المبعوث الأممي إلى اليمن ينتقد مماطلة الحوثيين في معالجة أزمة الناقلة صافر

عدن – ازدادت الضغوط على الحوثيين بسبب تعنتهم في إيجاد حلول لتسرب النفط في البحر الأحمر من الناقلة صافر، حيث انتقد مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث أمام مجلس الأمن مماطلة المتمردين في السماح لبعثة فنية تشرف عليها الأمم المتحدة بالوصول إلى خزان النفط العائم، منضمّا إلى العديد من الأصوات الأخرى التي تدعو الحوثيين إلى التحرك سريعا في هذا الملف الذي لا يحتمل التأخير أكثر بالنظر إلى خطورته.
وقال غريفيث، خلال إفادته في جلسة لمجلس الأمن تطرقت إلى تطورات الملف اليمني، إن جماعة “أنصار الله الحوثيين” قد أكدوا كتابة إلى الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش)، أنهم سيصرحون لبعثة فنية تشرف عليها الأمم المتحدة ومخطط لها منذ فترة طويلة، بالوصول إلى الناقلة. وأضاف “إلا أننا ما زلنا ننتظر الأذونات اللازمة لنشر هذا الفريق الأممي”.
ويذكر أن الخزان العائم “صافر” مهدد بخطر الانفجار أو تسريب حمولته، المقدرة بنحو 1.5 مليون برميل من النفط الخام؛ جراء تعرض هيكلها الحديدي للتآكل والتحلل بسبب غياب الصيانة.
والناقلة متوقفة قبالة مرفأ رأس عيسى النفطي المطل على البحر الأحمر منذ أكثر من خمس سنوات. وفي وقت سابق من هذا الشهر ناشد مجلس الأمن الدولي الحوثيين بتسهيل وصول الأمم المتحدة غير المشروط إلى الناقلة في أسرع وقت ممكن. وكان مارك لوكوك منسق الإغاثة بالأمم المتحدة قد أخبر مجلس الأمن الدولي قبل أسبوعين بأن المسؤولين الحوثيين وافقوا على السماح لفريق من الأمم المتحدة بإجراء تقييم فني وأيّ إصلاحات أولية ممكنة للناقلة صافر.
وأدخل تمرد الحوثيين المدعومين عسكريا من إيران ومحاولاتهم في العام 2014 الانقلاب على الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، اليمن في دوامة من الصراع والأزمات متعددة الأبعاد.
وتدخل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن في العام 2015 للتصدي لتمرد الميليشيات الحوثية التي تسيطر منذ ذلك الوقت على العاصمة صنعاء وبعض المناطق في البلاد.
وقال لوكوك في وقت سابق هذا الشهر إنه من الممكن إرسال فريق من الأمم المتحدة في خلال ثلاثة أسابيع من تلقي كافة الموافقات اللازمة.
وقال غريفيث الثلاثاء “هناك حاجة ماسة لتقييم مستقل يقوده خبراء… للسماح لنا بفهم كامل لنطاق وحجم ومخاطر هذا الأمر والحلول الممكنة له”.
وكان لوكوك قد قال إنه في 27 مايو الماضي بدأت المياه في التسرب إلى داخل غرفة المحرك مما يهدد توازن الناقلة وإنه في حين يتمكن غواصون تابعون لشركة صافر من إيقاف التسرب فإنه “من المستحيل تحديد الفترة الزمنية التي يمكن أن تصمد فيها” الناقلة.
وحذرت الأمم المتحدة من أن صافر قد يتسرب منها ما يصل إلى أربعة أمثال النفط الذي تسرب من الناقلة إكسون فالديز عام 1989 قبالة ألاسكا.
وتتعالى منذ فترة أصوات الأوساط السياسية والحقوقية والمدافعة عن البيئة مطالبة الحوثيين بالقيام بالإجراءت اللازمة لمعالجة مشكلات الصيانة التي تعاني منها ناقلة النفط حيث أصبح يطلق على هذا الوضع تسمية “قنبلة صافر” في إشارة إلى مدى المخاطر التي قد تنجر عنها إذا طال أمد التدخل الفني أكثر.
والاثنين، أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان لها أنه “يتوجب على السلطات الحوثية في اليمن أن تسمح فورا لخبراء الأمم المتحدة بالوصول إلى ناقلة نفط عملاقة راسية قبالة الساحل اليمني، بسبب خطر تسرّب ملايين البراميل من النفط الخام في البحر الأحمر”.
وقال جيري سيمبسون، المدير المساعد في قسم النزاعات والأزمات في هيومن رايتس ووتش، “تؤخّر السلطات الحوثية بلا مبالاة وصول خبراء الأمم المتحدة إلى ناقلة النفط المتهالكة التي تهدّد بتدمير أنظمة بيئية بأكملها والقضاء على سبل عيش ملايين اليمنيين الذين يعانون أصلا في ظلّ الحرب.. إن أرفع الخبراء الأمميين على أهبّة الاستعداد لمنع حصول ما هو أسوأ، وينبغي السماح لهم فورا بالصعود إلى الناقلة”.
وكان معين عبدالملك، رئيس الحكومة اليمنية الشرعية، قد دعا المجتمع الدولي “لاتخاذ موقف حازم تجاه استمرار مراوغات ميليشيا الحوثي في القبول بتفريغ خزان صافر النفطي وتفادي أكبر كارثة بيئية في العالم”.
وأشار عبدالملك إلى أن “الميليشيا الحوثية تصرّ على ربطه (ملف صافر) بقضايا ومسارات أخرى” في المقابل فإن الحكومة اليمنية الشرعية “كانت ولا تزال منفتحة بشكل كامل على كل الحلول التي تؤدي إلى تفريغ الخزان، لتجنيب اليمن والمنطقة والعالم كارثة وشيكة”، مؤكدا على ضرورة عدم منح الفرصة للحوثيين لاستخدام هذا الملف كورقة للابتزاز والمساومة.
كما حذر من التهاون أو إهدار المزيد من الوقت في نقاشات لا تكون نتيجتها حلول عاجلة، محذرا من أن “الصمت على تراجع ميليشيا الحوثي عن تعهداتها بالسماح لفريق أممي لمعاينة الخزان تمهيدا لتفريغه أمر غير مقبول ولا ينبغي السكوت عنه، فالكارثة ستطول الجميع”. وجاء قبول الحوثيين بالسماح بإجراء التقييمات الفنية لصيانتها نتيجة للضغوط الدولية التي تعرضوا لها إثر نشر تقارير عن المخاطر البيئية المحتملة جراء تسرب النفط الخام من الناقلة.
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد حذّر في وقت سابق من أنّه إذا انفجرت الناقلة فستدمر النظام البيئي للبحر الأحمر وتعطل ممرات شحن رئيسية. وتابع “يجب على الحوثيين السماح بالوصول إلى الناقلة قبل انفجار هذه القنبلة الموقوتة”.
فيما حذّرت ليز غراندي، منسّقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، من أنّ انفجار السفينة سيتسبّب أيضا في كارثة إنسانية لأن النفط سيجعل ميناء الحديدة غير صالح للاستخدام.
ويشكّل ميناء الحديدة شريان حياة رئيسيا تمر عبره المساعدات الإنسانية والمواد الضرورية نحو المناطق الخاضعة لسيطرة المتمرّدين الحوثيين. من جانبه، أكد رئيس مجلس الأمن الدولي السفير الألماني كريستوف هويسغن، الثلاثاء، إن “أعضاء المجلس نفد صبرهم إزاء الوضع الحالي في اليمن الذي لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل”.
