الكويت تضبط سوق مواد البناء لتحفيز قطاع الإنشاءات

وزارة التجارة تمنع التصدير وتفتح منافذ للاستيراد مؤقتا مع تعطل عمليات الشحن من عدة دول.
الأربعاء 2021/06/23
محاولة لإحلال التوازن في السوق

رأى اقتصاديون وتجار أن تشديد وزارة التجارة والصناعة الكويتية الرقابة على أسعار مواد البناء سيكون له دور مهم في تحفيز قطاع الإنشاءات والشركات المرتبطة بهذا النشاط بالدرجة الأولى، ومن ثم تطويق محاولات المضاربة في السوق وخاصة المضاربة في مادتيْ الإسمنت والحديد، لاسيما مع تقلص الواردات جراء قيود الإغلاق في بعض الدول المصدرة.

الكويت - تتجه الحكومة الكويتية إلى إعادة تحريك نشاط التطوير العقاري والإنشاءات الذي تضرر بفعل تداعيات الأزمة الصحية، وذلك عبر ضبط إيقاع سوق مواد البناء من خلال منع التصدير مع العمل على فتح منافذ أخرى لاستيراد الحديد من عدة دول، ووضع الآلية اللازمة لتسريع وتيرة الاستيراد.

ويقول المسؤولون في وزارة التجارة إن هذه الإجراءات تأتي لحماية المستهلكين من الغلاء في ظل ما تشهده السوق المحلية من ارتفاعات ملحوظة بالتزامن مع ارتفاع أسعار المواد الإنشائية عالميا.

ولكن الجائحة أرخت بظلالها على السوق المحلية أيضا وعلى عمليات التشييد نتيجة توقف المصانع عن العمل وكذلك توقف حركة الشحن في الموانئ العالمية وخاصة من الهند.

وأصدرت الوزارة حزمة من القرارات التي تقول إنها ساهمت في الحفاظ على استقرار أسعار معظم مواد البناء. ومن بين تلك الإجراءات فرض حظر على تصدير وإعادة تصدير الإسمنت والأخشاب وحديد التسليح، والسماح للمواطنين بأن يستوردوا مباشرة المواد الإنشائية للأغراض الشخصية.

محمد العنزي: توقف الشحن بموانئ الهند تسبب في ارتفاع الأسعار عالميا
محمد العنزي: توقف الشحن بموانئ الهند تسبب في ارتفاع الأسعار عالميا

وضاعفت الوزارة جهود فرقها التفتيشية والحملات الرقابية في الأسواق، فضلا عن اتخاذها الإجراءات القانونية بحق بعض المحال التجارية بسبب استغلالها الأوضاع الراهنة ورفعها الأسعار بصورة مصطنعة.

وأكد الوكيل المساعد للشؤون الفنية وتنمية التجارة في وزارة التجارة محمد العنزي أن الوزارة تتولى دعم الأنشطة التجارية والاقتصادية والإشراف عليها وضمان توفير السلع والمواد الإنشائية والخدمات في السوق المحلية ومطابقتها للمواصفات القياسية الخليجية والعالمية بصورة مستمرة وحماية المستهلكين جراء أي ارتفاع مصطنع في الأسعار.

ونسبت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا) إلى العنزي قوله إن “السوقين المحلية والعالمية شهدتا حالة من الارتفاعات في أسعار تلك المواد بشكل عام ولم تتوان الوزارة منذ بداية الأزمة (ديسمبر 2020) في مراقبة الأسواق والمحلات التجارية ومخالفة من يعارض اللوائح والقوانين المعمول بها”.

وتشير التقديرات إلى أن أسعار المواد الإنشائية في الكويت من أزهد الأسعار مقارنة بأسعارها في الدول المجاورة إذ وصل سعر طن الحديد إلى نحو 248 دينارا (نحو 815 دولارا) والإسمنت بنحو 1.2 دينار للكيس الواحد، في حين تعتبر أسعار الخشب مقاربة لأسعار دول مجلس التعاون الخليجي.

وأرجع العنزي ارتفاع أسعار مواد البناء التي شهدتها الأسواق العالمية إلى زيادة أعداد الإصابات في الهند جراء الجائحة حيث توقفت شحنات السلع في الموانئ أكثر من 90 يوما.

وكان بيت التمويل الكويتي (بيتك) قد ذكر الأسبوع الماضي في تقرير عن نشاط العقارات أن نسب الإشغال في العقارات التجارية تراجعت بواقع 90 في المئة، مما يعني أن القطاع يعاني من مشكلة حقيقية قد تتفاقم إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه حتى نهاية هذا العام.

وفرض بنك الكويت المركزي منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في عام 2009 عدة قواعد على التمويل الموجه إلى القطاع العقاري للحد من المضاربات التي أدت إلى ارتفاع كبير في الأسعار.

ولكن في السنوات الخمس الأخيرة اتسعت موجة نزوح المستثمرين الكويتيين إلى الخارج بحثا عن الفرص الاستثمارية، بسبب حالة الركود التي يعاني منها القطاع العقاري الذي كان على مدى عقود المتنفس الرئيسي للمستثمرين.

وحتى تتفادى تلك المشكلة توفر وزارة التجارة المواد الإنشائية المدعومة لمستفيدي القروض العقارية والتي تتضمن مواد حديد التسليح والإسمنت والخرسانة الجاهزة والطابوق الأبيض العازل والأسود والتكييف، مع اختيار مادة واحدة من بين هذه المواد حسب حاجة المستفيد بمبلغ دعم قدره 1800 دينار (نحو 5940 دولارا).

نايف الشمري: الأسعار في السوق المحلية يتحكم فيها العرض وليس الطلب
نايف الشمري: الأسعار في السوق المحلية يتحكم فيها العرض وليس الطلب

وتؤكد مديرة إدارة التموين في وزارة التجارة دلال الشمري أن إحصائية أجرتها لشهر مايو الماضي بشأن دعم المواد الإنشائية أظهرت استفادة نحو 750 شخصا من أصحاب القروض الممنوحة من بنك الائتمان الكويتي، كما تم صرف نحو 45 مليون دولار دعما للمواد التموينية والإنشائية.

وتفيد الإحصائيات بأن إجمالي المبالغ التي تم صرفها لدعم المواد الإنشائية في الشهر الماضي بلغ نحو 19.8 مليون دولار، في حين بلغ عدد المستفيدين من كميات الإسمنت نحو 572 مستفيدا، وبلغ عدد المستفيدين من كميات الحديد نحو 555 مستفيدا، كما وصل عدد المستفيدين من كميات الطابوق الأبيض العازل إلى حوالي 558 مستفيدا، أما عدد المستفيدين من كميات الخرسانة الجاهزة فقد بلغ نحو 556 مستفيدا.

وعزا أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت نايف الشمري الارتفاعات الأخيرة في أسعار المواد الإنشائية في الأسواق العالمية إلى توقف صادرات الدول المنتجة لتلك المواد بسبب الجائحة التي سببت إغلاقا اقتصاديا دام فترة طويلة.

وقلل الشمري من انعكاسات ارتفاع الأسعار العالمية على السوق الكويتية لأن الأسعار يتحكم فيها جانب العرض وليس الطلب. وقال إن “الطلب على تلك المواد محدود جدا حيث لم تتجاوز أوامر البناء الفعلية على مشاريع المناطق السكنية الجديدة مثل المطلاع وعبدالله مبارك الألف حالة تقريبا”.

وأضاف “لو نظرنا إلى سوق الإسمنت المحلية يتبين لنا أنها تنتج نحو 9 ملايين طن سنويا مقارنة بمتوسط الطلب المحلي الذي يبلغ نحو 6 ملايين طن سنويا”، مشيرا إلى أنه يوجد فائض في سلعة الإسمنت، واعتبر أن ذلك لا يستدعي القلق من ارتفاع سعرها فهي تحدد بحسب قوة الطلب والعرض في السوق.

ويتم تصنيع الحديد محليا عبر استيراد المادة الأولية المصنعة له إذ تقدر الطاقة الإنتاجية للمصانع المحلية بنسبة 1.5 مليون طن سنويا مقارنة بمتوسط حاجة السوق الذي هو ما بين 1.2 إلى 1.5 مليون طن سنويا.

وتبدو الكويت أمام ضرورة فتح المزيد من الأسواق الخارجية خاصة في منطقة الشرق الأوسط، علاوة على خفض الرسوم الجمركية لاستيراد المواد الأولية كالحديد والخشب والنحاس مؤقتا للحد بشكل مستدام من ارتفاع الأسعار.

11