المبعوث الأممي للدبيبة: توزيع عائدات النفط والغاز غير متكافئ

باتيلي يقترح آلية مستقلة للإشراف على نظام الإيرادات والإنفاق العام.
الثلاثاء 2022/12/20
لقاء غير مريح للدبيبة

أثار المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا عبدالله باتيلي خلال لقاء مع رئيس الوزراء المنتهية ولايته عبدالحميد الدبيبة مسألة إيرادات النفط والغاز، مع تصاعد الاحتقان في ليبيا حول سيطرة حكومة الوحدة على تلك العائدات وتوظيفها لخدمة أجندتها.

طرابلس - لم يكن اللقاء الذي جمع مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا عبدالله باتيلي برئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة إيجابيا بالنسبة إلى الأخير، لاسيما في علاقة بإثارة المبعوث الأممي لقضية عائدات النفط والغاز، وضرورة إنشاء آلية مستقلة تتولى التوزيع العادل لتلك العائدات.

وتوجه أطراف سياسية كثيرة في ليبيا بينها مجلس النواب ومقرّه طبرق، وحكومة فتحي باشاغا المنافسة، اتهامات لحكومة الوحدة باستغلال عائدات النفط والغاز لضمان استمراريتها والتحكم في مفاصل القرار السياسي والاقتصادي الليبي.

وتشهد ليبيا انقساما سياسيا حادا بعد فشلها في إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية بسبب خلافات حول القاعدة الدستورية، وقد تفاقمت الأزمة مع تشكيل حكومة جديدة بقيادة وزير الداخلية الأسبق مدعومة من مجلس النواب.

وتطالب هذه الحكومة بحصة من عائدات النفط والغاز لتمويل موازنتها التي صادق عليها البرلمان في وقت سابق، وهو أمر تحول دونه حكومة الوحدة التي تضع يدها على تلك العائدات وسط اتهامات لأجهزتها وقيادتها باستغلالها للحفاظ على موقعها ولتحقيق أجندتها السياسية، على الرغم من انتهاء ولايتها.

حديث باتيلي عن ضرورة الالتزام بالشفافية يمثل إشارة ضمنية إلى الاتهامات التي توجه لحكومة الدبيبة بالفساد

وقال مبعوث الأمم المتحدة إنه أثار مع رئيس حكومة الوحدة مسألة الاستياء المتزايد في شتى أنحاء البلاد بشأن التوزيع غير المتكافئ لعائدات ليبيا من النفط والغاز، مؤكدًا الحاجة الملحة إلى التزام الشفافية والمساءلة لمنع المزيد من الانقسام.

وبحسب تغريدة عبر حسابه على تويتر، أكد باتيلي خلال الاجتماع على ضرورة وجود آلية مستقلة يقودها ويملك زمامها الليبيون للإشراف على نظام الإيرادات والإنفاق العام.

ويرى مراقبون أن إثارة باتيلي لقضية العائدات والمطالبة بتوزيعها بشكل متكافئ من شأنها أن تشكل ضغطا إضافيا على حكومة الدبيبة التي تواجه هذه الأيام انتقادات واسعة على خلفية تسليمها لمشتبه به في قضية لوكربي إلى الولايات المتحدة، في ظل حديث عن صفقة سياسية جرت بين الدبيبة وواشنطن.

ويقول المراقبون إن حديث باتيلي عن ضرورة الالتزام بالشفافية والمساءلة بشأن الأموال التي تصرف من عائدات النفط والغاز، هي إشارة ضمنية إلى الاتهامات التي توجه لحكومة الدبيبة بالفساد، والتي تطرق لها تقرير لمجلس المحاسبة.

وتجاوزت إيرادات النفط خلال الأشهر السبعة الأولى من العام 2022 نحو 56.1 مليار دينار، أي ما يعادل 11.54 مليار دولار، فيما بلغت إيرادات الغاز الطبيعي 1.1 مليار دولار سنويا، ولم يلمس المواطن الليبي أي تحسن سواء على مستوى التنمية أو في علاقة بالبنية التحتية.

وكشف آخر تقرير لمجلس المحاسبة عن بعض التجاوزات التي حالت دون تنفيذ عدد من المشاريع التنموية في ليبيا، مشيرا إلى موافقة حكومة الوحدة على تعاقدات وتحميل الدولة التزامات بقيمة 35 مليار دينار، دون أن تأخذ بعين الاعتبار وجود عقود سابقة مبرمة مع الحكومات المتعاقبة تقدر قيمتها بنحو 160 مليار دينار، في ظل محدودية موارد الدولة ما أدى إلى تأزيم مشكلة العقود المتوقفة، وخلق مشاكل مستقبلية إضافية لن تستطيع أي حكومة مستقبلية معالجتها خصوصا ما تعلق بدعاوى وتعويضات.

تقرير لمجلس المحاسبة يكشف عن بعض التجاوزات التي حالت دون تنفيذ عدد من المشاريع التنموية في ليبيا

وكشف المجلس عن تخصيص جزء من أموال التنمية للأجهزة التنفيذية، فيما لم تحدد مخصصات الوزارات والجهات العامة بناء على احتياجات فعلية، ولا خطط تنموية مدروسة تتضمن مشروعات وبرامج موضوعة مسبقًا لتحقيق أهداف محددة، ولا أوجه إنفاقها بشكل دقيق أو بتحقيق ومتابعة.

وأشار مجلس المحاسبة إلى قيام الجهات التنفيذية بتسييل أموال ضخمة استعملت قبل انتهاء السنة المالية عن طريق إبرام عقود استعجالية، وفتح الاعتمادات المستندية للمستفيدين دون أهداف محددة، عكس ما كانت تتطلبه طبيعة عقود التنمية من ضرورة استكمال الدراسات الفنية والمالية للمشروعات وتقييم وتأهيل أدوات التنفيذ، والتي تستغرق أشهرا للحصول على الاستفادة المثلى منها وتحقيق أثر ملموس في الإنفاق التنموي.

وتحدث المجلس عن ظاهرة “تفشي التعاقد” عن طريق التكليف كبديل عن المناقصة “ما شكل انحرافًا عن مبادئ النزاهة والشفافية ومخالفة اللوائح التشريعية”.

ويرى مراقبون أن هناك غضبا متصاعدا في صفوف الليبيين حيال طريقة إدارة حكومة الوحدة لعائدات النفط والغاز، ليس فقط لدى القوى السياسية المختلفة بل وأيضا في الأوساط الشعبية، التي تواجه أعباء معيشية ضاغطة، في وقت تدخل لخزينة حكومة الوحدة عائدات مجزية جراء ارتفاع أسعار الطاقة في الأسواق العالمية.

وأفاد بيان للمكتب الإعلامي لحكومة الوحدة على صفحته على فيسبوك في وقت سابق بأن الدبيبة استعرض مع باتيلي “إجراءات الشفافية والإفصاح التي اتبعتها الحكومة طيلة الفترة السابقة، وعرض البوابة الإلكترونية التي ستتمكن الحكومة من خلالها من الوصول إلى أقصى مستويات الشفافية في عمليات التعاقد في المشتريات الحكومية والتي ستنطلق بداية العام المقبل”.

4