المباني القديمة والمتهالكة قنابل موقوتة تؤرق سكان لبنان

عشرات الآلاف من المباني معرضة للانهيار في لبنان، جراء القدم، وغياب الصيانة، فضلا عن أن العديد منها بني دون احترام لمعايير السلامة.
الاثنين 2024/02/12
تهاون حكومي في معالجة ظاهرة انهيار المباني السكنية

بيروت - عاش سكان منطقة الشويفات في لبنان لحظات من الخوف والرعب الأحد على إثر انهيار مبنى مؤلف من خمسة طوابق، كاد أن يتسبب في كارثة لولا القدر.

ووثقت كاميرات هواتف أهل المنطقة تهاوي البناء وتحوله إلى ركام، على وقع صراخ المتواجدين وتكبيراتهم. وكان السكان اعتقدوا أن هزة أرضية ضربت المكان، فأخلوا المبنى قبل انهياره بدقائق الأمر الذي حال دون وقوع خسائر بشرية.

وتفقد وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية المكان الذي يقع فيه المبنى المنهار، قائلا إنه موجود هناك لمواكبة أوضاع المواطنين والمقيمين في المنطقة. إلى ذلك، طلب الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير من الأهالي والمنكوبين جراء انهيار المبنى الابتعاد عن المكان المحيط به، لترك المجال لأعمال إزالة الردميات.

وتواترت في السنوات الأخيرة ظاهرة انهيار المباني السكنية في لبنان، وسط مناداة السكان والمنظمات الأهلية بضرورة تحرك الحكومة بشكل عاجل لإيجاد حل للمباني القديمة التي تحولت إلى أشبه ما يكون بقنابل موقوتة.

85

في المئة من الأبنية مشيدة منذ أكثر من 80 عاما في منطقة تعرضت لحروب وتضررت أبنيتها

وتقول إحصائيات إن هناك عشرات الآلاف من المباني معرضة للانهيار في لبنان، جراء القدم، وغياب الصيانة، فضلا عن أن العديد منها بني دون احترام لمعايير السلامة. وقد ساهم انفجار مرفأ بيروت في العام 2020، في زيادة الوضع سوءا بالنسبة للمباني المحيطة.

وأعربت الهيئة اللبنانية للعقارات عن أسفها لارتفاع حالات انهيار المباني في مختلف المناطق، وآخرها مبنى صحراء الشويفات، معربة عن قلقها تجاه الظاهرة التي تضاعفت، مذكرة بصرختها منذ سنوات طويلة حول مدى خطورة الأمر.

وحذرت الهيئة من أن هناك أعدادا من المباني بمثابة قنابل موقوتة موزعة على الأراضي اللبنانية كافة بما فيها التي تضررت من جراء انفجار المرفأ، والتي تتراوح ما بين 16 و18 ألف مبنى استنادا إلى إحصاءات من مهندسين وفنيين وبعض البلديات.

وأشارت الهيئة إلى أن 85 في المئة من الأبنية في لبنان مشيدة منذ أكثر من 80 عاما في منطقة تعرضت لحروب وتضررت أبنيتها، بالإضافة إلى وجود لبنان في محور فيلقي معرض للزلازل.

ولفتت إلى أن معظم الأبنية شيد قبل العام 2005 من دون مراعاة لمعايير السلامة العامة والمقاومة للزلازل والكوارث، مشيرة إلى غياب الصيانة الدورية بسبب قوانين الإيجارات القديمة التي أرهقت جيب المالك القديم ببدلات مجانية أجبرته قسرا على عدم الاهتمام بها، بالإضافة إلى غياب دور الدولة والمؤسسات التابعة لها عن القيام بواجبها تجاه المخالفات التي تسبب أضرارا في البنى التحتية والمجارير والأنهر وتصريف المياه بشكل مسؤول وتقني.

وشددت على أن هناك أسبابا أخرى يجب التركيز عليها كانهيار الصخور والجبال وانجرار التربة وعدم ثبات درجات الحرارة والفساد المستشري في الرخص العشوائية والغش في مواد البناء وإنشاء أبنية في أماكن غير مدروسة وغير صالحة للبناء.

ححح

وكان مبنى سكني مؤلف من سبعة طوابق انهار في أكتوبر الماضي في منطقة المنصورية شرقي العاصمة بيروت، وكشف أحد المالكين في المبنى المنهار لإحدى القنوات المحلية أن “المبنى تصدّع بعد انفجار بيروت وتمّ ترميمه بشكل فوري”.

وقبل عام تقريبا، أي في نوفمبر 2022، تُوفيت الطالبة ماغي حمود (16 عاما) في مدينة طرابلس بسبب انهيار جزئي في سقف صفّها الدراسي، في مدرسة الأميركان في طرابس.

ولعل الحادثة الأكثر مأساوية حتى الآن تلك التي جدث في العام 2012، حينما انهار مبنى سكني قديم في منطقة الأشرفية يعود تشييده إلى العام 1976، وأدى إلى مقتل 27 شخصا، هم 11 لبنانيا و12 سودانيا ومصري وأردنيان وفلبينية، إضافة إلى 12 جريحا معظمهم لبنانيون وبينهم جرحى من جنسيات سودانية وفلبينية ومصرية. ولم تظهر الحكومات المتعاقبة في لبنان أي جدية في التعاطي مع انهيار المباني، ومع كل حادثة تقتصر بيانات تعاطف مع المتضررين.

ودعا “تجمع مالكي الأبنية المؤجرة” في بيان الأحد إلى “ضرورة تفعيل القوانين والقيام بالمسح الجدي تفاديا لوقوع ضحايا وإيجاد الحوافز التي ترفع المسؤولية عن المالكين القدامى وتحميلها لكل من استفاد وشارك في إرهاق حق المالك القديم وتقويض حقه بالتصرف ودعمه من أجل الحفاظ على ما تبقى من ملك، وكل ذلك من باب تحرير كافة عقود الإيجارات القديمة دون تأخير أو استثناء”.

وأعرب التجمع عن أمله في أن تكون حادثة الشويفات عبرة لكل من يؤخر في إعادة الحقوق لأصحابها “لأننا أمام مسؤولية تتعلق بالسلامة العامة وسلامة البناء وبكيان واستقرار الإنسان”.

خخ

 

اقرأ أيضا:

       • تحسين الحماية الاجتماعية يعزز العقد الاجتماعي في لبنان

 

2