المئات من الأفغان يتظاهرون في كابول للمطالبة باسترجاع الأموال المجمدة

طالب محتجون أفغان برفع القيود عن الأموال المجمّدة لبلادهم في الخارج بعد استيلاء حركة طالبان على السلطة في أفغانستان، بالتزامن مع اشتداد الأزمة الاقتصادية والمالية في البلاد، حيث يواجه الملايين من السكان الجوع مع دخول فصل الشتاء.
كابول - تظاهر المئات من الأفغان الثلاثاء في كابول للمطالبة بتحرير الأصول الأفغانية التي جمدتها الدول الغربية، بعد استيلاء حركة طالبان على السلطة منتصف أغسطس الماضي، في وقت يعاني فيه هذا البلد المحروم من المساعدات الدولية من أزمة اقتصادية ومعيشية.
وتجمّع نحو مئتي شخص في ساحة وسط العاصمة الأفغانية رافعين لافتات بالإنجليزية والبشتونية، كتب عليها “دعونا نأكل” و”أعيدوا أموالنا المجمدة”، وسط انتشار أمني كبير لعناصر من الحركة الإسلامية التي سمحت بالتظاهرة.
وقال شفيق أحمد رحيمي (28 عاما)، أحد منظمي المسيرة، لوكالة فرانس برس “مطلبنا الرئيسي هو أن تحرر الولايات المتحدة أصولنا في أسرع وقت، هذه ثروة الشعب الأفغاني”.
وأضاف “النتيجة الوحيدة لتجميد هذه الأصول هو تجويع الشعب”، متابعا “نطلب من الإمارة الإسلامية القبول بكل المطالب المشروعة للأسرة الدولية”.
ومنذ سقوط الحكومة الأفغانية السابقة التي كانت مدعومة من الولايات المتحدة وحلفائها، أوقفت الدول الغربية إرسال المساعدات التي كانت تسمح للبلاد بالاستمرار، ما أثار أزمة اقتصادية خانقة.
ويطالب المجتمع الدولي حركة طالبان باحترام حقوق الإنسان، خصوصا في ما يتعلق بحقوق المرأة، مع رفع القيود عن عملها وتعليم الفتيات.
وحذرت الأمم المتحدة من أن أفغانستان باتت على شفير إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، فيما أعرب برنامج الأغذية العالمي الأسبوع الماضي عن خشيته من وقوع مجاعة.
منذ سقوط الحكومة الأفغانية السابقة أوقفت الدول الغربية إرسال المساعدات، ما أثار أزمة اقتصادية خانقة
ومساء الاثنين، قدمت الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يسهّل توفير المساعدة لأفغانستان مدة سنة، مشددة على أن هذه المساعدة “لا تشكل انتهاكا” لقرار فرض عقوبات على كيانات مرتبطة بحركة طالبان.
ونشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا للصحافي جيف شتاين، قال فيه إن أكثر من أربعين من أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين دعوا الاثنين وزيرة الخزانة جانيت يلين إلى إلغاء تجميد احتياطيات البنك المركزي الأفغاني، والتي استولت عليها الإدارة بعد سيطرة طالبان على البلاد هذا الصيف.
وفي رسالة إلى كل من يلين والرئيس جو بايدن، قالت مجموعة المشرعين إن الفشل في تخفيف القيود الدولية المفروضة على النظام المصرفي في أفغانستان يهدد بخلق “ألم اقتصادي وانهيار إنساني”، حيث تتصاعد المخاوف من أن الاقتصاد المنهار سيحفز أزمة جديدة للاجئين والجوع.
وجمّدت إدارة بايدن في أغسطس الماضي أغلبية أصول الحكومة المركزية الأفغانية البالغة 9.4 مليار دولار، معظمها في حسابات بنكية أميركية، بعد سيطرة طالبان على كابول والبلاد.
وقالت إدارة بايدن إن الاعتراف، والإفراج عن الأموال، لن يأتي حتى تشكل طالبان حكومة “شاملة”، وتضمن حقوق الأقليات والنساء والفتيات، بما في ذلك التعليم الكامل للإناث، وقطع جميع العلاقات مع الجماعات الإرهابية، بما في ذلك القاعدة التي تهدد أميركا، وتنهي كل الأعمال الانتقامية ضد الأفغان.
الدول السبع والخمسون الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي تعهدت بالعمل مع الأمم المتحدة لتحرير أصول أفغانية بمئات الملايين من الدولارات
وانحدر اقتصاد البلاد ونظامها المالي بشكل متزايد إلى شفا الانهيار في الأسابيع الأخيرة، وتفاقم ذلك بسبب الجفاف المدمر والوباء والانسحاب المفاجئ لواشنطن والمساعدات الخارجية الأخرى التي كانت تتدفق على البلاد خلال الحرب، وفقدت العملة الأفغانية ما يقرب من 12 في المئة من قيمتها مقابل الدولار.
وحذرت الأمم المتحدة من أن النظام المصرفي في البلاد معرض لخطر الفشل “الهائل”، الذي قد يؤدي إلى انكماش الاقتصاد الأفغاني بنسبة 30 في المئة.
وقدّرت اليونيسف أن ما يصل إلى مليون طفل يمكن أن يموتوا من “سوء التغذية الحاد الوخيم” مع تدهور اقتصاد البلاد.
وحثت بعض المنظمات الدولية واشنطن على توسيع المساعدات الإنسانية مثل الغذاء والمساعدات الطبية، لكن الرسالة من أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين تقول إن هذه الإجراءات من غير المرجح أن تكون كافية لعلاج الاقتصاد المتدهور.
كما أدت العقوبات الأميركية على طالبان إلى عزل البلاد عن النظام المالي الدولي، على الرغم من أن وزارة الخزانة وافقت على بعض الإعفاءات لتسهيل المساعدة الدولية.
وقال المشرعون في الخطاب، بقيادة النواب براميلا جايابال (ديمقراطية – ولاية واشنطن)، وتشوي غارسيا (ديمقراطي – إلينوي) وسارا جاكوبس (ديمقراطية – كاليفورنيا) “إن الإبقاء على هذه السياسة، قد يتسبب في وفيات بين المدنيين في العام المقبل أكثر من الخسائر في الأرواح على مدى عشرين عاما من الحرب”.

وأشارت الرسالة إلى دعم من غرفة التجارة والاستثمار الأفغانية واتحاد البنوك الأفغانية، بالإضافة إلى أعضاء البنك المركزي الأفغاني.
وقال مسؤول بوزارة الخزانة الأميركية في بيان إن بلاده هي أكبر مصدر في العالم للمساعدات الإنسانية لأفغانستان، وإن الإدارة تبحث عن طرق أخرى للمساعدة، مشيرا إلى التراخيص التي وافقت عليها للمساعدة في تدفق المساعدات الدولية إلى أفغانستان.
وقال بيان الخزانة إن المشاكل المالية الصعبة في أفغانستان لن تحل بالضرورة عن طريق الإفراج عن الأموال.
كما أثار بيان الخزانة احتمال أن تستخدم طالبان التمويل لأشياء أخرى غير المساعدات الإنسانية. وقال مسؤول بمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض إن الأمر يخضع للمراجعة بالتعاون مع حلفاء دوليين آخرين يمتلكون جزءا من الاحتياطيات الأفغانية، مضيفا أنه لم تعترف أي دولة رسميا حتى الآن بطالبان.
وكانت الصين وروسيا والهند وفرنسا رفضت مشروع قرار أميركي أول ينص على استثناءات من العقوبات حالة بحالة.
وأثار الوضع في أفغانستان، حيث يواجه الملايين الجوع مع دخول فصل الشتاء، قلقا متزايدا، غير أن المجتمع الدولي واجه صعوبة في تنسيق استجابته في ضوء الرفض الغربي لمساعدة حكومة طالبان التي استولت على السلطة في أغسطس الماضي.
والأحد، تعهدت الدول السبع والخمسون الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بالعمل مع الأمم المتحدة لتحرير أصول أفغانية بمئات الملايين من الدولارات.
وأعلن وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة عن الاتفاق على إنشاء صندوق إغاثة إنساني لأفغانستان، من أجل معالجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد، والتي جعلت الملايين عرضة للمجاعة خلال فصل الشتاء.
ووفقا للمنظمين، سيُنشأ الصندوق في إطار البنك الإسلامي للتنمية لتوجيه المساعدات إلى أفغانستان بالتنسيق مع أطراف أخرى.