الكويت تسرّع حسم ملف الجنسية المترتب على سنوات طفرة التزوير

ضغوط البرلمان على حكومات كويتية سابقة حالت دون حسم ملف تزوير الجنسية، ومزورون حظوا بحماية النواب.
السبت 2024/11/09
مكسب ثمين يوفر امتيازات كبيرة لمن يحصل عليه

الكويت- سجلت في الكويت قفزة نوعية في عملية سحب الجنسية من أشخاص تتهمهم السلطات بالحصول عليها بالتزوير، وذلك بعرض دفعة كبيرة من هؤلاء تتكون من 930 فردا على مجلس الوزراء للنظر في سحب الجنسية الكويتية منهم.

ويتواصل منذ إطلاق حملة التدقيق في الجنسيات في شهر مارس الماضي الإعلان تباعا عن قرارات السحب، لكنّ الدفعة الجديدة أظهرت عزم السلطات على تسريع العملية لحسم الملف وطيّه بشكل نهائي في أقرب الآجال.

ويعتبر ملف تزوير الجنسية من القضايا المزمنة في الكويت والمترتّبة على فترات سابقة تميّزت بضعف الحكومات المتعاقبة نتيجة الضغوط الشديدة التي كانت مسلطة عليها من قبل أعضاء البرلمان وساهمت بشكل كبير في تقييد عملها وتسببت في بروز نوع من التسيّب الوظيفي والإداري نتجت عنه عدّة ظواهر سلبية، من بينها حدوث طفرة كبيرة في عمليات التزوير التي لم تقتصر على الجنسية بل امتدت أيضا إلى الشهادات العلمية والكثير من الوثائق الإدارية والإجازات المرضية المستوجبة للراحة وشهادات إثبات الإعاقة للحصول على مساعدات مالية حكومية، وغيرها.

الشيخ فهد اليوسف يؤكد أن "إن ما حدث في ملف الجنسية إحدى أكبر الجرائم في حق الكويت، ولا يُمكن السماح باستمرار هذه الجريمة"

وكان الملف ذاته خلال سنوات سابقة موضع تجاذبات حادّة بين الحكومة التي عملت على استبقاء سحب الجنسية ضمن دائرة اختصاصها، ونواب مجلس الأمة الذين عملوا على جعله من اختصاص القضاء. وتقول مصادر كويتية إنّ الكثير من مزوّري الجنسية كانوا يتمتّعون بحماية نواب في البرلمان ويستفيدون من شبكة علاقاتهم الواسعة ضمن هياكل الدولة ومؤسساتها.

وسرّع قيام أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الصباح قبل عدّة أشهر بحلّ مجلس الأمّة وتعليق العمل بمواد في الدستور بشكل مؤقّت وتيرة الإصلاح في الكويت وساعد الحكومة، التي باتت متحررة من الضغوط النيابية، على فتح ملفات شائكة مثل ملف الجنسية واتّخاذ قرارات حاسمة بشأنها.

ونقلت صحيفة “الجريدة” المحلية عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن إجمالي حالات سحب الجنسية بلغ منذ بداية أغسطس الماضي 2210 حالات.

وتنوّعت أسباب السحب، بحسب المصادر ذاتها، بين الازدواجية والتزوير وتورّط البعض في قضايا أمن الدولة والحصول على الجنسية وفق بند تقديم أعمال جليلة للبلد عبر التدليس.

كما أوضحت المصادر أن الدفعة الأخيرة التي أعلنتها اللجنة العليا لتحقيق الجنسية تضمنت عددا كبيرا من مطلقات مواطنين، وزوجات آخرين حصلوا على الجنسية وفق استثناءات غير قانونية.

وبشأن الحاصلين على الجنسية وفق بند الأعمال الجليلة، تبين بحسب المصادر ذاتها أن هؤلاء الأشخاص تم تجنيسهم عبر الواسطة والرشاوى والتدليس، لافتة إلى أن بعضهم كان يحمل جنسيات بلدان أخرى ويدّعي أنه من غير محددي الجنسية المتعارف عليهم محليا بالبدون.

وناقش اجتماع اللجنة أيضا ملفات أشخاص حصلوا على الجنسية الكويتية عبر الانتماء إلى أشخاص لا تربطهم بهم صلة أبوّة حقيقية، وتم تسجيلهم على ملفاتهم مقابل مبالغ مالية، لافتة إلى أن أحد الملفات ضم 90 شخصا بالتبعية بعد أن تم تسجيل خمسة أشخاص وامرأة على ملف أحد المواطنين، ووصل عدد أفراد أسر هؤلاء المزورين إلى تسعين شخصا جميعهم سوريون في الأصل.

2210

حالات إجمالي حالات سحب الجنسية بلغ منذ بداية أغسطس الماضي

وتتصاعد بشكل تدريجي أرقام حالات سحب الجنسية في الكويت، وكانت اللجنة قد قررت آخر أكتوبر الماضي سحب الجنسية من 489 شخصا، وذلك بعد إصدارها في شهر سبتمبر قرارات بالسحب شملت 112 شخصا.

ودافع نائب رئيس الوزراء، وزير الداخلية ووزير الدفاع الشيخ فهد اليوسف عن سلامة إجراءات سحب الجنسية قائلا إنّ العدد المشمول بقرارات السحب “كبير فعلا لكن كلّها حالات مستحقة وفاضحة”، مؤكّدا قوله “لا نظلم أحدا ولكننا نرفع الظلم عن الكويت وأهلها”.

وأشار إلى أنّ حملة تدقيق الجنسيات وسحبها من غير مستحقيها تجري بتوجيه من أمير البلاد “بضرورة الحفاظ على الهوية الوطنية”.

كما نقلت صحيفة “الرأي” المحلية عن الشيخ فهد اليوسف قوله “إن ما حدث في ملف الجنسية إحدى أكبر الجرائم في حق الكويت، ولا يُمكن السماح باستمرار هذه الجريمة”، مشدّدا على أنّ “كل القرارات التي تتخذها اللجنة العليا لتحقيق الجنسية تتم وفق القانون، ويتم تدقيق كل الملفات بعناية قصوى”.

ومن جهة مقابلة لفت إلى أنّ حقّ التظلّم مكفول لمن تسحب منهم الجنسية، معلنا عن توجّه نحو تشكيل لجنة ضمن الإدارة العامة للجنسية “مهمتها استقبال التظلمات لمن لديه تظلم من خلال التواصل عبر آلية معينة للاستماع إليه واتخاذ الإجراءات المناسبة”.

وناشد المواطنين المساعدة في كشف مزوري الجنسية قائلا إنّ السلطات ماضية في العمل على الملف بلا كلل ولا ملل، وإنّ لديها مصادرها بشأن عمليات التزوير من داخل البلاد ومن خارجها، مؤكّدا أن أعدادا من المزورين شرعوا في الفرار تلقائيا إلى خارج الكويت.

3