الكويت تستعين بالخبرات الدولية في حربها ضد مزوّري الشهادات العلمية

الكويت- اتجهت السلطات الكويتية نحو الاستعانة بخبرات جهات دولية في مجال تدقيق المؤهلات العلمية وذلك في نطاق جهودها لمحاصرة تزوير الشهادات الجامعية الذي تحول خلال سنوات ماضية إلى ظاهرة ازدادت خطورتها حين طالت مجالات حساسة من ضمنها المجال الطبّي.
ويعود نشوء الظاهرة إلى فترة زمنية طويلة نسبيا شهدت تساهلا رسميا في اعتماد الشهادات المتحصل عليها من مؤسسات أغلبها خارج البلاد وذلك لسد الحاجة المتزايدة للكفاءات العلمية والكوادر المؤهلة، لكن قضية التزوير أخذت أبعادا خطيرة وأثارت “حالة استنفار” لدى السلطات سنة 2018 عندما تم اكتشاف أضخم عملية تزوير لشهادات جامعية تورطت فيها شبكة واسعة ومنظمة تبيّن أنّها وفرت شهادات مزورة لأكثر من ألف شخص بعضهم من ذوي الشهرة والمكانة الاجتماعية.
وتكثفت الجهود منذ ذلك الحين للحدّ من الظاهرة وتعدّدت الأساليب والوسائل في مواجهتها وصولا إلى إعادة تدقيق شهادات ومؤهلات العاملين في قطاعات بحالها مثل قطاع التعليم، وحديثا قطاع الصحة.

لمياء الملحم: التحقق من صحة الشهادات حماية للمنظومة الصحية
وفي نطاق الجهود ذاتها أعلنت وزارة التعليم العالي الكويتية عن اتفاقية تعاون مع شركة كوادراباي فيريفيكيشن سيرفس وهي إحدى أكبر الشركات العالمية المتخصصة بمجال التحقق من صحة المؤهلات الأكاديمية والمهنية من مصدرها الأساسي.
وقالت وكيل الوزارة لمياء الملحم إن الاتفاقية تمثل نقلة نوعية في جهود ضمان نزاهة المؤهلات الأكاديمية لاسيما في القطاع الطبي وتعكس الحرص على الالتزام بأعلى معايير الجودة والمهنية في معادلة الشهادات العلمية بما يرسخ مبدأ العدالة ويعزز ثقة المجتمع في الكفاءات المهنية.
وأشارت في تصريحات أوردتها الأحد وسائل إعلام محلية إلى أن الاتفاقية تهدف في مرحلتها الأولى إلى التحقق من صحة الشهادات الأكاديمية والمهنية للكوادر الطبية والعاملين في المجال الطبي من مصدرها الأساسي بما يسهم في حماية المنظومة الصحية وضمان كفاءة الكوادر العاملة في هذا القطاع الحيوي.
وأوضحت أن هذا التعاون سيساهم في تسريع إجراءات معادلة الشهادات والحد من ظواهر التزوير الأكاديمي والمخاطر المهنية الناتجة عن توظيف غير المؤهلين وتقليل التدخل البشري من خلال منصة تحقق رقمية موثوقة وتحقيق أعلى معايير النزاهة الأكاديمية في توظيف الكوادر لاسيما في القطاع الطبي مما يعزز ثقة المجتمع المحلي والدولي بإجراءات الوزارة في مجال اعتماد المؤهلات العلمية.
وأضافت أن هذه الاتفاقية تعزز الشراكة المؤسسية بين وزارة التعليم العالي والجهات الرقابية والتنظيمية ودعم سمعة دولة الكويت دوليا كدولة تعتمد آليات تحقق احترافية وتلتزم بأعلى معايير الجودة، مؤكدة استمرار الوزارة بتوجيهات من الوزير نادر الجلال في تطوير آليات التحقق والاعتماد بما يتماشى مع رؤية دولة الكويت ويخدم الصالح العام ويجسد التزام الدولة ببناء منظومة تعليمية ورقابية حديثة ترتكز على الحوكمة والشفافية.
وتلائم الصرامة والجدية التي بدا أنّ السلطات ملتزمة بتطبيقهما في معالجة هذا ملف التزوير المزمن والشائك التوجّه الإصلاحي الذي سلكته الكويت وجسّدته قرارات جذرية اتخذها أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد وخطابه السياسي الحازم في مواجهة مظاهر الفساد والتسيّب التي شاعت في البلاد على مدى السنوات السابقة.
وكانت وزارة التربية قد قررت في وقت سابق إحالة شهادات دراسية ثانوية وما فوق الثانوية إلى النيابة العامة، وذلك بالاعتماد على توصيات اللجنة التي شكلتها الوزارة للتحقيق في شهادات صادرة من دول عربية ودول أخرى ومصادق عليها من الإدارة العامة للتعليم الخاص، وتضمنت سحب المعادلة ومخاطبة الجهات المعنية بشأنها. وجاء ذلك في إطار حملة أعلن عنها في وقت سابق بهدف تطهير قطاع التربية من حَمَلة الشهادات المزوّرة.
وتحوّل تتالي الكشف عن قضايا تزوير للشهادات العلمية، وخصوصا الصادرة عن مؤسسات خارج البلاد، خلال السنوات الماضية إلى مصدر شكوك كبيرة في المستوى العلمي والكفاءة المهنية للآلاف من حمَلَة تلك الشهادات وخصوصا الذين يتمكّنون بفضلها من الحصول على وظائف بعضها يكتسي أهمية استثنائية وحساسية خاصّة.