الكويت تعدّل قانون الإيجار وفق مقتضيات أزمة كورونا

الكويت - أقر مجلس الأمّة الكويتي (البرلمان) تعديلا تشريعيا يحمي المستأجر من إخلاء المسكن والمقر الذي يستأجره في فترات الأزمات العامة التي يقرّر فيها مجلس الوزراء تعطيل أو وقف العمل في جميع مرافق الدولة، كما هي الحال في أزمة فايروس كورونا الحالية.
والتعديل القانوني الجديد واحد من سلسلة إجراءات أطول لجأت إليها السلطات الكويتية لمواجهة التداعيات الصحية والاجتماعية والاقتصادية لجائحة كورونا التي تحوّلت إلى ما يشبه “الدرس” للعديد من الدول من بينها الكويت التي وقفت بطريقة عملية على الهنات التي ينطوي اقتصادها وارتهانه الشديد للنفط، كما وقفت على خطورة بعض الملفات الأخرى المؤجّلة مثل ملف الوافدين الذين يتجاوز عددهم عدد المواطنين ويُغرقون سوق الشغل ويثقلون كاهل الدولة الكويتية بما يحولونه من أموال إلى بلدانهم الأصلية.
ويُنظر إلى التعديل الجديد لقانون الإيجار باعتباره جزءا من حماية الدورة الاقتصادية والحفاظ على مناصب العمل وموارد الرزق بالنظر إلى وجود عدد كبير من المؤسسات والشركات التي تزاول أنشطتها في مقارّ مستأجرة. وبانسحاب القانون على المحال السكنية يصبح للتعديل أيضا دور في حماية الاستقرار الاجتماعي والتماسك الأسري خلال فترة الجائحة.
وقالت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية “كونا” إن البرلمان وافق على القانون بأغلبية 51 نائبا مقابل رفض ثلاثة نواب. ونص التعديل الجديد على أنه “لا يجوز الحكم بإخلاء العين (العقار) المؤجر إذا تخلّف المستأجر عن سداد الأجرة خلال الفترة التي يقرر مجلس الوزراء تعطيل أو وقف العمل خلالھا في جميع المرافق العامة للدولة حماية للأمن أو السلم العام أو الصحة العامة التي تقتضيھا المصلحة العليا للبلاد”.
وتعرضت الميزانية العامة للكويت للسنة المالية 2020-2021 التي بدأت في أول أبريل الماضي إلى صدمة مزدوجة بسبب الهبوط الكبير لأسعار النفط وجائحة كورونا التي أثرت بشدة على مجمل النشاط الاقتصادي محليا وعالميا.
وتضرر الكثير من الأفراد والشركات في الكويت بسبب الإغلاق الذي فرض لمحاصرة الفايروس وأصبحوا غير قادرين على سداد الإيجارات، ما تسبب في أزمات عديدة بين المُلاك الذين تراكمت عليهم الالتزامات وبين المستأجرين غير القادرين على الدفع.
ومع اضطرار كثير من الشركات إلى تسريح أعداد كبيرة من عمالها بسبب الجائحة، تسعى الحكومة الكويتية بشكل حثيث للحفاظ على الاستقرار الوظيفي والاجتماعي لمواطنيها العاملين في القطاع الخاص وضمان عدم تأثرهم بشكل كبير بالجائحة.
وسبق لوزارة المالية الكويتية أن قرّرت صرف أكثر من 781 مليون دولار كدعم إضافي للمواطنين الكويتيين العاملين في ذلك القطاع لتخطي أزمة كورونا وما خلفته من تداعيات.
وتولي الحكومة الكويتية اهتماما بالقطاع الخاص بدافع القلق من أن يضيف انهيار بعض مؤسساته عبئا إضافيا على الدولة لا تستطيع تحمّله بسبب التراجع الحاد في مواردها المالية. ويشغّل القطاع أكثر من مليون و600 ألف عامل غالبيتهم العظمى من العمال الوافدين بينهم 4 في المئة فقط مواطنون كويتيون.
وكان من ضمن برامج الإصلاح المطروحة في الكويت تنشيط هذا القطاع واتّخاذ إجراءات لرفع قدرته على استيعاب المزيد من المواطنين المقبلين بشكل متزايد على سوق العمل لتخفيف العبء عن القطاع العمومي غير القادر على توفير المزيد من الوظائف.
وتضمن تعديل قانون الإيجار أيضا قيام المحكمة بتحديد طريقة سداد المستأجر للإيجار المتأخر ومدة التقسيط وقيمة كل قسط وفقا للحالة المالية للمستأجر وظروف الدعوى.
وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون أنه ونظرا لما تمر به البلاد حاليا من أزمة انتشار وباء كورونا وما ترتب عليها من تعطيل بعض الأنشطة التجارية، فإن ذلك يستدعي حماية المستأجرين المتضررين من الحكم عليهم بإخلاء العقارات المؤجرة.
كما خفّض التعديل عدد القضاة في دائرة الإيجارات بالمحكمة الكلية من ثلاثة قضاة إلى قاض واحد وذلك للعمل على زيادة عدد الدوائر المختصة بالفصل في المنازعات المتعلقة بالإيجارات والتعويضات المترتبة عليها.
وقال قيس الغانم نائب رئيس اتحاد العقاريين بالكويت لوكالة رويترز إنّ القانون جيد وسيحل كثيرا من المشكلات التي تراكمت بين المالك والمستأجر بسبب العجز عن دفع الإيجار خلال جائحة كورونا. وأضاف “ليس هناك مالك اليوم يريد أن يخرج المستأجر من عقاره سواء كان سكنيا أو تجاريا.. لن يجد مستأجرا جديدا لأن الوضع العام متأثر كله بالجائحة، وهذا الأمر ليس خاصا بالكويت فقط وإنما هي أزمة في العالم كله”.
ويقول منتقدون للقانون إنه لم يُعفِ المستأجر من الإيجار أو جزء منه خلال الجائحة، وإنما أعطى القاضي سلطة تقسيطه فقط. لكن الغانم قال إن كثيرا من ملاك العقارات الاستثمارية أو التجارية أعفوا المستأجرين طواعية من جزء من الإيجار خلال الجائحة، وهو ما قد يقلل من عدد الدعاوى القضائية المتعلقة بالإيجارات بسبب أزمة كورونا عمّا كان متوقعا.
وتبدو السلطات الكويتية من خلال سلسلة الإجراءات التي تتّخدها بصدد الاستعداد لمعركة طويلة الأمد ضد فايروس كورونا الذي مايزال يواصل انتشاره رغم إجراءات الوقاية الصارمة المتّبعة في البلد، حيث أعلن الخميس في الكويت عن تسجيل حالة وفاة واحدة و620 إصابة جديدة بالفايروس ليرتفع بذلك إجمالي الإصابات في البلاد إلى 70 ألفا و45 حالة وهو عدد مرتفع نسبيا قياسا بالعدد الجملي للسكان الذي يبلغ حوالي 4.5 ملايين نسمة. ورغم المصاعب الاقتصادية اضطرت الكويت مؤخرا لحظر الطيران التجاري مع 31 دولة ما تزال نسب انتشار الفايروس فيها مرتفعة.