المال على قدر الخطر: ماكرون ينهي عصر الاقتطاع من الميزانية العسكرية

قانون البرمجة الجديد سيركز على السيادة في الوقت الذي تعتزم فيه فرنسا الحفاظ على موقعها كقوة تحظى بالاحترام وكشريك موثوق به.
السبت 2023/01/21
تغير الأولويات

مون دو مارسان (فرنسا) – وعد الرئيس إيمانويل ماكرون الجمعة القوات الفرنسية بزيادة ميزانيتها لسبع سنوات بنسبة الثلث إلى 400 مليار يورو في إطار قانون البرمجة العسكرية المقبل.

ويظهر هذا القرار تحولا في تعاطي فرنسا مع الاقتطاعات من ميزانية المؤسسة العسكرية، في ظل التحديات التي تعترض النفوذ الفرنسي في أفريقيا، وكذلك متطلبات الحرب في أوكرانيا التي فرضت على باريس المزيد من الالتزامات.

وأعلن ماكرون لدى تقديم تمنياته للقوات الفرنسية بمناسبة العام الجديد في قاعدة مون دو مارسان الجوية بجنوب غرب فرنسا أن “قانون البرمجة العسكرية يعبر عن جهود البلد من أجل جيوشه”، و”هذه الجهود ستكون متناسبة مع المخاطر، أي أنها ستكون كبيرة”.

وأكد تخصيص 413 مليار يورو لهذه القوات، وذلك للفترة الممتدة بين 2024 و2030، مع الأخذ بإيرادات من خارج الميزانية.

وقال الرئيس الفرنسي في كلمة ألقاها أمام حضور من كبار الضباط “يجب أن نكون متقدّمين بحرب” حتى “نكون مهيّئين لنزاعات أكثر ضراوة وأكبر عددا وأكثر إشكالية في آن واحد”.

وكان القانون الجديد موضع ترقب كبير بعدما كشفت الحرب في أوكرانيا عن ثغرات في الجهاز العسكري الفرنسي. وتضاف إلى ذلك المخاطر التي تواجهها فرنسا في أفريقيا بسبب تعقيدات الحرب على الإرهاب، وتحديات تمدد مجموعة فاغنر الروسية في مواقع النفوذ الفرنسي.

وسيشكل القانون استمرارا للمجهود المالي الضخم المبذول لتعزيز قطاع الدفاع بعد قانون البرمجة العسكرية لفترة 2019 – 2025 الذي بلغ 295 مليار يورو ووضع حدا لسنوات من الاقتطاع من ميزانية القوات المسلحة.

ومن المتوقع أن يتم طرح قانون البرمجة العسكرية، الذي ستُخفّض قيمته بفعل التضخم والارتفاع الحاد في كلفة الطاقة، على البرلمان للتصويت عليه حينما يحل فصل الصيف.

وأكد ماكرون أنه “بعد إصلاح الجيوش، سنقوم بتحويلها”. وقال “علينا القيام بأداء أفضل ومختلف”، داعيا إلى “منح الأولوية لسرعة التحرك وزيادة القوة، لأنّنا لن نختار النزاعات التي سيتحتم علينا خوضها”.

القانون الجديد كان مثار ترقب كبير بعدما كشفت حرب أوكرانيا والتطورات في أفريقيا عن ثغرات في الجهاز العسكري الفرنسي

وسيركز قانون البرمجة الجديد على السيادة في الوقت الذي تعتزم فيه فرنسا الحفاظ على موقعها كقوة تحظى بالاحترام وكشريك موثوق به.

وستواصل فرنسا جهودها في تحديث قوة الردع النووي التي خصصت لها اعتمادات دفع بقيمة 5.6 مليار يورو لعام 2023. كما أن القدرات السيبريّة “ستُعَزّز بشكل ملحوظ جدا” لمنح فرنسا قوة “من الطراز الأول” في هذا المجال.

وأفاد ماكرون بأنه ستتم زيادة في الميزانية المخصصة للاستخبارات العسكرية بنسبة تقارب 60 في المئة، مشيرا بصورة خاصة إلى مضاعفة ميزانيتيْ مديرية الاستخبارات العسكرية ومديرية الاستخبارات والأمن الدفاعي. كما ستخصص استثمارات إضافية على صعيد التجهيزات والعديد من مقاطعات ما وراء البحار.

وأعلن قصر الإليزيه أن فرنسا يجب أن “تمتلك قوات سياديّة معززة لتتمكن من مواجهة كل من يسعى لمهاجمة مصالحنا” ولاسيما في منطقة آسيا والمحيط الهادئ حيث تثير مطامع الصين التوسعيّة مخاوف.

كما تسعى الميزانية المقبلة للتكيّف مع مخاطر نشوب نزاع كبير بين الدول يكون “شديد الحدة”. وشددت الرئاسة على أنه “يتحتم علينا جميعا القيام بمراجعة داخلية في ضوء (حرب) أوكرانيا”.

 

Thumbnail

في المقابل، نبه قصر الإليزيه إلى أنه من غير الوارد نسخ الحاجات الفرنسية على صعيد القدرات عن حاجات أوكرانيا.

وأوضح في هذا الصدد أن “فرنسا ليست أوكرانيا، ليست لديها المصالح الأمنية ذاتها ولا حدود مع روسيا، نملك السلاح النووي وننتمي إلى الاتحاد الأوروبي وإلى حلف شمال الأطلسي”.

في المقابل، يجب أن تكون فرنسا قادرة على التحرك في إطار أوروبي سواء بمشاركة الحلف الأطلسي أو دون مشاركته، وهو ما يفترض القدرة على نشر قوة عسكرية من عشرين ألف عنصر.

كذلك يتحتم سدّ الثغرات على صعيد المسيّرات و”الذخائر المتسكّعة” مثل الطائرات دون طيار المفخخة، والاستثمار في المجال الكمّي والذكاء الاصطناعي. كما ذكر ماكرون أن فرنسا ستعزز قدراتها في مجال الدفاع الجوي بنسبة 50 في المئة.

وعملا بهدف ماكرون القاضي بتطوير “اقتصاد حرب”، ينص قانون البرمجة العسكرية على هدف يقضي بإقامة “دورات إنتاج مُثلى لتلبية حاجات القوات المسلحة” سواء على صعيد الذخائر أو “للاستجابة سريعا لتطلعات شريك” مثل أوكرانيا، حسب توضيح الرئاسة.

وحرصا منه على تعزيز “القوة المعنوية” للبلاد، يعتزم ماكرون أخيرا مضاعفة عدد جنود الاحتياط البالغ حاليا أربعين ألفا.

1