الكويت تطوي سنوات الخلافات بالانفتاح على أسواق الديون

مرسوم مرتقب يسمح بإصدار سندات تقليدية وصكوك إسلامية بقيمة أقل مما كان مقترحا في السابق.
الجمعة 2025/01/31
النفط لا يكفي لتمويل التنمية

اقتربت الكويت كثيرا من طي سلسلة طويلة من الخلافات السياسية حول الاقتراض، بإبداء المسؤولين انفتاحا نادرا على الأسواق الدولية للديون لمواجهة تأثير تراجع عوائد تجارة النفط على التوازنات المالية، في ظل البطء الشديد في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة.

الكويت – تستعد الحكومة الكويتية لبيع ديون في الأسواق الدولية للمرة الأولى منذ ثماني سنوات، حيث من المرجح أن يوافق مجلس الوزراء على قانون جديد يمكن أن يسمح بجمع 20 مليار دينار (65 مليار دولار) على مدى خمسة عقود.

وسيسمح المرسوم للعضو في منظمة أوبك بإصدار كل من السندات التقليدية والصكوك الإسلامية، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة الأمور الرسمية.

وكشفت المصادر لوكالة بلومبيرغ الخميس أن سقف الديون قد يتم رفعه في المسودة النهائية، حيث أعطت المقترحات السابقة حدا أقصى قدره 30 مليار دينار (97.32 مليار دولار). وأشارت إلى أن الكويت ستستغل أسواق السندات فقط عند الحاجة.

وكان آخر إصدار للكويت في مارس 2017 بقيمة ثمانية مليارات دولار، قبل أيام فقط على انتهاء قانون الديون السابق. وهذا هو سند اليورو الوحيد المستحق للبلد ويتداول بعائد يبلغ حوالي 4.9 في المئة، وهو أحد أدنى المستويات بين دول الأسواق الناشئة.

آخر إصدار للديون كان في مارس 2017 بقيمة ثمانية مليارات دولار، قبل أيام فقط من انتهاء قانون الديون السابق

وجعل الافتقار إلى مشروع قانون للدين العام، والذي تأخر لسنوات بسبب المشاحنات السياسية في البرلمان، من المستحيل على الحكومات المتعاقبة الاقتراض، مما أجبرها على الاعتماد على صندوق الاحتياطي العام، أو الخزانة.

وتستخدم الكويت صندوق الاحتياطي العام الذي تديره الهيئة العامة للاستثمار، لتغطية عجز الموازنة أثناء الأزمات، مثلما حصل خلال العقد الماضي، عندما هوت أسعار الخام إلى مستويات مقلقة.

وستلجأ الحكومة إلى الأسواق الدولية بشكل أساسي لتمويل مشاريع التنمية الرئيسية، وللمساعدة في سد العجز المالي إذا لزم الأمر.

وعلق أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح عمل البرلمان لمدة أربع سنوات في مايو الماضي، مما مهد الطريق فعليا للحكومة غير المنتخبة لتمرير مشاريع قوانين رئيسية.

وتأخرت المشاريع لسنوات وسط مشاحنات بين الوزراء المعينين. وفي ذلك الوقت، قال الشيخ مشعل إنه لم يعد لديه خيار لأن الدولة الخليجية كانت في خطر “الانهيار”.

وشهدت السياسة غير الوظيفية دورانا متكررا للحكومات، مما جعل أولئك الذين يشرفون على الاقتصاد المعتمد على النفط غير قادرين على سن الإصلاحات.

والكويت، التي تعتبر الأبطأ إصلاحيا بين اقتصادات دول الخليج العربي، تأخرت عن جيرانها في خفض الدعم، والذي يمثل مع رواتب القطاع العام أكثر من 80 في المئة من الإنفاق، وفرض الضرائب.

ومنذ سنوات سعى البلد، الذي يعتمد على إيرادات النفط في تمويل 90 في المئة من الموازنة العامة، التي تبدأ في شهر أبريل من كل عام، لتنويع اقتصاده وتقليل اعتماده على الوقود الأحفوري كمصدر شبه وحيد للتمويل.

ولكن جهود الحكومات السابقة وخططها لم تتكلل بالنجاح منذ انهيار أسعار النفط منتصف عام 2014، لتنفيذ رؤية 2035، واللحاق بركب جيرانها، وخاصة الأكبر من حيث حجم الاقتصاد، وهما السعودية والإمارات، حيث حققوا نجاحات متفاوتة في التنويع.

وفي تغير ملحوظ أعلنت وزارة المالية الشهر الماضي أنه سيتم فرض ضريبة جديدة على الشركات متعددة الجنسيات اعتبارا من الأول من يناير من هذا العام، مما يلزمها بدفع معدل أدنى يبلغ 15 في المئة على الأرباح.

وبسبب السقف المحدد، تبلغ نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في الكويت حوالي 7 في المئة، بحسب صندوق النقد الدولي، وهي واحدة من أدنى المستويات في العالم. ويرى الصندوق أن هذا الرقم سيرتفع إلى 25 في المئة بحلول عام 2029.

ولطالما أكد خبراء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أن تعافي أسعار النفط لن يكفي لسد العجز في موازنات دول الخليج عموما، والتي تعتمد بشكل أساسي على إيرادات الخام، وهو ما يحتم عليها تنويع مصادر الدخل وخفض الإنفاق.

56

مليار دولار قيمة القروض التي ستجمعها الحكومة لتمويل المشاريع وسد عجز الموازنة

ومنذ تعليق البرلمان، أحيت الحكومة الكويتية خطاب الإصلاح والتنمية، ووعدت بتسريع المشاريع وتعزيز النمو وجذب الاستثمارات الأجنبية مع الحديث عن خطط طموحة لتنويع الاقتصاد.

وزعم المشرعون أن من الصعب الموافقة على قانون الدين العام دون إصلاح الميزانية، وحثوا الحكومة على إدارة المالية بشكل أفضل قبل اللجوء إلى الاقتراض.

وتواجه الكويت بعد الإيرادات الضخمة التي شهدتها خلال العامين 2022 و2023 بفعل الحرب الروسية – الأوكرانية، تحديات ستمتد حتى العام 2029 لسد عجز الموازنة العامة، في تأكيد على مدى علل اعتمادها المفرط على النفط الخام.

وحذرت الحكومة مطلع 2024 في سياق برنامج عملها الجديد من أن البلد الغني بالنفط يواجه “تحديا استثنائيا خطيرا”، في ظل تذبذب أسعار الخام واعتماد المالية العامة عليه كمصدر وحيد للدخل.

ووفق وثيقة البرنامج، فإن هذا التحدي “يهدد قدرتها على الاستمرار في توفير الحياة الكريمة للمواطنين واحتياجاتهم الأساسية، ويهدد أيضا بعدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات المحلية والدولية.”

وجاء في البرنامج، بحسب رويترز، أن العجز المتوقع في الموازنة العامة خلال السنوات الخمس المقبلة سيتراوح بين 45 و60 مليار دينار (بين 146.1 و194.8 مليار دولار) من دون المضي بالإصلاح الاقتصادي والمالي.

ومن المتوقع أن تتضاعف متطلبات التمويل الحكومي خلال 10 سنوات وبلوغ متوسط عجز الموازنة 42.2 مليار دولار في 2033.

وحذر البرنامج من أن استمرار الأوضاع المالية والاقتصادية بالتدهور قد ينتج عنه تعثر الأفراد والشركات والبنوك، وارتفاع معدلات البطالة “إلى حد خطير”، وانهيار الخدمات الاجتماعية وتدهور الأمن الاجتماعي.

ويرى محللون أن الكويت لن تستطيع في فترة قصيرة معالجة العجز المالي، إلا من خلال ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية التي لا تزال تتراوح بين 72 و78 دولارا للبرميل.

ويفترض برنامج عمل الحكومة أن تمويل الموازنة سيتطلب أسعار نفط عند 100 دولار في العام 2033، لتنفيذ إصلاحاتها التي طال انتظارها.

وبفضل موارد النفط، تعتبر الكويت خامس أغنى دولة في العالم من حيث نصيب الفرد من الدخل الإجمالي، وهي خامس أكبر منتج في منظمة أوبك، وموطن لقرابة 101 مليار برميل من احتياطيات الخام المؤكدة، وهي سابع أكبر احتياطي في العالم.

11