الليبيون يصوتون في انتخابات محلية تكسر حاجز الانقسام السياسي

طرابلس – انطلقت صباح اليوم السبت، الانتخابات المحلية في ليبيا بـ58 بلدية ضمن المرحلة الأولى من الاقتراع الذي يشمل جميع أنحاء البلاد، في محاولة لكسر "حاجز الانقسام السياسي"، فيما دعت القائمة بأعمال المبعوث الأممي لدى ليبيا ستيفاني خوري، السلطات المعنية إلى توفير التمويل والدعم اللازمين لاستكمال الانتخابات في جميع البلديات.
وتأتي هذه الخطوة وسط جمود في العملية السياسية، وسوابق تأجيلات لعمليات اقتراع حظيت بدفع دولي.
والاستحقاق الانتخابي، هو الثاني في تاريخ البلاد، إذ سبقه أول انتخابات محلية أجريت بين عامي 2013 و2018، لكن مسارها تعثر بسبب الأوضاع الأمنية في عدد من البلديات.
وبدأ التصويت عند حدود الساعة التاسعة (السابعة بتوقيت غرينتش) ويتواصل إلى الساعة السادسة مساء (الخامسة بتوقيت غرينيتش).
وأعلنت مفوضية الانتخابات جهوزية المراكز الانتخابية، البالغ عددها 352 مركزا و777 محطة اقتراع، في 58 بلدية مستهدفة بانتخابات المجالس البلدية (المجموعة الأولى).
ودعا رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، الناخبين إلى الإدلاء بأصواتهم في الاقتراع المحلي، وكتب على صفحته على فيسبوك "علينا جميعًا اليوم (السبت) في هذا العرس الانتخابي التوجه إلى مراكز الاقتراع، والمشاركة في اختيار الكفاءات، لقيادة المستقبل. المراكز ستُغلق عند الساعة السادسة، فكونوا في الموعد لأداء هذا الواجب الوطني، ولا تتأخروا".
وأدلى رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، اليوم السبت، بصوته في انتخابات المجالس البلدية بمكتب الاقتراع في مدينة القبة.
وخلال زيارته، عاين صالح ظروف انطلاق العملية الانتخابية، معربًا عن أمله في نجاح هذا الاستحقاق الانتخابي، وداعيًا المواطنين إلى القيام بواجبهم الانتخابي، ومشيرًا إلى أن هذه الاستحقاق "سيعزز الأمل والطمأنينة لمستقبل زاهر للشعب الليبي"، وفق بيان صادر عن مجلس النواب.
رحب المجلس الأعلى للدولة، اليوم السبت، بانطلاق المرحلة الأولى من الانتخابات المحلية في 58 بلدية، معتبرًا إجراء هذا الاستحقاق دليلًا على إمكانية إجراء الانتخابات في ليبيا.
ووصف المجلس، في بيان مقتضب، الانتخابات البلدية بـ"الخطوة المهمة نحو الديمقراطية»، وأعرب عن تطلعه إلى استكمال بقية الاستحقاقات المقبلة، وأهمها الانتخابات التشريعية «في أقرب الآجال".
وقالت خوري خلال مؤتمر صحافي "نأمل أن تتواصل هذه العملية في العام 2025 لتشمل 58 بلدية وأن نتوجه في نهاية المطاف إلى الانتخابات الوطنية"، وأكدت التزام الأمم المتحدة بـ"مساعدة ليبيا في تحقيق الاستقرار والازدهار من خلال عملية انتخابية يقودها ويملكها الليبيون مع التركيز على تعزيز القدرات الوطنية".
وأشارت إلى بلوغ عدد الوكلاء المسجلين إلى أكثر من 4800 والمراقبين المحليين إلى أكثر من 1300، معتبرة أن "التغطية الإعلامية الواسعة دليل على رغبة الجميع أن تكون هذه العملية الانتخابية شفافة ونزيهة وذات مصداقية".
وبدوره، دعا رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح، مجلس النواب إلى ضرورة إدخال بعض التعديلات على القانون 59 لسنة 2012 بشأن نظام الإدارة المحلية، حتى يكون مؤهلًا للتنفيذ والتطبيق على أرض الواقع.
وقال السايح خلال مؤتمر صحافي، إن هذه التعديلات تستهدف انتخاب مجالس بلدية تمثل قاعدة الإدارة المحلية الرشيدة وتسهم في تحقيق مبدأ التوزيع العادل للثروة ومشاريع التنمية المناطقية وتمكن الأجهزة التنفيذية والرقابية من ممارسة مهامها بشكل قابل للتنفيذ ومن ثم المساءلة.
وأضاف "لا يمكن الحديث عن توزيع عادل للثروة والتنمية في ظل غياب القاعدة التي بناء عليها يتحدد ميزان العدالة".
وأكد أن انتخابات المجالس البلدية "ليست مجرد عملية لتداول السلطة بل أبعد من ذلك في الحالة الليبية والدولة تمر بمرحلة انتقالية طال تأثيرها مختلف الهياكل والمؤسسات".
وأشار إلى أن هذه العملية من شأنها أن تدعم إعادة هيكلة وتنظيم وحدات الحكم المحلي ووضعها في المسار الذي يعزز من فرص التنمية المناطقية وبناء المحليات القادرة على التعامل مع مختلف الأزمات الناتجة عن أضرار المرحلة الانتقالية".
واستدرك قائلا إن هذا البناء يظل "منقوصًا" ما لم يستكمل تطبيق القانون "59" لسنة 2012 بشأن نظام الإدارة المحلية فيما يتعلق تحديدًا بانتخابات مجالس المحافظات للامركزية التي ينشدها المواطن الليبي.
وتابع "باستكمال المجالس البلدية يصبح متاحًا انتخاب مجالس المحافظات من خلال المجالس البلدية المنتخبة وفقا لنص المادة 11 من القانون، وهي خطوة إيجابية بالغة الأهمية نحو تعزيز مفهوم اللامركزية وسيكون لها نتائج عظيمة تنعكس مباشرة على استدامة واستقرار وحدات الحكم المحلي".
وأضاف "لا يمكن الحديث عن توزيع عادل للثروة والتنمية في ظل غياب القاعدة التي بناء عليها يتحدد ميزان العدالة".
وفي وقت سابق السبت، حضت المفوضية الناخبين على "اغتنام الفرصة التي لن تتكرر إلا بعد أربع سنوات، وألا يتركوا المجال لمن يحاول أن يخطف أصواتهم ويتعدى على حقوقهم".
ودعت المنظمات التي اعتُمدت لمراقبة الانتخابات ووكلاء المرشحين إلى ضرورة التقيد بالنظم التي وُضعت لممارسة مهامهم، واتباع القواعد التي تنظم عملية المراقبة والمتابعة لسير العملية الانتخابية داخل محطات الاقتراع، والالتزام بالتعليمات التي تصدر عن رؤساء مراكز الانتخاب، تنظيما لسير العملية الانتخابية، ومنعا لأي عملية اختراق قد تحصل في أثناء تنفيذ عملية الاقتراع.
واعتبرت أن توجه الناخبين السبت إلى صناديق الاقتراع يُعد "الخطوة الأولى" نحو بناء الإدارة المحلية الرشيدة التي تشكل نواة الإدارة العامة للدولة، والقاعدة التي تنطلق منها خطط التنمية تحقيقًا لمبدأ العدالة وتكافؤ الفرص.
كما دعت مؤسسات الدولة المختلفة إلى "تسهيل اتخاذ هذه الخطوة والخطوات التي تليها بما يحقق الغاية التي ننشدها جميعًا في بناء دولة موحدة ذات سيادة، تُبنى بسواعد أبنائها لمستقبل يزخر بفرص النماء والتقدم".
وكانت بعثة الاتحاد إلى ليبيا قد حثت في بيان، الجمعة، جميع المرشحين على "اغتنام الفرصة وخوض العملية الانتخابية بنزاهة، وبما يتفق مع قواعد السلوك التي وضعتها المفوضية الوطنية العليا للانتخابات". وعبرت عن التزامها بدعم المؤسسات الليبية، من أجل تعزيز العملية الديمقراطية في البلاد.
وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إن الانتخابات البلدية علامة فارقة في مسيرة البلاد نحو الديمقراطية وخطوة مهمة على طريق إعادة الشرعية للمؤسسات.
وأكدت البعثة الجمعة دعمها لعملية انتخابية سلمية وشاملة وتشجع جميع المواطنين المسجلين على المشاركة بكثافة والإدلاء بأصواتهم.
وتوجد 143 بلدية في عموم ليبيا، وفق مسؤولي المفوضية الوطنية العليا، إلا أن الانتخابات لن تعقد إلا في 106 منها، مما انتهت مدة مجالسها الانتخابية.
وغابت مدينة البيضاء، ثاني أكبر بلدية في شرق البلاد، عن أجندة المرحلة الأولى لهذا الاستحقاق، وهو ما أرجعه الناطق الرسمي باسم "الحراك الوطني" للأحزاب الليبية، عبداللطيف سحيب، وأحد أبناء المدينة، إلى "استمرار عمليات إعادة الإعمار، بعد أكثر من عام من فيضانات عارمة، اجتاحت مدن شرق البلاد»، علماً بأن شق الطرق والجسور لا يزال مستمراً في المدينة".
ويبلغ عدد المسجلين في منظومة ناخبي المرحلة الأولى من انتخابات المجالس البلدية أكثر من 210 آلاف ناخب.
وتعيش ليبيا على وقع انقسام حكومي وأمني منذ عام 2011، وتتقاسم إدارة البلاد حكومتان: الأولى الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة، والثانية في شرق البلاد، التي يترأسها أسامة حماد، المكلفة من البرلمان.