اللاجئون الأفغان يؤرقون أوروبا المنقسمة على نفسها بشأن الهجرة

دول في الاتحاد الأوروبي تعهدت باستقبال أربعين ألف شخص من أفغانستان.
السبت 2021/12/11
صعوبات اللاجئين تتزايد

أكدت خمس عشرة دولة من الاتحاد الأوروبي تعهدها باستقبال حوالي أربعين ألف شخص من أفغانستان وتوفير الحماية اللازمة لهم، في وقت تتصاعد فيه المخاوف الأوروبية من أزمة المهاجرين العالقين على الحدود البيلاروسية - البولندية، ما أحدث انقساما بشأن كيفية التعامل مع اللاجئين بين دول القارة.

بروكسال - تؤرق أزمة اللاجئين الأفغان دول الاتحاد الأوروبي المنقسمة على نفسها بشأن الهجرة، وتتخوف أوروبا من موجة لجوء جديدة، في وقت تعاني فيه الأقطار الأوروبية من انشقاقات بشأن كيفية التعامل مع اللاجئيين.

وقالت مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي إيلفا يوهانسون عقب اجتماع لوزراء داخلية الاتحاد الأوروبي، إن “ألمانيا وأربع عشرة دولة أخرى عضوا في الاتحاد الأوروبي تعهدت باستقبال حوالي أربعين ألف شخص من أفغانستان”.

إيلفا يوهانسون: ألمانيا وحدها مستعدة لقبول خمسة وعشرين ألف لاجئ

وكتبت يوهانسون عبر تويتر “تعهدت خمس عشرة دولة عضو بالاتحاد الأوروبي بتوفير الحماية لنحو أربعين ألف أفغاني، وسيقترن ذلك مع تدابير أفضل للتعامل مع الهجرة غير النظامية”.

ووفقا لرسالة من يوهانسون لوزراء الداخلية المعنيين، فإن ألمانيا وحدها مستعدة لقبول خمسة وعشرين ألف لاجئ من أفغانستان.

وتشير الرسالة، التي اطلعت عليها كذلك وكالة الأنباء الألمانية، إلى إمكانية قبول ما مجموعه ستين ألفا في دول الاتحاد الأوروبي لعامي 2021 و2022.

وقدرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في أكتوبر الماضي بنحو خمسة وثمانين ألفا، عدد الأفغان الذين يحتاجون إلى إعادة توطين انطلاقا من دول مجاورة لأفغانستان لجأوا إليها خلال السنوات الأخيرة، داعية دول الاتحاد الأوروبي إلى استقبال نصفهم.

ولم توضح المفوضية على الفور الجدول الزمني لاستقبال اللاجئين.

 وستستقبل ألمانيا العدد الأكبر من اللاجئين الأفغان مع خمسة وعشرين ألفا، فيما وعدت فرنسا باستقبال ألفين وخمسمئة أفغاني فضلا عن خمسة آلاف لاجئ آخر من جنسيات مختلفة.

كما ستستقبل هولندا 3159 أفغانيا و1915 من جنسيات أخرى، فيما ستستقبل إسبانيا 2500 و1200 على التوالي، والسويد 1500 و4200.

ويأتي ذلك في وقت تتفاقم فيه أزمة المهاجرين الناشبة على الحدود البيلاروسية - البولندية على نحو بات يهدد أوروبا المنقسمة بدورها حول كيفية التعامل مع هذه الأزمة، خصوصا بعدما تحولت هذه القضية من أزمة إنسانية إلى أزمة سياسية خاضعة للمصالح المتشابكة وتصفية الحسابات.

وتعاني أوروبا من أزمة هجرة متواصلة تسببت في نشوب خلافات جديدة، في ظل محدودية حلول التصدي للظاهرة.

وسبق أن توفي سبعة وعشرون شخصا عندما غرق قاربهم المطاطي في بحر المانش بين فرنسا والمملكة المتحدة.

 وقد شهد عدد الأشخاص الذين يحاولون العبور تزايدا، مع وصول أكثر من ستة وعشرين ألف شخص إلى المملكة المتحدة هذا العام حتى الآن، وهو أكثر من ضعف إجمالي عدد الواصلين العام الماضي.

ولقي العديد من الأشخاص مصرعهم أيضا في ظروف مناخية قاسية (البرد الشديد) خلال محاولتهم العبور إلى بولندا من بيلاروسيا، التي تنفي اتهامها بتنظيم الأزمة على حدودها بهدف زعزعة استقرار الاتحاد الأوروبي.

ملف اللاجئيين يقلل دول الاتحاد الأوروبي
ملف اللاجئيين يقلل دول الاتحاد الأوروبي

وأثارت الوفيات المزيد من التوتر بين دول الاتحاد الأوروبي، حيث قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن “فرنسا هي من يقع عليها اللوم”، فيما اتهم وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان بريطانيا “بسوء إدارة ملف الهجرة”.

وتوالت التحركات الأوروبية لتهدئة المشهد بين بولندا وبيلاروسيا، حيث بحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، إمكانية الوساطة للتواصل مع الجانب البيلاروسي.

في المقابل، حذرت الحكومة البولندية من استمرار الأزمة لسنوات، مع تدفق الآلاف من المهاجرين للسياج الحدودي، متهمة بيلاروسيا بتدبير “هجوم غير مسبوق” على حدودها.

وتوجه دول في الاتحاد الأوروبي، اتهامات صريحة إلى مينسك بـ”استخدام اللاجئين سلاحا ضدها، بدعم من موسكو”، ردا على العقوبات المفروضة نتيجة قمعها للمعارضة البيلاروسية منذ العام الماضي، وتنفي الثانية هذه الاتهامات، مؤكدة على ترحيل أكثر من خمسة آلاف لاجئ.

وحاول نحو 7935 شخصا، من بينهم عراقيون وسوريون وأفغان، دخول الاتحاد عبر الحدود المشتركة مع بيلاروسيا خلال العام الجاري.

وتقدر الأعداد بزيادة بالغة مقارنة بالعام الماضي، حيث وصل مئة وخمسون شخصا فقط للحدود، بحسب تقديرات الاتحاد الأوروبي.

وسجلت منظمة الهجرة الدولية 1650 شخصا باعتبارهم أشخاصا مفقودين خلال محاولتهم عبور البحر المتوسط هذا العام.

ويرى نائب رئيس المجلس الاتحادي للهجرة بالحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا حسين خضر، أن “الأسباب الحقيقة وراء أزمة المهاجرين سياسية بحتة، والمتهم الرئيسي وراءها بيلاروسيا، إضافة إلى اتهامات موجهة لكل من تركيا وروسيا، لتقديمهما الدعم لهذه التحركات بشكل غير مباشر”.

وسبق أن حذرت بريتي باتيل وزيرة الداخلية البريطانية، من أن فشل السياسيين الأوروبيين في التعاون من أجل التصدي لأزمة المهاجرين في القارة قد يؤدي إلى “مشهد أسوأ بكثير” في بحر المانش هذا الشتاء.

وكانت باريس قررت إلغاء مشاركة وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل في اجتماع حول ملف المهاجرين، الذي يسمم العلاقات بين البلدين.

ملف معقد

ودعت لندن باريس إلى التراجع عن قرارها الذي جاء بعد رسالة لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، يطلب فيها من الفرنسيين استعادة المهاجرين الذين وصلوا بطريقة غير قانونية إلى المملكة المتحدة، بعدما قضى سبعة وعشرون منهم في غرق زورقهم عندما كانوا يحاولون عبور المانش.

وهددت لندن في الماضي بقطع الدعم المالي لجهود ضبط الحدود الفرنسية إذا فشلت باريس في وقف تدفق المهاجرين.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن اتفاقية “لو توكيه” لإدارة الحدود بين فرنسا وبريطانيا ستظل أساس عملية الرقابة على حدودهما المشتركة.

وأعلنت بولندا عن بناء جدار على طول الحدود مع بيلاروسيا على امتداد مئة وثمانين كيلومترا في ديسمبر الحالي، بهدف منع أي محاولات تسلل لأراضيها وطمأنة البولنديين.

وقدرت الشرطة الفيدرالية الألمانية، وصول أكثر من خمسة آلاف شخص غير مصرح لهم عبر بيلاروسيا خلال العام الجاري، وتسجيل حوالي عشرة آلاف محاولة عبور غير قانوني على الحدود مع بيلاروسيا خلال أكتوبر الماضي، وستة آلاف محاولة خلال سبتمبر الماضي، مما دفع بولندا ولاتفيا وليتوانيا إلى إغلاق حدود الاتحاد مع بيلاروسيا وبناء أسوار حدودية.

وتعيش أفغانستان حاليا وضعا مأسويا، وتعاني البلاد من أسوأ حالات الجفاف منذ عقدين.

وتعرض الاقتصاد لضربة قوية قبل وصول طالبان إلى السلطة وهو الآن في حالة سقوط حر، ووفقا للأمم المتحدة فإن أكثر من نصف السكان ليس لديهم ما يكفي من الطعام.

5