المالكي يصعّد ضد الصدر: لا داعي للحديث عن حل البرلمان

بغداد – عاد القيادي البارز في الإطار التنسيقي الشيعي رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي إلى تصعيد خطابه مجددا ضد التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، من خلال دعوته إلى المضي بتشكيل الحكومة الجديدة، واستئناف عمل البرلمان، معتبرا أنه لم يعد هناك داع للحديث عن حله، وسط تحذير من زعيم كتلة "النصر" ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي من "أن مسارا يقوم على كسر الإرادة سيكون وبالا على الشعب والدولة".
ويؤكد خطاب المالكي التصعيدي ضد التيار الصدري، والذي جاء في ساعة متأخرة من ليل الأحد، مرة أخرى حدة التباينات الموجودة داخل قوى الإطار التنسيقي من الأزمة، كما يعزز أيضا المخاوف من عودة التصعيد المقابل من قبل التيار، على الرغم من دعوات التهدئة وخفض حدة الخطابات السياسية في العراق بين مختلف أطراف الأزمة.
وقال المالكي عبر حسابه على تويتر إن "القضاء حكم بعدم جواز حلّ البرلمان، وهذا يعني ألا انتخابات مبكرة إلا بعد استئناف مجلس النواب جلساته، وتشكيل حكومة جديدة مكتملة الصلاحية".
وأوضح أن "القوى السياسية أبدت موقفها الداعم لقرار القضاء، وأعلنت رفض حلّ البرلمان والانتخابات المبكرة المقترحة، وهذا يعني ألا داعي بعد للحديث في هذا الموضوع المحسوم دستوريا وقضائيا وسياسيا، ويجب مغادرته"، في إشارة واضحة إلى مقتدى الصدر وقيادات في تياره أكدوا التزامهم بمطلب حلّ البرلمان، وإجراء انتخابات جديدة كطريق وحيد للخروج من الأزمة السياسية.
ودعا المالكي في بيانه إلى ما وصفه بـ"تكريس الكلام والجهود حول كيفية تفعيل البرلمان، والإسراع في تشكيل حكومة ائتلافية لتحقيق أفضل الخدمات والاستقرار السياسي والأمني".
وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد ردت الأربعاء الماضي دعوى بحل البرلمان رفعها التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، موضحة أنها ليست من اختصاصها، وإنما من اختصاص البرلمان نفسه أو رئيسي الجمهورية والحكومة، موجهة لوما لتجاوزه على توقيتات الاستحقاقات الدستورية.
وأوضحت أن "الجزاء الذي يُفرض على مجلس النواب لعدم قيامه بواجباته الدستورية هو حل المجلس عند وجود مبرراته".. منوهة بأن "دستور جمهورية العراق لعام 2005 قد رسم الآلية الدستورية لحل مجلس النواب وفقا لأحكام المادة (64/ أولا) منه".
وجاء موقف المالكي التصعيدي ضد الصدر بعد ساعات على تأكيد تحالف "السيادة"، الممثل السياسي عن السنة في العراق، والحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني، في بيان مشترك، ضرورة إجراء انتخابات مبكرة يسبقها تشكيل حكومة بصلاحيات كاملة.
بيان المالكي قابله ردّ من داخل تحالفه، عبر حيدر العبادي، الذي حذر من "أي مسار يقوم على كسر الإرادة"، في إشارة إلى مساعي إرضاخ الصدريين ودفعهم إلى القبول بالأمر الواقع.
وأضاف العبادي أن "أي مسار يقوم على كسر الإرادة، سيكون وبالا على الشعب والدولة"، داعيا في تغريدة له إلى "اتفاق سياسي يفضي إلى اعتبار المرحلة الراهنة انتقالية، تبدأ بتشكيل حكومة وتنتهي بحلّ البرلمان وإجراءات انتخابات مبكرة"، قائلا "مصالح الشعب واستقرار الدولة أعلى وأغلى من أي مصلحة حزبية أو فئوية".
ويستبعد مراقبون أن يرد الصدر على بيان المالكي في الحين بسبب انشغاله بمراسم الزيارة الأربعينية الجارية حاليا في النجف وكربلاء، لكن لا يمنع ذلك من صدور مواقف من داخل تياره، وخصوصا ممن يعرف بـ"وزير القائد" محمد صالح العراقي.
وازدرى القيادي في التيار الصدري صباح الساعدي الاثنين من بيان المالكي، قائلا عبر حسابه على تويتر "هناك بعض التغريدات كأنها جزء من التسريبات تكتبها عقلية المؤامرات"، مضيفا "حرام أن يقال لها كلمات فهي أشبه بحروف زائدات".
وأثنى الساعدي على التغريدات التي يطلقها زعيم التيار الصدري، قائلا إن "هناك بعض التغريدات تُسقط وتغير حكومات تُحدث أقوى المفاجآت".
وأضاف أنها "كلمات تهُز عروش الطغاة ترتقبها الدول والمنظمات تخضع لمجهر الدراسات".
ويرفض التيار الصدري أي محاولة لتهميشه من المشهد السياسي، ويعتبر أن مسألة حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة مفصلية ورئيسية بالنسبة إليه، لكن بعد أن خذله حليفاه، من غير المستبعد أن يلجأ إلى سيناريوهات أخرى من شأنها أن تطيل عمر الأزمة العراقية التي اقتربت من العام.
وظهر الخلاف حول حل البرلمان فيما تسعى قوى الإطار الشيعي المقربة من إيران إلى عقد جلسة برلمانية بعد انتهاء مراسم أربعينية الإمام الحسين الجمعة المقبل، لانتخاب رئيس للبلاد مع ترشيح شخصية تتولى تشكيل حكومة جديدة.
وأكد الباحث بالشأن السياسي العراقي مهند الجنابي أن المالكي يطمح لتشكيل حكومة بعمر أربع سنوات، وقال في تغريدة له "الانتخابات المبكرة عند المالكي هي مقترح، وليست قرارا نهائيا بعد تشكيل الحكومة المقترحة، وأن سياسة فرض الأمر الواقع لديه لا تتوقف عند تشكيل الحكومة فقط، إنما تمتد إلى الطموح بحكومة عمرها أربع سنوات"، مؤكدا أن "قوى الإطار تصر على الرهان الخاسر أمام إرادة الجماهير وقوى الاحتجاج".
ويجري ذلك وسط تصاعد المخاوف من تجدّد التصعيد بين القوى المتخاصمة في العراق، التيار الصدري والإطار التنسيقي، وسط مناشدات للبحث عن مبادرة للتهدئة، قبل خروج الأزمة عن السيطرة.
ويشهد العراق أزمة سياسية خطيرة منذ الانتخابات المبكرة التي جرت في أكتوبر 2021 وفاز فيها التيار الصدري بزعامة الصدر، وشهدت خسارة قاسية للقوى الموالية لإيران التي لجأت إلى عرقلة انعقاد جلسات البرلمان لانتخاب رئيس للبلاد يرشح رئيسا لحكومة جديدة، ما أدى إلى تصاعد الخلافات بين الجانبين وتفجرها عنفا بين مسلحيهما في اشتباكات دامية شهدتها المنطقة الخضراء وسط العاصمة يومي التاسع والعشرين والثلاثين من الشهر الماضي، أوقعت 30 قتيلا، إضافة إلى 700 مصاب غالبيتهم من القوات الأمنية.