفة لتنظيمه باتجاه استدامة الثغرات فيها وبالتالي مواصلة الاستفادة منها.

3