المالكي يحمل تركيا حفظ الأمن في سوريا تحسبا من ارتدادات على العرق

بغداد – ما تزال تبعات سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد تتوالى، وتلقي بظلالها على دول المنطقة وخصوصا العراق، الذي بات يخشى من ارتدادات تلك الأحداث على أراضيه، بعد تراجع دور اللاعب الإيراني بفعل الخسارات التي تلقاها، مقابل صعود نظيره التركي، المستفيد الأكبر مما يجري في سوريا.
وفي هذا السياق، حذر رئيس الوزراء العراقي الأسبق رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، من تداعيات الأوضاع في سوريا على أمن المنطقة، مشيرا إلى ضرورة التنسيق والتعاون بين دول الجوار لمنع تأثيرات الأوضاع هناك على الاستقرار الإقليمي.
وذكر مكتب المالكي في بيان، أن الأخير استقبل بمكتبه الثلاثاء سفير تركيا لدى العراق أنيل بورا إنان، وجرى خلال اللقاء بحث مستجدات الاوضاع السياسية والأمنية في البلاد، كما تم استعراض آخر التطورات على الساحتين العربية والدولية، لاسيما الأحداث الحاصلة في سوريا ودور القوى الإقليمية والدولية في الحفاظ على استقرار المنطقة.
وأوضح المالكي، بحسب البيان، أن المتغيرات الجارية في سوريا تستدعي من دول المنطقة الحوار والتعاون وتنسيق المواقف من اجل تعزيز الأمن ومنع حصول اي تداعيات قد تضر بأمن المنطقة".
وتمكّنت فصائل معارضة بقيادة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) بعد هجوم خاطف استمرّ 11 يوما، من دخول دمشق في 8 ديسمبر، وإنهاء حكم عائلة الأسد الذي استمرّ أكثر من نصف قرن.
ويسعى حكام البلاد الجدد إلى إبقاء مؤسسات البلاد قيد التشغيل، والأربعاء شارك 43 شخصا في رحلة جوية داخلية من دمشق إلى حلب هي الأولى منذ سقوط النظام السابق.
وتبدي إسرائيل موقفا متحفظا تجاه السلطات الجديدة في سوريا، وقد عقد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الثلاثاء اجتماعا أمنيا على جبل الشيخ في الجولان السوري المحتل، بعدما سيطرت إسرائيل على منطقة عازلة تراقبها الأمم المتحدة تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية.
ويقصف الجيش الإسرائيلي بعنف منذ الثامن من ديسمبر المواقع العسكرية السورية.
وأكد بيان المالكي "استنكار العراق لاعتداءات اسرائيل وتمددها على الاراضي السورية وسط صمت الجميع".
وقال المالكي "نحن نحترم خيارات الشعب السوري، في العمل على تشكيل حكومة شاملة تعكس إرادة جميع مكونات الشعب، لكن يجب الحذر من استغلال القوى الارهابية للأوضاع هناك وانعكاس ذلك سلبا على العراق وباقي دول الجوار".
وحمل رئيس ائتلاف دولة القانون "تركيا المسؤولية الكبيرة في حفظ الأمن واستعادة سوريا لسيادتها ووحدتها".
من جانبه أكد السفير التركي، أن "بلاده تأمل بأن تتمكن سوريا من تشكيل حكومة تلبي جميع طموحات الشعب السوري"، مشيراً إلى الدور المحوري للعراق في المنطقة، وأهمية التشاور معه في التطورات الراهنة".
وتأتي تصريحات المالكي في ظل مخاوف سياسية من حصول انقلاب عسكري في العراق، ومن عودة سيناريو أواسط العام 2014 عندما تمكن تنظيم داعش من السيطرة على مناطق تقدر بثلث البلاد على خلفية امتداد الصراع في سوريا بين النظام والفصائل المعارضة في السنوات الماضية.
وقامت القوات العراقية بتعزيز قواتها في الشريط الحدودي مع سوريا بعد أن تراجع الجيش السوري أمام المجاميع المسلحة حتى تمكنت من إسقاط النظام في غضون أيام معدودة.
وكان القيادي في تيار القسم الوطني المنضوي في ائتلاف دولة القانون عبدالرحمن الجزائري قد أكد السبت أن هناك خشية سياسية "حقيقية" من حصول انقلاب عسكري في العراق.
وأوضح الجزائري أن هذه المخاوف جاءت بعد إسقاط نظام بشار الأسد في سوريا من قبل الفصائل المسلحة المعارضة.
وذكر الجزائري أن "الانقلابات العسكرية في العراق واردة والإطار التنسيقي والحكومة العراقية لديها استشعار من خطورة هذا الأمر وهناك خشية من ذلك فالوضع لا يتحمل في العراق والمنطقة".
وأضاف أن "هناك مشاكل سياسية في العراق مختلفة ما بين المكونات وهذا الخلاف ربما يكون دافعا لإثارة أي مشكلة في المرحلة المقبلة".
وتابع الجزائري "نتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة إصلاحات سياسية حقيقية من قبل الإطار التنسيقي وعموم ائتلاف إدارة الدولة الحاكم حاليا".
ولايزال مصير نحو ألفي مقاتل سوري فار من المعارضة السورية، مجهولا بعد أن تم السماح العراق بدخولهم لتلقي العلاج في مستشفى القائم بالاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وبموافقة القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
كما يثير بقاء عائلات مسلحي تنظيم داعش في مخيم الهول، مخاوف داخلية وإقليمية من وصول التنظيم إلى المخيم وتهديد الأمن والاستقرار في سوريا.
وتحتضن مدينة الهول التابعة لمحافظة الحسكة، شمال سوريا، مخيم الهول وهو أحد أكبر المخيمات باحتضانه نحو 40 ألف نازح من 42 جنسية مختلفة، من بينهم عائلات مسلحي تنظيم داعش العراقيين والسوريين والأجانب.
ويرى مراقبون أن العراق في وسط هذه المعادلة المعقدة الجديدة، بات الحلقة الأضعف والأرض الرخوة التالية، لذلك فإنه من غير المستبعد أن تعيد بغداد النظر في طلبها السابق من التحالف الدولي والولايات المتحدة بالانسحاب، وستطالب بإعادة انتشار قواتها على الأراضي العراقية.