الكويت تنجز الاستحقاق الانتخابي وتتطلع إلى ما بعده من إصلاحات

تشكيل برلمان جديد يتمتع بقدر من الوفاق مع الحكومة يعتبر على رأس رهانات الاستحقاق الانتخابي.
الخميس 2024/04/04
تعددت المجالس ولم تختلف إلا جزئيا

الكويت - يُدلي الكويتيون بأصواتهم الخميس لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، في أول انتخابات تشريعية تُنظّم في عهد الأمير الجديد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.

ويعتبر تشكيل برلمان جديد يتمتع بقدر من الوفاق مع الحكومة بهدف الخروج من نمطية العلاقة المتوترة التي جمعت الطرفين في أغلب الأحيان، وقادت إلى عدم استقرارهما وعطلت إطلاق الإصلاحات المطلوبة بقوة في البلاد، على رأس رهانات الاستحقاق الانتخابي، بينما تعد المصادقة على من سيتم اختياره لتولي منصب ولي للعهد على رأس المهمات التي سيضطلع بها البرلمان الذي ستفرزه صناديق الاقتراع، وذلك بالنظر إلى أهمية المنصب في نظام الحكم القائم ودوره في الحفاظ على استقرار البلد واستمرارية سلطاته العليا.

ودُعي نحو 835 ألف ناخب وناخبة، 51 في المئة منهم من النساء، إلى صناديق الاقتراع لاختيار 50 نائبا يمثّلون خمس دوائر انتخابية، لولاية مدتها أربع سنوات.

وهذه ثانية الانتخابات التي تنظّم خلال شهر رمضان منذ بدء الحياة السياسية في الكويت ورابعة الانتخابات البرلمانية في أربع سنوات. كما تجري بعد أقل من عام عن آخر انتخابات أفضت إلى فوز قوى المعارضة بغالبية المقاعد.

عبدالعزيز العنجري: العهد الجديد لن يلعب البينغ بونغ مع البرلمان في مسائل محسومة دستوريا
عبدالعزيز العنجري: العهد الجديد لن يلعب البينغ بونغ مع البرلمان في مسائل محسومة دستوريا

ويرى إبراهيم دشتي المرشّح للانتخابات أنّ “هذه العملية الديمقراطية مختلفة عن سابقاتها”، ويضيف أن البرلمان الجديد “قد يساهم في تحديد من سيكون وليا للعهد، أي من سيكون أمير الكويت المقبل”.

ولم يسبق لأي برلمان أن رفض الموافقة على تسمية ولي العهد في تاريخ الكويت، وإن حصل ذلك يزكّي الأمير، وفق الدستور، ثلاثة مرشحين، يُبايع مجلس الأمة أحدهم، ليكون أمير الكويت المقبل.

ولا يزال أمام أمير الكويت الذي تولّى الحكم في منتصف ديسمبر الماضي نحو ثمانية أشهر، وفق الدستور، لاختيار ولي العهد، إذ يتمتع البرلمان بصلاحية مبايعة أو رفض من يختاره الأمير، في جلسة برلمانية خاصة.

وتأتي هذه الانتخابات وسط تحديات عدة خصوصا مع سعي الحكومات المتعاقبة في الكويت إلى تنفيذ خطة إصلاحية أقرّت في العام 2018 لتنويع الاقتصاد والحدّ من الاعتماد على النفط، فيما يشير محللون إلى أن الإصلاحات السياسية ضرورية في المرحلة المقبلة.

وشهدت الكويت منذ بَدء الحياة البرلمانية فيها قبل 61 عاما حلّ مجلس الأمة 12 مرّة، وخلّف تكرار الحلّ وإجراء الانتخابات خلال السنوات الماضية حالة من الإحباط لدى الكويتيين.

ويتنافس في هذه الانتخابات، وهي الرابعة منذ ديسمبر 2020، 200 من المرشحين والمرشحات، وهو أقل عدد منذ أكثر من خمسة عقود. بينما يبلغ عدد الناخبين من الرجال والنساء نحو 850 ألفا.

ورغم أن غالبية الناخبين من النساء فهناك فقط 13 مرشحة للظفر بمقعد نيابي إذ لم تشهد الانتخابات الأخيرة سوى فوز مرشحة واحدة هي جنان بوشهري.

وتُجرى الانتخابات تحت إشراف القضاء ووفقا لنظام الصوت الواحد الذي يعني أن لكل ناخب الحق في منح صوته لمرشح واحد فقط، وتتم عملية الاقتراع في يوم واحد من الـ12 ظهرا إلى منتصف الليل. ومن المنتظر أن تُعلن النتائج الجمعة، يعقبها إعلان استقالة الحكومة وفق الدستور.

وتتكون الكويت من خمس دوائر انتخابية، لكل دائرة عشرة نواب، حيث يفوز المرشحون الذين يحصلون على المراكز العشرة الأولى في كل دائرة بعضوية البرلمان.

المصادقة على من سيتم اختياره لتولي منصب ولي للعهد تعد على رأس المهمات التي سيضطلع بها البرلمان

وتأتي هذه الانتخابات بعد أن قرر أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد في فبراير الماضي حل البرلمان السابق المنتخب في يونيو، وذلك بعد مرور أقل من شهرين على توليه السلطة.

واستند المرسوم الأميري بحل المجلس إلى “ما بدر من مجلس الأمة من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي وتعمد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة”.

وانتقد أمير الكويت بقوة مجلس الأمة والحكومة في أول خطاب له أمام البرلمان بعد أدائه اليمين الدستورية في 20 ديسمبر الماضي، وقال إنهما يلحقان الضرر بـ“مصالح البلاد والعباد”.

واستقالت حكومة الشيخ أحمد النواف بعد كلمة الأمير بساعات وتم تعيين الشيخ محمد صباح السالم رئيسا للوزراء وشكل حكومة ضمت وزراء جددا للداخلية والدفاع والخارجية والمالية والنفط.

وحث أمير الكويت المواطنين على المشاركة في الاقتراع وحسن اختيار من يمثلونهم “وألا يتم اختيار من كان هدفه تحقيق المصلحة الشخصية أو افتعال الأزمات أو المساس بالثوابت”.

وعبر في كلمة ألقاها الاثنين الماضي بمناسبة العشر الأواخر من رمضان عن أمله في أن “تسفر الانتخابات المقبلة عن مجلس متميز بوجوه ذات فكر مستنير وأعضاء مجلس أمة يستفيدون من الدروس والتجارب البرلمانية السابقة وينهضون بمسؤولياتهم الوطنية”.

وقال ناصر العبدلي المحلل السياسي إن هذه الانتخابات تأتي “في أجواء أكثر توازنا بين الأطراف المتصارعة، سواء داخل الأسرة الحاكمة أو خارجها، ومخرجاتها ستكون أكثر توازنا بين المؤيدين للحكومة والمعارضين”.

وتوقع العبدلي أن يكون هناك عزوف جزئي من الناخبين بسبب شهر رمضان وكثرة الانتخابات وخيبة أمل المواطنين من الانتخابات السابقة، مضيفا أنّ “مشكلة الديمقراطية في الكويت أنها غير منظمة”، موضحا بالقول “نحن بحاجة إلى تنظيمات سياسية حتى تكون هناك برامج. وهذه المرة الحملات الانتخابية غابت عنها البرامج السياسية وغلبت عليها تصفية الحسابات بين الفرقاء السياسيين من داخل الأسرة الحاكمة وخارجها”.

وتحظر الكويت الأحزاب السياسية لكن البرلمان يتمتع بصلاحيات كبيرة، منها الحق في استجواب رئيس الحكومة والوزراء وإقرار القوانين ورفضها وإلغائها. لكن الأمير له الكلمة الفصل في شؤون البلاد وله صلاحية حل البرلمان.

وقال عبدالعزيز العنجري الرئيس التنفيذي لمركز ريكونيسونس للبحوث والدراسات إنّ “العهد الجديد يركز أكثر على سرعة إنفاذ التغيير والمضي قدما في أمور يراها ضرورية بدلا من هدر الوقت في المماطلة ولعب البينغ بونغ مع البرلمان في أمور حسمها الدستور”.

وأشار العنجري إلى أنه “لن يكون هناك تسامح مع أي تصرفات نيابية ترى السلطة أنها تمثل تجاوزا واضحا لمبدأ الفصل بين السلطات، وبالمقابل لن يكون هناك تسامح مع أي مسؤول حكومي يتورط في الفساد أو سوء الإدارة المتعمد”.

3