اللبنانيون يتضامنون مع البطريك الراعي في مواجهة حزب الله

ميشال عون: التعرض للمقام البطريركي مدان ومرفوض من أي جهة وتحت أي ذريعة.
الثلاثاء 2021/08/10
الهجوم على الراعي يرتد على حزب الله

بيروت - ارتدت الحملة العنيفة التي شنها مؤيدو حزب الله على مواقع التواصل الاجتماعي ضد البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على أصحابها، بعد أن أعرب سياسيون ورجال دين لبنانيون عن تضامهم مع البطريرك الماروني.  

واستنكر الرئيس اللبناني ميشال عون الثلاثاء الانتقادات التي وجهت للبطريرك المسيحي الماروني في لبنان، بعد أن أعرب عن معارضته لجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران، ونبه عون إلى ضرورة الابتعاد عن الإهانات حفاظا على الوحدة الوطنية.

وأدان عون، وهو ماروني متحالف مع حزب الله، الحملة التي استهدفت الكاردينال الراعي قائلا "حملات مدانة ومرفوضة من أي جهة أتت وتحت أي ذريعة أو حجة".

وأضاف عون خلال اتصال هاتفي مع البطريرك "حرية الرأي والتعبير مصونة بموجب الدستور، وأي رأي آخر يجب أن يبقى في الإطار السياسي ولا يجنح إلى التجريح والإساءة، حفاظا على الوحدة الوطنية وضمانة للاستقرار العام في البلاد".

وفي أعقاب هجوم عابر للحدود بين إسرائيل وحزب الله، انتقد البطريرك الراعي حزب الله الأحد قائلا إنه "لا ينبغي لأي جماعة أن تتخذ قرارا بخصوص الحرب والسلام"، وحث الجيش على منع إطلاق الصواريخ من الجنوب.

وأثار التصعيد عبر الحدود الجمعة انتقادات خصوم حزب الله في لبنان، حيث تتفاقم المصاعب بسبب الانهيار المالي الخانق.

وقال الراعي "صحيح أن لبنان لم يوقع سلاما مع إسرائيل، لكن الصحيح أيضا أن لبنان لم يقرر الحرب معها، بل هو ملتزم رسميا بهدنة 1949. وهو حاليا في مفاوضات حول ترسيم الحدود، ويبحث عن الأمن والخروج من أزماته وعن النهوض من انهياره شبه الشامل، فلا يريد توريطه في أعمال عسكرية تستدرج ردودا إسرائيلية هدامة".

ودون أن يذكر حزب الله بالاسم، حث الراعي الجيش على "منع إطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية لا حرصا على سلامة إسرائيل، بل حرصا على سلامة لبنان".

وبينما لم يعلق حزب الله على تصريحات الراعي فإن أنصاره اتهموا البطريرك على وسائل التواصل الاجتماعي بالاستسلام ودعم إسرائيل.

وردا على هذه الحملة، تساءل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط "عن الجريمة التي ارتكبها البطريرك الراعي إذ ذكّر باتفاق الهدنة، فانهالت عليه راجمات الشتائم من كل حدب وصوب".

وكتب جنبلاط على حسابه بموقع تويتر "أذكّر بالاستراتيجية الدفاعية التي ناقشناها مع الرئيس ميشال سليمان ثم أجهضت. يبدو أنه ممنوع أن نناقش أي شيء خارج الأدبيات لجماعة الممانعة. جو ديمقراطي بامتياز".

واعتبر أشرف ريفي، وزير العدل اللبناني السابق، عبر حسابه على تويتر أن "الحملة التخوينية المقزّزة على البطريرك الراعي تؤكد أن مشروع إيران هو الأخطر على لبنان، وأنه لا يفهم طبيعة البلد وتركيبته"، وشدد على "منع تحويل لبنان إلى منصة لصواريخ إيران"، قائلا "نطالب الجيش بمنعها، فلبنان ليس صندوق بريد".

واستنكر سعد الحريري، رئيس الحكومة السابق، الحملة ضد البطريرك الماروني عبر حسابه على تويتر قائلا "إن الإساءة للمقامات الروحية وتناول مواقفها الوطنية ووجهات نظرها السياسية، بحملات الإهانة والتحريض والتخوين، على صورة ما جرى إزاء المواقف الأخيرة للبطريرك الراعي، تشكل تطاولا مرفوضا على كرامة اللبنانيين ولغة غير مقبولة تحت أي ظرف لأصول التخاطب السياسي".

واعتبر متروبوليت بيروت للروم الأورثوذكس المطران إلياس عودة أن "ما قاله البطريرك الراعي هو لسان حال كل لبناني صادق وأمين لوطنه لا يرضى للبنان إلا السيادة الكاملة على أراضيه وعلى قراراته".

وقال المطران عودة "مشكلتنا في لبنان أن بعض اللبنانيين ليس لديهم انتماء كامل وواضح للبنان وحده. الراعي يحمل همّ لبنان كله لا همّ منطقة أو فئة وهو لا يستحق إلا الاحترام".

وأكد زياد الحواط، النائب في "حزب القوات اللبنانية"، أن "البطريرك الماروني رجل وطني ومواقفه تمثلنا وتمثل كل لبناني شريف".

وقال الحواط عبر تويتر "أوقفوا مبدأ الترهيب لأنه لن يسكتنا. لبنان الجديد آت بدولته الواحدة وجيشه الواحد".

ورفض الوزير السابق سجعان قزي التهجم على الراعي، وقال في تصريح صحافي "لو أدرك الذين يتطاولون على غبطة البطريرك الراعي أن مواقفه تصب في مصلحتهم قبل أي مصلحة أخرى، لتوقّفوا عن التهجّم واعتذروا".

 وأضاف "لو أدركوا أيضا أن البطريرك يقلق على أمن الجنوب وأهاليه قبل قلقه على أي منطقة أخرى لخجلوا. لكن من اقترن بالولاء لدولة أجنبية، والتزم تنفيذ انقلاب على الدولة والنظام والميثاق والشراكة الوطنيّة، يزعجه الكلام البطريركي اللبناني والوطني والصريح".

واعترض أهالي شويا قضاء حاصبيا (جنوب) في 6 أغسطس الحالي عناصر من حزب الله يستعدون لإطلاق صواريخ على إسرائيل من البلدة، ثم قاموا بتوقيفهم وتسليمهم إلى الجيش رفضا لاستخدام قريتهم منصة، ما أدى إلى احتكاك طائفي في أكثر من محافظة. وكادت الواقعة التي نفخ فيها أنصار حزب الله تتسبب في أزمة بين اللبنانيين.

وتدخل الجيش اللبناني وعدد من أهالي القرية لتهدئة الوضع. وبعد فترة من احتجاز الشاحنة وسائقها ومرافقيه، وعددهم أربعة، تحركت عناصر من الجيش ومخابراته، وعملت على التحفظ على الشاحنة، وكذلك الشبان، في ظل اعتراض بعض أهالي المنطقة، فيما حاول بعضهم إنهاء المشكلة سريعا ومساعدة الجيش على سحب الآلية وترك المحتجزين، وهو ما حدث بالفعل.

وبعدما أصدر حزب الله بيانه الخاص بتبني عملية إطلاق الصواريخ، عاد فقال في بيان لاحق "لدى عودة المقاومين من عملهم، وأثناء مرورهم بمنطقة شويا في قضاء حاصبيا، أقدم عدد من المواطنين على اعتراضهم، بعدما قاموا عند الساعة 11:15 من ظهر الجمعة بالردّ على الاعتداءات الصهيونية على لبنان باستهداف محيط مواقع العدو الإسرائيلي في مزارع شبعا بصليات صاروخية من مناطق حرجية بعيدة تماما عن المناطق السكنية، حفاظا على أمن المواطنين".

وسريعا، بدأت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، فظهر من يرفض ما قام به حزب الله من إطلاق صواريخ من مناطق قريبة من السكان، ومنهم من اعترض على هذه العملية بوصفها "عملا إيرانيا".

 ويرى مراقبون أن حزب الله أعطى أنصاره على مواقع التواصل الاجتماعي الضوء الأخضر لتخوين الطوائف اللبنانية غير المسلمة، واتهام من رفض تصعيده وتسخينه لجبهة الجنوب بالعمالة لإسرائيل عندما أشار في بيانه إلى أن "المقاومة الإسلامية تدافع من أجل أمن لبنان"، ما يجرد غير المسلمين من الموارنة الذين يمثلهم الراعي والدروز من صفة المقاومين والمدافعين عن لبنان.

وكشف حادث منع الحزب من إطلاق الصواريخ رفض فئات من اللبنانيين لأنشطة حزب الله التي تجر البلاد إلى معارك غير محسوبة مع إسرائيل، خاصة أن الحزب يفكر فقط في مكاسبه السياسية ومكاسب إيران من المواجهة، دون أن يضع في اعتباره الخسائر في الأرواح والممتلكات التي يتعرض لها السكان خلال كل مواجهة.