اللجان الشعبية تقوض جهود الحكومة السورية في تحسين صورتها الأمنية

درعا على خطى السويداء: تحركات انتقامية ردا على انتهاكات اللجان الشعبية.
الثلاثاء 2024/08/20
التوجس من القادم

ينذر الوضع الأمني في درعا بالمزيد من التدهور، في ظل التجاوزات الخطيرة لعناصر اللجان الشعبية، والتي وصلت حد قتل مدنيين، وفرض إتاوات. يأتي ذلك وسط صمت مريب للحكومة السورية، التي لم تحرك ساكنا للتصدي لحالة الفلتان، ووضع حد للانتهاكات الحاصلة، وسط مخاوف من دخول المحافظة في دوامة من العنف والعنف المضاد.

دمشق - يحاول النظام السوري تحسين صورته الأمنية في المناطق الخاضعة لسيطرته، لكن تجاوزات بعض القوى والأجهزة المحسوبة عليه ومن بينها اللجان الشعبية التي تشكلت إبان اندلاع الأزمة، قبل نحو أربعة عشر عاما، تحول دون ذلك.

وتشكلت اللجان الشعبية والتي تطلق المعارضة على عناصرها وصف “الشبيحة”، مع بداية خروج الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في العام 2011 عن مسارها وتحولها إلى نزاع أهلي، حيث انخرط المئات من الشباب الموالي للسلطة في مجموعات لإسناد القوات الحكومية.

وقد كان للجان الشعبية دور رئيسي في دعم الأجهزة الأمنية والعسكرية لاسيما داخل الأحياء والمدن المكتظة بالسكان، حيث كانت تلاحق النشطاء المعارضين، وتعتقلهم، وتقدم تقارير بشأن الأوضاع الأمنية في مناطق انتشارها.

وتقع اللجان الشعبية تحت سلطة الأمن العسكري، وفي السنوات الأخيرة كثر الحديث عن تجاوزات خطيرة لهذه اللجان التي تحولت إلى عصابات تنشط في تجارة المخدرات، وتفرض إتاوات على المواطنين.

ويتهم عناصر اللجان بالتورط في عمليات قتل طالت حتى مدنيين دون أي رادع الأمر الذي أصبح يشكل مصدر توتر في بعض المحافظات ولاسيما في محافظة درعا جنوب سوريا، والتي توصف لدى المعارضة بـ”مهد الثورة”، وكانت سيطرت عليها فصائل المعارضة في العام 2013 قبل أن تعود إلى السلطة في يوليو 2018 باتفاق جرى برعاية روسية وأميركية وأردنية.

قتل شخص وأصيب آخرون جراء اشتباكات اندلعت، بين مسلحين محليين واللجان الشعبية في بلدة محجة في ريف درعا

ويقول نشطاء في درعا إن التجاوزات الجارية من قبل عناصر اللجان الشعبية باتت تشكل تحديا للاستقرار الهش في أنحاء المحافظة، داعين إلى ضرورة حلها.

ويشير النشطاء إلى أنه ليس من المستبعد أن تتحول درعا إلى سويداء ثانية، في حال استمرت حالة الفلتان الأمني وغياب المحاسبة.

وقتل شخص وأصيب آخرون جراء اشتباكات اندلعت الاثنين، بين مسلحين محليين واللجان الشعبية في بلدة محجة في ريف درعا الشمالي.

وبحسب “تجمع أحرار حوران” ، فإن الاشتباكات بدأت عقب هجوم شنه مقاتلون من أبناء البلدة فجر الاثنين ضد مقار لجان شعبية تابعة للأمن العسكري.

ويقول التجمع الذي يضم عددا من النشطاء المعنيين بمتابعة أخبار جنوب سوريا، فإن التحرك جاء ردا على تجاوزات اللجان، ولاسيما القياديان فيها أكرم الزهري ورضوان خليل الحميّر اللذين ارتكبا انتهاكات ضد أبناء البلدة كتنفيذ اغتيالات وفرض إتاوات على المدنيين، إلى جانب تجارة المخدرات.

وسبقت الهجوم بيومين، مطالبة آل الحوشان في محجة بوقف تجاوزات واعتداءات عناصر اللجان الشعبية، كمنع مزارعي آل الحوشان من الوصول إلى مزارعهم.

أحد الصعوبات التي يواجهها النظام السوري في درعا كما في السويداء هو عدم قدرته على ضبط المجموعات الأمنية والعسكرية

ويكاد يشبه الوضع الحاصل في محجة ما يحدث في بعض بلدات السويداء، التي تسجل حراكا شعبيا منذ أكثر من عام تتخلله، عمليات لمجموعات مسلحة وأهلية تستهدف القوى الأمنية، من بينها اختطاف عناصر لمقايضتهم بمعتقلين.

ويقول مراقبون إن عدم تطبيق القانون يدفع الناس إلى محاولة أخذ حقوقهم بأيديهم وبالتالي الوقوع في حلقة مفرغة من العنف، لافتين إلى أنه على الرغم من سيطرة نظام الرئيس بشار الأسد على درعا، لكن ما تزال تنشط عدد من المجموعات المسلحة.

وبحسب موقع “عنب بلادي” المحلي فقد استهدف مسلحون محليون في الرابع عشر من أغسطس الحالي، مفرزة لأمن الدولة في محجة، وهددوا باقتحامها في حال لم تفرج القوات الحكومية عن معتقل من أبناء البلدة، اعتقل قبل أسبوع على حاجز منكت الحطب شمالي درعا.

كما تعرضت مفرزة أمن الدولة بمحجة، في 8 أغسطس الجاري، لحصار ثم هجوم استخدمت فيه الأسلحة الخفيفة وقذائف “آر بي جي”، بعد انتهاء مهلة أعطاها مقاتلون من أبناء البلدة لأجهزة الأمن للإفراج عن شخصين اعتقلا هما محمد الحوشان وأحمد الحوشان.

ووفق للموقع الإخباري المحلي، فقد انتهى الهجومان بإجبار السلطات السورية على الإفراج عن المعتقلين الثلاثة.

ما جد في درعا قد يتطور خاصة مع أنباء تتحدث عن إرسال رتل من اللواء الثامن التابع لشعبة المخابرات العسكرية

وترى أوساط مطلعة أن ما جد في درعا الاثنين، قد يتطور خاصة مع أنباء تتحدث عن إرسال رتل من اللواء الثامن التابع لشعبة المخابرات العسكرية، من بلدة بصرى الشام إلى البلدة.

وسبق وأن حصلت مواجهات بين اللجان الشعبية واللواء الثامن في يونيو الماضي، على خلفية إقدام عناصر من اللجان على اغتيال القيادي في اللواء أحمد الغزالي.

وكان “اللواء الثامن” فصيلاً معارضا يطلق عليه قوات “شباب السنة” قبل اتفاق التسوية في درعا عام 2018، وبعد الاتفاق أصبح اسمه “اللواء الثامن” وبات يعرف بأنه يتبع لـ”الفيلق الخامس” وأصبح الذراع العسكرية لروسيا في المنطقة الجنوبية.

ويرى متابعون أن أحد الصعوبات التي يواجهها النظام السوري في درعا كما في السويداء هو عدم قدرته على ضبط المجموعات الأمنية والعسكرية، نتيجة تعدد الولاءات واهتراء صورة الدولة.

ويشير المتابعون إلى أن الرئيس الأسد أظهر في العامين الأخيرين رغبة في تحسين صورة نظامه الأمنية من خلال جملة من الإصلاحات لكن ذلك ليس كافيا، حيث أن هناك مجموعات وأجهزة أمنية وعسكرية نافذة تصعب مواجهتها وكسر شوكتها، لاسيما وأن البلاد لا تزال نظريا في حالة حرب، حيث أن العديد من المناطق خارجة عن سيطرة الحكومة، فيما مناطق أخرى مثل درعا هي ساحة لمجموعات متضاربة المصالح والولاءات.

وبحسب حصيلة أوردها المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد شهدت محافظة درعا منذ مطلع العام الجاري 229 حادثة فلتان أمني، جرت جميعها بطرق وأساليب مختلفة، وتسببت بمقتل 251 شخصا، بينهم 75 مدنيا، و75 من القوات الحكومية والأجهزة الأمنية التابعة لها والمتعاونين معها، و54 من الفصائل المحلية المسلحة.

2