المؤتمر الشعبي السوداني في قبضة الفلول بعد عزل علي الحاج

هيئة الشورى تنتخب أمين محمود أمينا عاما للمؤتمر الشعبي خلفا لعلي الحاج وتلغي كل القرارات والتحالفات السابقة.
الاثنين 2024/01/29
انقلاب على الأمانة العامة للحزب

الخرطوم - يشهد حزب المؤتمر الشعبي، الذي أسسه الزعيم السوداني الراحل حسن الترابي، أزمة غير مسبوقة، على خلفية الانقلاب الذي قام به أعضاء من مجلس الشورى، على الأمانة العامة للحزب. وكانت هيئة الشورى وهي أعلى هيئة قيادية في الحزب، أعلنت الجمعة انتخاب أمين محمود أمينا عاما للمؤتمر الشعبي خلفا لعلي الحاج. وألغت الهيئة التي يترأسها إبراهيم السنوسي كل القرارات والتوقيعات والمنهجيات والإستراتيجيات والتحالفات للمؤتمر الشعبي، بما يشمل الاتفاقات الموقعة مع القوى المدنية.

وجاءت الخطوة بعد أسابيع قليلة على قرار الأمين العام للمؤتمر الشعبي بفصل قيادات من الحزب نشطت في الآونة الأخيرة تحت مسمى لجنة شورى الحزب وأجهرت بدعمها للجيش في حربه ضد قوات الدعم السريع وهي: نائب الأمين العام السابق للحزب أحمد إبراهيم الترابي، ونائب الأمين العام بشير آدم رحمة، وأمين محمود محمد عثمان، وتاج الدين بانقا، وعمار السجاد، وحسين منصور، وعبدالوهاب أحمد سعد، وصديق الأحمر، والناجي عبدالله، ومختار حمزة.

ويرى متابعون أن الانقلاب الذي جد من مجموعة “الشورى” كان جرى الترتيب له منذ فترة بواعز من فلول النظام السابق، الذين نجحوا في الحفاظ على تأثيرهم داخل الحزب ذي المرجعية الإخوانية، عبر هيئة الشورى.

◙ ما حصل ضد الأمانة العامة كان متوقعا حتى ما قبل اندلاع الحرب في السودان حيث برز عقب الانقلاب العسكري على الحكومة الانتقالية برئاسة عبدالله حمدوك

ويشير المتابعون إلى أن ما حصل ضد الأمانة العامة كان متوقعا، حتى ما قبل اندلاع الحرب في السودان في أبريل الماضي، حيث برز عقب الانقلاب العسكري على الحكومة الانتقالية برئاسة عبدالله حمدوك في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 خطان متنافران داخل الحزب: الأول يقوده السنوسي، ويناصر الانقلاب، والثاني يتزعمه الحاج ويدعم تمكين القوى المدنية.

ويلفت المتابعون إلى أن الخلاف تفاقم بين الجناحين بعد الحرب بين الجيش والدعم السريع، مع انحياز جناح السنوسي للجيش، وإصرار جناح الحاج على البقاء على الحياد، والتقارب مع القوى المدنية من أجل تشكيل جبهة تضغط من أجل إنهاء الحرب. ويقول المتابعون إن بعد خطوة المجموعة التي قادت الانقلاب الداخلي من داخل هيئة الشورى، فإن الحزب يتجه للتشظي حيث أن لكلا الجانحين داعمين.

وأعلنت الأمانة العامة للحزب عن رفضها القاطع لما قامت به “مجموعة من انتحال لصفة الشورى وما ترتب عليها من نتائج”، معتبرة أن ما حصل “إكمال لسلسلة حلقات التأمر التي قادتها المجموعة المعنية، متذرعة بحجج واهية بعد فشل انقلابها مع العسكر في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 ولأنها لا تملك الاختصاص تتبعت وتذرعت بأسباب مصطنعة منها ما اتصل بعقد الشورى لإجازة الأمانة العامة ونواب الأمين العام، ومنها ما اتصل بخط الحزب السياسي والذي ابتعد عن دعم الانقلابات العسكرية والعودة إلى مربع الأمس الذي تسبب في دمار البلاد من أجل العودة إلى كراسي الحكم".

وقالت الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي في بيان إنه "ليس من اختصاص ما أسموه بمكتب الشورى أن يبتدر موضوع انعقادها أو تحديد موعدها أو تحديد أجندتها، وأن القيام بهذه الإجراءات خارج الأمانة العامة لهو التزوير المبين". وشدد البيان على أن "الأمين العام هو من ينسق مع مكتب الشورى وليس العكس لأن الأمانة العامة هي من تبتدر أعمال الشورى عبر لجنة تحضيرية"، لافتا إلى أنه لم يحدث تنسيق أو حتى إخطار للأمين العام أو من ينوب عنه بما جرى.

واعتبرت الأمانة العامة في بيانها أن التذرع بالآجال وانتهاء أمد الأمين العام الذي اختير عبر المؤتمر العام هو فرية، مشيرة إلى أن ما ينسحب على الأمين العام من المفروض أن ينسحب أيضا على هيئة الشورى التي اختيرت في نفس جلسة الانعقاد التي اختير فيها الأمين العام في ذات المؤتمر.

وعد البيان ما جرى "مفاصلة اكتملت حلقاتها بعد مؤامرة على المؤتمر الشعبي وإجهاض كل مساعيه الرامية إلى تحقيق الانتقال السياسي وتحقيق السلام". وكشف أن الأمانة العامة ستتخذ خطوات تنظيمية وتدابير صارمة وحاسمة ما يحافظ على الحزب وخطه السياسي وقواعده وقيادته المنتخبة من المؤتمر العام.

◙ فلول النظام السابق يعملون على مسارين الأول ضرب الأحزاب التي يخترقونها من الداخل والثاني ملاحقة القوى السياسية والأجسام الثورية المعارضة

وكانت الأمانة العامة التي يقودها علي الحاج من ضمن القوى السياسية المؤيدة للديمقراطية التي وقّعت على الاتفاق الإطاري مع الجيش وقوات الدعم السريع في ديسمبر 2022، وعقب اندلاع الحرب في منتصف أبريل الماضي انحازت الأمانة العامة للجهود التي تبذلها القوى المدنية الرامية إلى إنهاء النزاع.

ويرى مراقبون أن ما حصل داخل المؤتمر الشعبي يؤكد سطوة فلول النظام السابق الذين يعملون على مسارين: الأول ضرب الأحزاب التي يخترقونها من الداخل، والثاني ملاحقة القوى السياسية والأجسام الثورية المعارضة والعمل على حلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش.

وأصدر والي الشمالية المكلف عابدين عوض الله قرارا قضى بحل لجان التغيير والخدمات كما حظر أنشطة تحالف قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة. وجاء القرار في أعقاب قرار مماثل أصدره والي نهر النيل شمل حظر أنشطة قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة وتصفية لجان التغيير والخدمات، وهي ذات الخطوات التي اتخذها والي ولاية النيل الأبيض.

وقال عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير خالد عمر يوسف، على منصة إكس، معلقا على الأوامر بشأن لجان المقاومة ولجان التغيير والخدمات، إنها تفضح طبيعة هذه الحرب كحرب ضد التحول المدني الديمقراطي، وتؤكد الحقيقة الناصعة بأن عناصر النظام البائد أشعلتها وتستثمرها لهدف واحد هو الانتقام من الثورة وتصفية كل ما يمت لها بصلة.

2