الكويت تلتمس دعم السعودية في مستهل عهد جديد مثقل بالأزمات

القيادة الكويتية الجديدة التي لا تزال في بداية عهدها تبحث عن توازنها في مواجهة متوالية معقّدة من المشاكل والأزمات، لا تبدو في وارد القيام بوساطة لحلّ الخلاف بين قطر والبلدان الخليجية الثلاثة. فأولويتها في الوقت الراهن الحفاظ على السند التقليدي السعودي والحصول على مباركة الرياض كعامل مساعد على تكريس الشرعية الداخلية لكل من يتصدّى لمسؤولية الحكم في الكويت.
الكويت - استبعدت مصادر خليجية أن تكون الكويت بقيادة الأمير الجديد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح بصدد استئناف جهود وساطة لإنهاء مقاطعة كلّ من السعودية والإمارات والبحرين لقطر، معتبرة أنّ القيادة الكويتية الجديدة لا تزال تبحث عن توازنها في خضمّ من المشاكل الداخلية على رأسها الأزمة المالية الحادّة الناتجة عن تراجع أسعار النفط، فضلا عن انشغالها بتهدئة الصراعات بين أجنحة الأسرة الحاكمة التي خرجت إلى العلن في أواخر عهد أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد، وبالاستعداد لدخول مرحلة جديدة بعد الانتخابات التشريعية المقرّرة لشهر ديسمبر القادم والتي سيتوقّف على نتائجها مستوى الاستقرار السياسي في البلد ومقدار التوافق أو التنافر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وقالت مصادر حكومية مطلعة إنّ الرسالة الخطية التي حملها مبعوث أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد، وزير الخارجية وزير الإعلام بالوكالة، الشيخ أحمد الناصر إلى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزير، تضمنت “التشاور والتنسيق على كافة الأصعدة والمجالات، ومنها الخلاف الخليجي والتحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه المنطقة”.
ولم تستطع الكويت منذ إعلان الرياض وأبوظبي والمنامة، صيف سنة 2017 عن مقاطعتها للدوحة بسبب علاقاتها بالتنظيمات المتشدّدة واتباعها سياسات مهدّدة لاستقرار المنطقة وأمنها، أن تحدث أي اختراق في جدار الخلاف وذلك على الرغم من أنّ من قاد محاولات الوساطة هو الشيخ صباح الأحمد بكل ما له من خبرات طويلة متراكمة في العمل الدبلوماسي وبما له من كاريزما، وما يتمتّع به من حظوة لدى القيادات الخليجية، لاسيما القيادة السعودية.
واعتبرت مصادر خليجية أنّ الوساطة في هذا الملف الشائك ليست من أولويات الشيخ نواف الأحمد وولي عهده الشيخ مشعل الأحمد، وأنّ اهتمامهما منصبّ في الوقت الحالي على الحفاظ على السند السعودي التقليدي للكويت والذي تتعاظم أهميته في المنعطفات المفصلية وفي أوقات الأزمات.
ومن الملفات الحارقة التي تواجه طاقم الحكم الجديد في الكويت الملف الاقتصادي والمالي، حيث وجدت الكويت نفسها بفعل اعتمادها شبه الكامل على النفط إزاء أزمة مالية حادّة وصلت حدّ تشكيك وزير المالية براك الشيتان في قدرة الدولة على دفع رواتب موظفيها لشهر نوفمبر القادم.
وفاقمت جائحة كورونا من الأزمة بفعل ما فرضته من قيود على الكثير من الأنشطة الاقتصادية وما رتّبته من أعباء لمواجهة الوباء وتطبيق الإجراءات الضرورية للحدّ من انتشاره.
القرب الجغرافي للكويت من إيران المثيرة للقلاقل، وجوارها للعراق غير المستقر يضاعفان حاجتها لمساندة دائمة من السعودية
وتساءلت أوساط مالية واقتصادية عن إمكانية لجوء الكويت إلى طلب المساعدة من بلدان خليجية لتجاوز أزمتها المالية على غرار ما قامت به سلطنة عمان التي تواجه بدورها أزمة مالية حادّة.
وقال دبلوماسي خليجي سبق له العمل في الكويت، إنّ الشيخ نواف الذي لا يمتلك خبرة الشيخ صباح ولا مقوّمات شخصيته الاستثنائية، لا يجرؤ على المبادرة بوساطة قد لا تكون السعودية راغبة فيها، وإنه لن يبادر بالتدخّل في الملف القطري الخليجي إلاّ إذا تلقّى ضوءا أخضر واضحا من الرياض.
وأشار ذات الدبلوماسي إلى أنّ القيادات الكويتية اعتادت عند صعودها إلى الحكم أن تبحث عن “مباركة سعودية” لها مكمّلة لشرعيتها التي تحصل عليها داخليا.
وبشأن الرسالة التي وجّهها الشيخ نواف إلى الملك سلمان، نقلت صحيفة القبس الكويتية، الجمعة على موقعها الإلكتروني، عن المصادر الحكومية قولها إنّ التنسيق مع المملكة العربية السعودية يأتي لكونها أساسية ومحورية في المنطقة، مضيفة أنّ الرسالة تتضمّن العلاقات بين البلدين، وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة بالإضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك وأهم المستجدات الإقليمية والدولية.
ومن الجانب السعودي اكتفت وكالة الأنباء السعودية الرسمية “واس” بالقول إنّ الملك سلمان تلقّى رسالة خطيّة من الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، موضّحة أنّ الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية تسلّم الرسالة خلال استقباله في الرياض الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح وزير الخارجية الكويتي، دون تفاصيل عن فحوى الرسالة.
وتمكّنت الأسرة الحاكمة في الكويت، على الرغم من الخلافات الدائرة بين أفرادها وأجنحتها من إنجاز نقلة سلسة للسلطة إثر وفاة الأمير السابق الشيخ صباح، حيث تسلّم الحكم بعده الشيخ نواف الأحمد الذي اختار الشيخ مشعل الأحمد لمنصب ولي العهد دون مشاكل تذكر.
وعلى الرغم من ذلك ورث الشيخ نواف تركة مثقلة بالمشاكل الاقتصادية وأيضا السياسية التي تجعل انطلاقته في حكم البلاد صعبة، ما يزيد حاجته للسند السعودي.
ورغم حالة الاستقرار التي تشهدها الكويت إلاّ أنّها تظل معرّضة لأخطار ومشاكل يفرضها قربها الجغرافي لإيران التي لا تعتبر عامل أمان واطمئنان للكويتيين بعد أن شهدوا انخراطها في أكثر من مناسبة في مخططّات وأعمال مخلةّ بأمن بلدهم. كما أنّ جوار الكويت للعراق غير المستقر والذي تحمكه قوى سياسية موالية لإيران وتنشط على أراضيه ميليشيات شيعية متطرّفة يظل مبعث قلق للكويت وقيادتها. بينما تمثّل السعودية ومنطقة الخليج، في المقابل، عمقا ضروريا وسندا أساسيا للكويت المحكومة بصغر خغرافيتها ومحدودية عدد سكانها.