الليبيون اتفقوا على السلام لكن لم ينسوا الماضي

بنغازي (ليبيا) - اتفق الليبيون على إنهاء القتال وتشكيل حكومة ومجلس رئاسي جديدين لكنهم لم يتفقوا على طي صفحة الماضي وتجاوز آلام مرحلة الحرب والانقسام، التي تعد عملية الكرامة التي أطلقها القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر جزءا منها، فرغم أن الهدف من إطلاق العملية كان محاربة الإرهاب إلا أن جزءا من الليبيين مازال ينظر إلى ما حدث في بنغازي ودرنة بمثابة حرب أهلية بين القبائل العربية والحضر من أصول طرابلسية ومصراتية.
ومن المتوقع أن تشهد قاعدة بنينا العسكرية في مدينة بنغازي عرضا عسكريا السبت القادم بمناسبة الذكرى السابعة لإطلاق عملية الكرامة. واختار حفتر توجيه دعوة للحكومة ورئيسها عبدالحميد الدبيبة بالإضافة إلى المجلس الرئاسي ورئيسه محمد المنفي وهي الدعوة التي يرى مراقبون أنها تهدف إلى إحراج السلطة الجديدة التي ستجد نفسها أمام خيارين فإما الحضور وهو ما يعني إجبارها على الاعتراف بالمعركة وهو ما قد يثير حساسيات مع فصائل مسلحة في المنطقة الغربية موالية لتيار الإسلام السياسي أو الرفض الذي سيظهر الحكومة والدبيبة كناكرين لتضحيات شباب برقة في التصدي للإرهاب.
وتأتي هذه الدعوة في وقت تشهد فيه العلاقة بين حفتر وحكومة الوحدة الوطنية توترا خرج إلى العلن بعد منع السلطات في الشرق طائرة تقل وزراء وحرسا من النزول في مطار بنينا نهاية الشهر الماضي وهو ما تسبب في إلغاء أول اجتماع وزاري في المدينة منذ سنوات كان الدبيبة يخطط لعقده.
وترددت الأنباء حينئذ بأن سبب منع الطائرة من النزول تصريحات للدبيبة على هامش لقائه شبابا نازحا من مدينة بنغازي قال فيها إنه سيعيد بنغازي إلى حضن الوطن وهو ما اعتبر انحيازا للنازحين الذين هاجروا من المدينة بعد إطلاق عملية الكرامة.
لكن ذلك لم يمنع الدبيبة من استقبال وفود قبلية ومحلية من برقة في طرابلس في رسالة موجهة إلى حفتر مفادها أن منعنا من زيارة بنغازي لا يعني عدم التواصل مع مكوناتها السياسية والاجتماعية.

ويبعث الاستعراض العسكري برسائل تتعارض مع عملية السلام وتعمق مخاوف الليبيين من عودة الحرب من جديد.
في المقابل لا تتوقف أطراف سياسية وعسكرية محسوبة على الحكومة من الإدلاء بتصريحات مستفزة تشير إلى أن صفحة الانقسام لم تطو بعد وكان آخرها تصريح لمحمد الضراط المبعوث الخاص لحكومة الدبيبة إلى الولايات المتحدة لموقع “أكسيوس” استخدم خلاله المثل الإنجليزي “الفيل في غرفة المعيشة”، في إشارة إلى وجود معضلة رئيسية يتحاشى الجميع الخوض فيها، لكون ذلك غير مريح للبعض.
وبحسب الموقع فإن المقصود بهذا التعبير هو حفتر الذي وصفه الضراط بـ”جنرال مارق حاول الإطاحة بحكومة طرابلس وتم صد محاولته تلك بفضل الأتراك، وما زال يمثل مصدر قوة في شرق ليبيا”.
وبالإضافة إلى الضراط لا تتوقف قيادات عسكرية في عملية بركان الغضب عن استخدام عبارات مسيئة لحفتر كوصفه بـ”الانقلابي” و”جنرال الرجمة” وهو ما يتضارب مع أجواء السلام التي تشهدها البلاد منذ موافقة البرلمان على الحكومة الجديدة وتسليم حكومة عبدالله الثني للسلطة إضافة إلى زيارة وزراء من الحكومة الجديدة لمدن المنطقة الشرقية وهو أمر لم يكن مألوفا طيلة السنوات الماضية.