المالكي يقود جهود إقرار الموازنة العراقية في حملة انتخابية مبكرة

بغداد - أعلن النائب عن ائتلاف دولة القانون بالبرلمان العراقي ياسر المالكي، اليوم الإثنين، أنه تم جمع توقيعات نواب الائتلاف لتحديد جلسة التصويت على الموازنة العامة للعام الجاري 2023، في مؤشر جديد على أن أطرافا في الإطار التنسيقي يبدو أنها استطاعت سحب ورقة الموازنة من يد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني لتستخدمها في الدعاية الانتخابية المبكرة لمجالس المحافظات المقرر إجراؤها في السادس من نوفمبر المقبل.
وقال المالكي عبر حسابه على تويتر "بعد جهود حثيثة تم جمع تواقيع نواب ائتلاف دولة القانون لتحديد جلسة التصويت على الموازنة العامة لعام 2023 خلال اليومين القادمين".
ويواجه إقرار الموازنة الذي كان من المفترض أن يجري في أجل لا يتجاوز نهاية مايو المنقضي عثرات بسبب اقتراحات من "إطاريين" داخل اللجنة المالية البرلمانية بشأن كردستان وصفتها الأخيرة بـ"المؤامرة".
وكان الاتفاق بين حكومتي كردستان وبغداد قد نص على تصدير الإقليم 400 ألف برميل يوميا عبر شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، على أن توضع عائدات هذه الكميات من النفط في أحد البنوك بكردستان العراق، حيث يملك شخص واحد الحق في التصرف فيها وهو رئيس حكومة الإقليم بإشراف لجنة مشتركة من الحكومة الاتحادية وحكومة كردستان.
لكن التعديلات الأخيرة التي أدخلتها اللجنة المالية قضت أولا بأن يتم إنتاج تلك الحصة من النفط وليس تصديرها، كما شددت على أن تودع الأموال في حساب بالبنك المركزي، وتتولى وزارة المالية في الحكومة الاتحادية السماح لرئيس كردستان أو من يخوله بأخذ استحقاقات الإقليم. ومن بين التعديلات الأخرى التي تتعارض أيضا مع الاتفاق السياسي الذي جرى التوقيع عليه بين قوى ائتلاف إدارة الدولة، إلزام حكومة الإقليم بدفع جزء من الرواتب المستحقة لموظفي كردستان.
وقد أثارت تلك التعديلات غضب القوى الكردية التي سارعت إلى إعلان رفضها، معتبرة أن التغييرات هي انقلاب على جميع الاتفاقات التي جرت مع بغداد. واتهمت قيادات في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتولى إدارة الإقليم، بعض القوى السياسية من داخل الإطار بوضع هذه التعديلات بغية عرقلة تمرير الموازنة، وبالتالي إفشال مهمة السوداني.
ومرّ أكثر من أسبوع وأعمال اللجنة معلقة بينما يرّوج الإطار التنسيقي إلى قرب استئناف الاجتماعات.
بالمقابل يستمر سكوت رئيس الوزراء العراقي على التطورات الأخيرة في وقت ظهرت فيه إشارات من الجانب الكردي اعتبرت ايجابية بشأن الأزمة.
وكانت الاتفاقية التي عقدت بين السوداني وحكومة الاقليم في أبريل الماضي، أطلق عليها اسم "الحل الشامل" وأيدها الإطار التنسيقي بالبداية قبل ان ينقلب عليها، بحسب مراقبين.
وترى مصادر سياسية أن الأزمة الأخيرة كانت في صالح أطراف من الإطار التنسيقي متخوفة من تحول الموازنة إلى أداة بيد رئيس الحكومة للترويج للانتخابات.
وبدلا من ذلك، وفق ما تقول مصادر سياسية تحدثت لوسائل إعلام محلية إن "الإطار التنسيقي راح هو يستخدم الموازنة في الترويج لانتخابات مجالس المحافظات المقررة في نوفمبر المقبل".
وقال نوري المالكي زعيم دولة القانون إن العراق مقبل على حملة خدمات وإعمار كبرى، وإن موعد إقرار الموازنة بات قريبا جدا. عقب لقاء مع أحد السفراء الأوروبيين في بغداد السبت.
إلى ذلك قال زعيم العصائب قيس الخزعلي إن قانون الموازنة قد تضمَّن "أموالاً إضافيةً خاصةً بالمحافظات الأشدّ حرماناً"، خلال استقباله وفدا من شيوخ محافظة المثنى السبت.
وذهبت العصائب التي كانت حتى وقت قريب تعتبر حليف السوداني، إلى أبعد من ذلك في انتقاد خطوات رئيس الحكومة.
واعتبر النائب عن العصائب حسن سالم، مضي الحكومة في تنفيذ مشروع القناة الجافة بأنه "قتل للتنمية"، وفق بيان عن مكتبه.
وكان سالم قد هاجم المشروع الذي يعرف باسم "طريق التنمية" بعدة تغريدات سابقة على تويتر ومقابلات تلفزيونية، وقال في احدى التغريدات بأن المشروع "وصمة عار" في تاريخ العراق.
وفي لقاء على محطة محلية أكد النائب عن العصائب أن "تكلفة المشروع 30 مليار دولار وليس كما تقول الحكومة 17 مليار دولار".
وتساءل سالم عن مصدر تمويل المشروع والموازنة فيها عجز بأكثر من 60 تريليون دينار، كما حذر من أن "اعطاء المشروع للاستثمار السعودي.. سيكون احتلالا".
وبدأت الانتقادات من "الإطار التنسيقي" لرئيس الحكومة العراقي حين قرر إرسال موازنة لـ3 سنوات مقبلة ما دفع للشك بنوايا الأخير وإمكانية استخدام الأموال في الدعاية، ثم تطور الخلاف داخل التحالف الشيعي، وفق مراقبين، إلى إحراج السوداني بشأن الاتفاقية مع أربيل ووضع اقتراحات مفاجئة قبل يومين من موعد تمرير الموازنة.
وكانت عضوة اللجنة المالية إخلاص الدليمي قالت في وقت سابق إن السوداني اعترض على كل الفقرات التي تم تعديلها في مشروع قانون الموازنة من قبل اللجنة.
وحتى الآن يلتزم رئيس الحكومة الصمت عن الأزمة الأخيرة رغم أنه كان حاضرا في الاجتماع الاخير للإطار التنسيقي حول الأزمة.
وتحدثت رئاسة مجلس النواب عن إمكانية عقد جلسة لتمرير قانون الموازنة خلال الأسبوع الحالي، لافتة إلى أن الخلافات مع إقليم كردستان في طريقها إلى الحل عبر اللجان التفاوضية.
وقال النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي في تصريحات صحافية، إن "مشروع قانون الموازنة سوف يعرض للتصويت خلال الأسبوع الحالي".
وتابع المندلاوي أن "هناك بعض الخلافات مع إقليم كردستان، لكن سيتم حلها عبر الحوارات".
وأشار إلى أن "الاجتماعات بين اللجان التفاوضية لم تنته لغاية الوقت الحالي، ومن المؤمل أن تصل إلى نتائج في وقت قريب".
وذكر المندلاوي أن "أرقام العجز الواردة في المشروع الحكومي ستبقى كما هي، لكن البرلمان يعد العراقيين بأن سوف يصوت على قانون يتضمن منهاج خدمي يلبي الطموح".
وتأتي هذه التصريحات في وقت أكدت مصادر مطلعة بأن اتفاقاً حصل داخل تحالف إدارة الدولة الذي يضم عددا من الكتل أبرزها الإطار التنسيقي وكتلة السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني على تمرير الموازنة منتصف الأسبوع الحالي.
لكن عضو اللجنة المالية ثامر ذبيان الحمداني، أكد أن "عمل اللجنة معلق بسبب المواد المتعلقة بإقليم كردستان"، مبينا أنه "ولحد الآن لم يتم التوصل إلى اتفاق".
وأشار الحمداني إلى "السعي لوضع بنود في الموازنة تحفظ حقوق شعب إقليم كردستان والمحافظات الاخرى، وأن لا يكون هنالك خلاف أو اختلاف مستقبلا وتمضي الأمور وفق سياق واضح بدون اشكاليات متكررة".
لكن النائب الثاني لرئيس اللجنة اخلاص الدليمي، أكدت أن "رئيس مجلس الوزراء غير راض على التعديلات التي أجرتها اللجنة المالية على القانون، خلافا لإرادة الاتفاق السياسي بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان".
وفي مقابل ذلك، ذكر عضو اللجنة الآخر مصطفى الكرعاوي أن "اللجنة تحتاج إلى اجتماع واحد من أجل إنجاز عملية المناقلة ودعم القطاعات الحكومية التي كانت تعاني من نقص في التخصيصات".
وتابع الكرعاوي أن "الخلاف مع إقليم كردستان هو المعرقل الأبرز لتمرير الموازنة في الوقت الراهن".
والسبت الماضي، طالب نائب رئيس البرلمان العراقي، شاخوان عبدالله، بتعليق أعمال اللجنة المالية النيابية، لحين تصويب عدد أعضاء اللجنة وفق النظام الداخلي.
ويأتي هذا بينما يوافق التاسع من يونيو الحالي اليوم الأخير من الفصل الأول للسنة الثانية من الدورة الحالية لمجلس النواب العراقي، بعد تمديده شهرا من جانب رئاسة المجلس بهدف المصادقة على مشروع قانون الموازنة.
ويقضي الدستور العراقي بأن لا ينتهي الفصل التشريعي الذي يعرض عليه مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية ما لم تتم المصادقة على مشروع القانون.