الكويت تفكك شبكة تعدين عملات مشفرة تستنزف الكهرباء

الكويت - أعلنت السلطات الكويتية عن تفكيك 47 "مزرعة" غير قانونية لتعدين العملات المشفرة داخل منازل سكنية، وذلك في إطار حملة أمنية واقتصادية متعددة الأوجه تهدف إلى حماية الشبكة الكهربائية العامة ومكافحة الاستنزاف الهائل للطاقة.
وتأتي هذه الخطوة في سياق جهود متزايدة لكشف الأنشطة غير القانونية التي تستغل البنية التحتية للدولة وتكبدها خسائر مالية فادحة، فضلا عن تهديدها لسلامة واستقرار إمدادات الطاقة.
وشارك في الحملة عدد من الوزراء المعنيين، ونفذت بالتعاون مع بلدية الكويت، ووزارتي الكهرباء والماء والطاقة المتجددة والمواصلات، والمؤسسة العامة للرعاية السكنية، والهيئة العامة للصناعة، وذلك بعد استصدار الأذونات القانونية اللازمة، مما يؤكد الأهمية القصوى التي توليها الدولة لهذا الملف.
وأوضحت وزارة الداخلية الكويتية في بيان رسمي أن هذه الحملة تأتي في سياق إستراتيجية مستمرة تتبناها الوزارة لمكافحة جميع الأنشطة غير المشروعة التي قد تهدد السلامة العامة أو تؤثر سلبًا على البنية التحتية للبلاد.
وأشارت الوزارة إلى أن استغلال كميات كبيرة من الكهرباء في عمليات تعدين العملات المشفرة يؤدي إلى زيادة الأحمال بشكل كبير على الشبكة الكهربائية، مما قد يتسبب في انقطاع التيار الكهربائي في المناطق السكنية والتجارية والخدمية، ويعرض سلامة المواطنين للخطر.
وأكدت وزارة الداخلية أنها ستتخذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة ضد أصحاب العقارات المخالفة، تمهيدًا لإحالتهم إلى الجهات القضائية المختصة لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم. مؤكدة استمرار الحملات الأمنية المشتركة بالتعاون مع الجهات المعنية الأخرى لضبط المزيد من المخالفين وحماية المرافق العامة للدولة.
ومن جهتها، كشفت وزارة الكهرباء الكويتية عن نتائج ملموسة للحملة المشتركة التي استهدفت منطقة "الوفرة" السكنية، حيث تبين انخفاض الأحمال الكهربائية على محطات التحويل الرئيسية بنسبة تقارب 60 بالمئة بعد تنفيذ الحملة، وتحديدا من 85 ميغاواط إلى 36 ميغاواط.
وأشارت الوزارة إلى أن هذا الانخفاض الكبير سيساهم في توفير ما يقارب 15 مليون دينار كويتي سنويا من التكاليف الباهظة لإنتاج الطاقة الكهربائية، والتي كانت تُستنزف بشكل غير مشروع في عمليات التعدين.
وأكدت الوزارة استمرار الرقابة المشددة على أنماط الاستهلاك ورصد أي مؤشرات على استخدام بعض المنازل في نشاط تعدين العملات المشفرة، والذي يشكل خطراً على الشبكة الكهربائية ويستنزف كميات كبيرة من الطاقة.
وبدأت الوزارة، منذ الاسبوع الماضي، حملة ميدانية واسعة النطاق على منطقة الوفرة السكنية، أسفرت عن رصد نحو 100 منزل، تُظهر بيانات استهلاكها معدلات مرتفعة للغاية، ومختلفة عن نموذج الاستهلاك السكني المعتاد، ما يشير إلى احتمالية استخدام الكهرباء في أنشطة غير مصرح بها، وعلى رأسها عمليات تعدين العملات المشفرة.
وتبيّن من خلال التحليل الفني الدقيق أن نمط الاستهلاك في هذه المواقع يفتقر إلى التباين المعتاد بين فترات النهار والليل، وبين فصول السنة، حيث يتم تسجيل استهلاك ثابت وعالٍ على مدار اليوم، وهو مؤشر واضح على تشغيل أجهزة أو معدات بكثافة ومن دون توقف.
ويشار إلى أن تعدين العملات المشفرة، مثل البيتكوين والإيثريوم، يتطلب أجهزة متخصصة تستهلك كميات ضخمة من الطاقة الحاسوبية والكهربائية لإجراء عمليات حسابية معقدة تهدف إلى التحقق من المعاملات وإضافة كتل جديدة إلى سلسلة الكتل (البلوك تشين)، وهو ما يفسر الارتفاع غير الطبيعي في استهلاك الكهرباء الذي رصدته وزارة الكهرباء في نحو 100 منزل بمنطقة الوفرة قبل الحملة.
وتؤكد هذه الحملة جدية السلطات الكويتية في التصدي لهذه الظاهرة التي تتنامى عالميا التي تستنزف موارد الطاقة بشكل غير قانوني، فضلاً عن المخاطر الأمنية والاقتصادية المحتملة المرتبطة بها، وتبعث برسالة قوية للمخالفين بأن الدولة لن تتهاون في حماية مصالحها ومواردها. وتعد هذه الإجراءات نموذجا يحتذى به للدول الساعية لتنظيم قطاع العملات المشفرة ومكافحة استغلاله غير المشروع.