المؤرخ عمر بوم: استخدام القصص المصورة ضرورة لتوارث التاريخ عبر الأجيال

"الرقاص الأخير" سيرة ذاتية عائلية وإعادة سرد لأحداث تاريخية من وجهة نظر قروي بسيط ينحدر من جنوب المغرب.
السبت 2024/05/18
التاريخ المغربي في كتاب

الرباط– يسلط المؤرخ الأنثروبولوجي المغربي عمر بوم المقيم بالولايات المتحدة وعضو أكاديمية المملكة المغربية، الضوء على رهانات التوارث بين الأجيال في عمله الجديد بعنوان “الرقاص الأخير”، وهي سيرة ساعي بريد حمل الرسائل سيرا على الأقدام جنوب المغرب.

وفي هذا العمل، الذي صدر بثلاث لغات (العربية والفرنسية والإنجليزية) والذي قدم الجمعة في إطار الدورة 29 لمعرض الرباط الدولي للنشر والكتاب، يرصد المؤلف حياة والده الراحل فراجي بن لحسن بن بورحيم بن بوم الذي كان، على الأرجح، آخر الرقاصين المغاربة، وهم سعاة البريد الذين كانوا يحملون الرسائل مشيا على الأقدام قبل ظهور مكتب البريد.

حكاية ساعي بريد عاش التاريخ المغربي من ثلاثينيات القرن العشرين حتى عام 1975
حكاية ساعي بريد عاش التاريخ المغربي من ثلاثينيات القرن العشرين حتى عام 1975

يقول المؤرخ مقدما كتابه إن “المؤلف عبارة عن سيرة ذاتية عائلية وإعادة سرد لأحداث تاريخية من وجهة نظر قروي بسيط ينحدر من جنوب شرق المغرب. ومع مجدولين، ابنتي، التي أرفقت المؤلف برسومات تصويرية، نستخدم الصوت الإثنوغرافي لفراجي – والدي وجدها – لنحكي تاريخا محليا تم السكوت عنه أو إهماله، ليصبح فراجي ومنطقة طاطا، انطلاقا من هذا المنظور، نقطتين أساسيتين في تاريخنا تحكيان تاريخ المغرب”.

ويوضح الكاتب أنه “بحكم عملي في مجال التعليم، أومن بأهمية الرسالة ووسائل نقلها لنجاح توارث المعارف بين الأجيال. وباعتباري مغربي مقيم في الولايات المتحدة، فأنا أؤمن، أيضا، بأهمية الحفاظ على الأواصر التي تربطني ببلدي ووالدي وعائلتي، وكأب فإني حريص على الحفاظ على الروابط التي تجمع بين ابنتي والواحة التي تنحدر منها”.

ويضيف “المؤلف تمرين أدبي وفني لتوارث ليس فقط ذاكرة العائلة، بل تاريخ الوطن أيضا. لقد أصبح استخدام الكتب المصورة أو القصص المصورة اليوم مطلبا للتمكن من إشراك جيل الشباب المرتبط على نطاق واسع بالصور وكل ما هو بصري”.

من خلال هذه القصة العائلية وأسفار فراجي، يُقرأ العمل وكأنه إطلالة جديدة على التاريخ العريق للمغرب، وماضيه الاستعماري، وتطور البريد المغربي، والاستقلال، وملحمة المسيرة الخضراء، في عملية تحول سردي للحكاية من قصة فردية إلى قصة وطن بأكمله، وعن ذلك يقول المؤلف “كان والدي أميا، لكنه كان شاهدا على العديد من الأحداث المحلية والإقليمية والعالمية. ما حاولت أنا ومجدولين القيام به هو سرد هذه القصة العالمية من المنظور البسيط لوالدي، وبالطبع ضمن سياقها بطريقة أكاديمية. لقد اخترنا أن نروي قصة قروي بسيط من جنوب المغرب، وتحديدا من منطقة طاطا، التي كانت جزءا من الإدارات المحلية والاستعمارية ثم الوطنية. ونختتم بمشاركته في المسيرة الخضراء”.

«الرقاص الأخير» في الأساس، هي حكاية ساعي بريد عاش التاريخ المغربي من ثلاثينيات القرن العشرين حتى عام 1975. إنها قصة قصيرة لا تتقيد بمعايير الكتابة التاريخية التي لا تركز على الأشخاص العاديين. النص التاريخي معزز برسوم مجدولين والصور الفوتوغرافية التي التقطتها لفراجي لتقديم رؤيته التاريخية الأصلية.

13