الليرة المتقلبة تتلاعب أكثر بجيوب اللبنانيين الخاوية

أسعار صرف الليرة تضعف الأمل في إمكانية إنجاز متطلبات الإصلاح التي حددها صندوق النقد الدولي.
الاثنين 2023/03/20
يا لهول الأسعار الصاعقة!

بيروت - يعتري اللبنانيين المزيد من الهواجس بسبب تلاعب العملة المحلية المنهارة بجيوبهم الخاوية نتيجة أزمة مالية واقتصادية ظلت جاثمة عليهم منذ أكثر من ثلاث سنوات دون أمل قريب في حلها.

وتبدو كارولين صدقة واحدة من السكان الذين سئموا الحالة المزرية، فعندما تذهب للتسوق في بيروت تحتفظ بهاتفها بين يديها، ليس للتحقق من قائمة مشترياتها، لكن لحساب الكلفة المتصاعدة للسلع التي يتم تسعيرها الآن بأسعار صرف متقلبة تختلف حسب المتجر والقطاع.

ومع استمرار انهيار الاقتصاد ظهرت مجموعة أسعار صرف مختلفة لليرة لتزيد من تعقيد الحسابات الشخصية وتضعف الأمل في إمكانية إنجاز متطلبات الإصلاح التي حددها صندوق النقد الدولي.

سمير نصر: النسب المتفاوتة عبر القطاعات تجعل المحاسبة فوضوية
سمير نصر: النسب المتفاوتة عبر القطاعات تجعل المحاسبة فوضوية

وجرى تعديل الصرف الرسمي إلى 15 ألف ليرة مقابل الدولار في فبراير الماضي، في خفض بلغ 90 في المئة لقيمة العملة المحلية مقارنة بالسعر السابق الذي استمر لفترة طويلة عند 1507.5 ليرة.

لكن مصرف لبنان المركزي يبيع الدولار بسعر 79 ألف ليرة، بينما يعتزم وزير المالية احتساب التعريفة الجمركية للسلع المستوردة على أساس سعر 45 ألف ليرة للدولار.

وفي الوقت نفسه يتراوح سعر الصرف في السوق الموازية حول 107 آلاف ليرة للدولار ويتغير يوميا.

ويُطلب من المتاجر الكبرى ومحطات الوقود نشر لافتات بسعر الصرف المعتمد يوميا، لكن سعر الصرف يتغير بسرعة كبيرة إلى درجة أن الكثير من هذه الأماكن تسعر المنتجات بالدولار الأميركي المستقر نسبيا.

وبينما تفحص عبوة من التونة في أحد المتاجر، توضح صدقة المأزق اليومي الذي يواجهه المتسوقون، وتقول لتلفزيون رويترز “من الغريب أن يتم تسعير كل شيء بالدولار ويجب أن أحسبه 83 ضعفا لمعرفة السعر بالليرة. إنها المرة الأولى التي أراها”.

وأضافت “من المربك أن هذا، دعنا نقول، ليس له سعر. إذا نظرت إلى الأسفل فهو بالليرة، فهل هذا السعر 95 ألفا أو لا. هذا سعر قديم، والآن ثمة سعر بالدولار”.

واستقالت كارولين من وظيفة معلمة في مدرسة كانت تدفع لها راتبها بالعملة المحلية التي انخفضت قيمتها بأكثر من 98 في المئة مقابل الدولار في السوق الموازية منذ عام 2019.

وحدث ذلك عندما بدأ الاقتصاد في الانهيار بعد عقود من السياسات المالية غير المنضبطة والفساد المزعوم.

وفي ما يتعلق بتصرفها مع ما يجري الآن قالت “مع الغلاء أصبحت لدينا أولويات، يعني بدل شراء ثلاثة أو أربعة أنواع من الفواكه نشتري نوعا أو اثنين فقط”.

وأضافت “بدل شراء كيلوغرامين أو ثلاثة من كل نوع، نضطر لشراء كيلوغرام واحد في انتظار ربما تنخفض الأسعار لمجاراة التزاماتنا واحتياجاتنا”.

سعر الصرف يتغير بسرعة كبيرة
سعر الصرف يتغير بسرعة كبيرة

وتزداد المخاوف بالنسبة إلى صدقة التي ترى أن الوضع ضبابي للغاية مع عدم انتخاب رئيس حتى الآن وبقاء حكومة لتصريف الأعمال في ظل مشاكل في التعليم والرعاية الصحية وأغلب أصناف الأدوية مفقودة من الصيدليات.

ولحل الارتباك الذي يسببه سعر الصرف يتعين على الحكومة تطبيق سعر موحد. وهذا هو أحد الشروط المسبقة التي وضعها صندوق النقد منذ ما يقرب من عام لكي يحصل لبنان على حزمة إنقاذ بقيمة ثلاثة مليارات دولار.

لكن الصندوق، وهو الملاذ الأخير للبلاد، يقول إن الإصلاحات بطيئة جدا. وواجهت الإصلاحات مقاومة من السياسيين الذين يسعون لحماية المصالح الخاصة والإفلات من المساءلة.

وفي الوقت نفسه، كانت البلاد تتجه نحو اقتصاد قائم على النقود السائلة والدولار في ظل التضخم المتزايد والقيود التي تفرضها البنوك على المعاملات.

وقال الخبير الاقتصادي سمير نصر إن “النسب المتفاوتة عبر القطاعات تجعل المحاسبة الشخصية فوضوية بالنسبة إلى اللبنانيين وأن توحيدها أصبح أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى”.

ومثل العديد من أصحاب المتاجر يحتاج محمود الشعار إلى الدفع بالدولار عند استيراد السلع لكنه يبيع بالليرة. وفي أحد الأيام كان قد باع جميع بضاعته على أساس سعر صرف واحد، لكنه استيقظ في اليوم التالي ليجد أن سعر الدولار قفز ما يقرب من عشرة آلاف ليرة.

ويؤكد الشعار أن سعر الصرف يتغير بسرعة كبيرة لدرجة أن متجره يخسر أموالا بين عشية وضحاها. وقال لرويترز إن “البيع نزل (انخفض) وما نربحه نخسره بسبب سعر الصرف”.

11