المتخيل يطغى على الواقعي في مدن المستقبل

كتاب "مدن مستقبلية: العمارة والمخيلة" يكشف أن الحياة في المدن المتسقبلية لن تكون أكثر ثراء وغنى إلا بربط المزيد من الأشياء فيها بعضها مع بعض.
الاثنين 2020/07/27
لا وجود لمدينة متخيلة دون وجود مدينة حقيقية

أبوظبي- الهدف الرئيس من كتاب “مدن مستقبلية: العمارة والمخيلة”، لمؤلفه البريطاني بول دوبراشتيك هو تأصيل وجود هذه المدن المتخيلة في الممارسة المعمارية، موضحا كيف يمكن أن توجد صلات كثيرة بين الاثنين، مبينا كيف أن الصور المستقبلية، بصرف النظر عن الصورة العجائبية التي قد تبدو عليها، هي صور عن اللحظة الراهنة حقا؛ وهي طريقة لتغيير التفكير السائد، والممارسة السائدة، لكي تطلق في مسار، أو مسارات مختلفة.

 ينظم الكتاب تمثيلات المدن المستقبلية في ثلاثة حقول موضوعاتية مختلفة؛ المدن غير المستقرة، وهي المغمورة بالماء، والعائمة فوق سطح الماء، والطافية في الهواء. ثانيا المدن العمودية مثل ناطحات السحاب، والمدن المشيدة تحت سطح الأرض، وثالثا المدن المدمرة كالأطلال والمواد المهملة المستنقذة.

وتقدم كل واحدة من هذه المدن طائفة من الأمثلة التي تمت بصلة إلى المعضلات الحقيقية التي تواجه المعماريين والمتخصصين في تخطيط المدن في الوقت الراهن.

بول دوبراشتيك يكشف في كتابه الطرائق الجوهرية التي تؤثر بها المخيلة على الكيفية التي نفكر بها عبر العوالم المستقبلية المدينية
بول دوبراشتيك يكشف في كتابه الطرائق الجوهرية التي تؤثر بها المخيلة على الكيفية التي نفكر بها عبر العوالم المستقبلية المدينية

‪ ويسعى الكتاب، في صميمه، إلى الكشف عن الطرائق الجوهرية التي تؤثر فيها المخيلة على الكيفية التي نفكر بها عبر العوالم المستقبلية المدينية، وعلى الكيفية التي ترتبط بها هذه الطرائق والكيفية التي يمكن لها أن ترتبط من خلالها، مع الكيفية التي تصمم بها المدن ويعاش فيها اليوم.

وهذا يعني العمل على أن يعود المتخيل إلى الاتصال بما هو واقعي؛ أو بالأحرى، العمل على إظهار مدى تجسد المتخيل في الواقعي.

‪ ويخلص المؤلف، في بحثه، إلى أن الحياة، في المدن المتسقبلية، لن تكون أكثر ثراء وغنى، إلا بربط المزيد من الأشياء في هذه المدن، بعضها مع بعض. فلا وجود لمدينة متخيلة دون وجود مدينة حقيقية؛ إنهما مترابطتان بالفعل، فما يمكن تخيله موجود فعليا في الحقيقة، سواء في الماضي أو الحاضر. ولكن هذا الترابط، من حيث الفرضية، هو ترابط بين عالميْن متصارعين، إذ ينظر إلى المخيلة على أنها ضد الواقعي أو مشتملة عليه؛ إنها جدلية المثالية القديمة ضد البراغماتية. بيد أننا نستطيع، على الدوام، إقامة صلات بين هذين العالميْن، حين نرغب في ذلك.

ونذكر أن ترجمة كتاب “مدن مستقبلية: العمارة والمخيلة”، للبريطاني بول دوبراشتيك، صدرت عن مشروع “كلمة” للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، وقد نقله إلى اللغة العربية تحسين الخطيب، وراجعها الدكتور أحمد خريس.

ونشر الكتاب في أصله الإنجليزي، عن دار “ريآكشن” البريطانية في شهر فبراير سنة 2019. ويسعى إلى استقصاء الكيفية التي يتداخل فيها الواقعي والمتخيل، لاسيما في العصر الرقْمي.

14