الليرة التركية المتعثرة تربك نظام التحويلات

لندن – تتزايد التقارير، التي تتعقب الآثار المدمرة لتعثر الليرة التركية على جميع مفاصل الاقتصاد، بعد تسارع انحدار قيمتها نتيجة تراجع ثقة المستثمرين بمستقبل الاقتصاد التركي.
واتسعت خسائر الليرة بعد قرار إلغاء نتائج الانتخابات البلدية في إسطنبول لتصل أمس إلى 15 بالمئة منذ بداية العام، إضافة إلى فقدانها لأكثر من 30 بالمئة من قيمتها خلال العام الماضي.
وتزامن انحدار الليرة السريع مع تسلم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مهام منصبه بموجب التعديلات الدستورية في صيف العام الماضي، والذي منحته صلاحيات رئاسية شبه مطلقة.
ويرى محللون أن تراجع الليرة أصبح خارج نطاق السيطرة، رغم كثرة الوعود والتصريحات على جميع مستويات صنع القرار في الحكومة التركية.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن إيليا جوفشتاين الخبير الاستراتيجي في بنك ستاندرد تشارترد في نيويورك قوله “لقد تم تذكير المستثمرين مرة أخرى بالحالة الهشة والمتآكلة للمؤسسات الديمقراطية” في تركيا.
وأشارت الوكالة إلى أن الليرة تراجعت في تعاملات الأيام الأخيرة بنسبة 7 بالمئة نتيجة انهيار ثقة المستثمرين بسيادة القانون واستقلالية المؤسسات بعد إلغاء نتائج الانتخابات.
ولم يجد الرئيس التركي تبريرا لهذه الصورة القائمة سوى توجيه اللوم لمؤامرة خارجية لتخريب الاقتصاد، وأطلق تهديدات للمخربين، وهو ما يفاقم مخاوف المستثمرين.
وتجاهل أردوغان تحمل المسؤولية وقلل من شأن الأخطاء الجسيمة التي واكبت تسيير الاقتصاد التركي حيث قال لأعضاء حزبه العدالة والتنمية “قد يكون لدينا أوجه قصور، لكن المشهد الذي نواجهه اليوم هو حالة تخريب كاملة”.
15 بالمئة نسبة تراجع الليرة مقابل الدولار منذ بداية العام بعد فقدانها 30 بالمئة العام الماضي
ولجأ إلى تهديد شديد اللهجة لمن يصفهم بالمخربين في الأسواق المالية “من الآن فصاعدا، سنفعل ما فعلناه بالإرهابيين”، ويرى محللون أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى انهيار الثقة واندلاع موجة هروب من الليرة التركية.
وأكدوا أن أجواء الترهيب أصبحت تلامس مفاصل الحياة الاقتصادية والبنوك وشركات الصرافة، وأنها تلقي بظلال قاتمة على الأزمات العميقة التي تعاني منها تركيا.
تزامن ذلك مع تصعيد متواصل وتأزيم في العلاقة مع الولايات المتحدة مازال يتفاقم وصارت له مفاعيله الاقتصادية.
ويقول محللون أتراك إن اقتصاد البلاد الذي كان في طليعة الاقتصادات الناشئة يواجه اليوم واقعا آخر يمكن تلمسه حتى من خلال التعاملات اليومية في سوق الصرف الأجنبي.
وتزايدت المؤشرات على أن انحدار الليرة أصبح يحدد حركة التحويلات المالية بين تركيا والبلدان الأخرى.
ونشرت صحيفة الرأي الكويتية هذا الأسبوع خبرا عن تأخر وصول تحويلات الكويتيين الدولارية إلى تركيا في الآونة الأخيرة عبر شركات الصرافة، والتي باتت تستغرق وقتا أطول يصل إلى ضعف المدة التي كانت تستغرقها قبل أسابيع قليلة.
وذكرت الصحيفة أن “زبائن شركات صرافة اشتكوا من تعرضهم لخسائر بسبب تأخر تحويلاتهم، واستغراقها وقتا أكثر من المعتاد”. وأشارت إلى أن “بعضهم طالب بإلغاء تحويلاته، بعد أن أدى طول انتظاره إلى عرقلة خططه الاستثمارية في تركيا، وخسارة الاستثمار المستهدف”.
وقالت إن “الزبائن الكويتيين أوضحوا في شكواهم أن تأخير صرف حوالاتهم إلى تركيا سبب لهم أكثر من مشكلة، فمن ناحية ترتب على تأخر مدفوعاتهم عن المخطط تسجيلهم خسائر في رأسمالهم المحول عند استرداده من شركة الصرافة، وذلك استنادا إلى فروق سعر الصرف التي تعرضت لها الليرة خلال فترة التأخير، والتي شهدت في الفترة الماضية تذبذبا كبيرا في مستوياتها أمام العملات الأجنبية”.