الكويت تدعو إيران إلى محادثات بعد تلويح طهران بالتنقيب في حقل الدرة

وزارة الخارجية الكويتية تشدد على أنّ الكويت والسعودية لهما وحدهما حقوق خالصة في الثروة الطبيعية في حقل الدرة.
الثلاثاء 2023/07/04
نزاع يعود إلى ستينات القرن الماضي

الكويت – دعت الكويت الاثنين، إيران إلى استئناف محادثات ترسيم الحدود البحرية بعدما أعلنت طهران عن استعدادها لبدء التنقيب في حقل للغاز متنازع عليه في مياه الخليج الغنيّة بالموارد الطبيعية.

وتصرّ الكويت على أنها صاحبة “الحقوق الحصرية” في الحقل البحري مع السعودية، وقد اتّفق البلدان على تطويره بشكل مشترك العام الماضي.

والحقل المعروف في إيران باسم “آرش” وفي الكويت والسعودية باسم “الدرة”، تقول طهران إنه يقع ضمن منطقتها الاقتصادية الخالصة، في نزاع بدأ قبل عدة عقود.

ونقل بيان عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية قوله إنّ “دولة الكويت تجدّد دعوتها إلى الجانب الإيراني للبدء في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين الكويتي والسعودي كطرف تفاوضي واحد مقابل الجانب الإيراني”.

وشددت وزارة الخارجية الكويتية في البيان على أنّ “الكويت والسعودية لهما وحدهما حقوق خالصة في الثروة الطبيعية في حقل الدرة”.

محسن خجسته مهر: نحن جاهزون تماما لبدء عمليات الحفر في حقل “آرش”
محسن خجسته مهر: نحن جاهزون تماما لبدء عمليات الحفر في حقل “آرش”

وجاء الموقف الكويتي عقب تصريحات نقلتها صحيفة “الجريدة” الكويتية عن مصدر رفيع في شركة النفط الوطنية الإيرانية، أكد خلالها اعتزام بلاده البدء في عمليات الحفر في حقل الدرة.

وقال المصدر إن الخطوة تأتي بعد جولة أولى “غير منتجة” من المحادثات بين وزارتي الخارجية الإيرانية والكويتية حول ترسيم الحدود البحرية في مارس الماضي، وعلى ضوء إصرار الكويت على أن “الحقل كويتي – سعودي خالص ولا حصة لطهران فيه”.

وذكر المصدر “أن إيران قررت البدء بعملية الحفر في المنطقة التي تعتبرها داخل مياهها الإقليمية بعد رد سعودي أيضا بأنه ليس هناك أي حقل مشترك مع إيران للبحث بشأنه”.

وبيّن أن “طهران لن تسمح بأن يفرض عليها أمر واقع، بل ستقوم باستباق أي خطوات كويتية أو سعودية وتثبيت أقدامها في الحقل”. وأشار إلى أن حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي تؤيد التقييم الذي توصلت إليه شركة النفط بضرورة البدء في الحفر، وستلبي جميع مطالب شركة الحفر الضرورية لبدء العمل.

وتوقع المصدر التوصل إلى اتفاق على التقاسم، أو الاستمرار في حالة تعطيل الحفر والتنقيب والاستخراج لتجنب أزمة كبيرة.

ويأتي تهديد طهران بعد أيام قليلة من زيارة لوزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبداللهيان إلى الكويت في سياق جولة خليجية شملت الإمارات وقطر وسلطنة عمان.

ويرى المتابعون أن ردود الفعل المسجلة لإيران بشأن حقل الدرة قد تعود إلى سماع الوزير الإيراني خلال لقاءاته في الكويت كلاما واضحا بشأن تمسك الأخيرة بموقفها لجهة امتلاكها والسعودية وحدهما حصرية التصرف في الحقل.

وكانت زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى الكويت مرت فاترة دون أي زخم، كما أن تصريحات المسؤولين بشأنها كانت مقتضبة إلى حد بعيد، الأمر الذي يشي بأنه لم يجر التوصل إلى توافقات حقيقية حيال القضايا العالقة.

ويقول المتابعون إن الوزير الإيراني كان يتطلع على ما يبدو إلى بعض المرونة في الموقف الكويتي في ظل الاختراقات الحاصلة في المنطقة ولاسيما في العلاقة بين طهران والرياض، لكن ذلك لم يتحقق.

واقتصر الوزير الإيراني خلال زيارته التي جرت في الرابع والعشرين من يونيو الماضي على تغريدة في صفحته على تويتر قال فيها إن “مواجهة التحديات مع المشاركة الجماعية لدول المنطقة هي الوسيلة الفضلى لتحقيق تقدم الأمم وضمان أمن الخليج”.

ووقّعت الكويت والسعودية في العام الماضي اتفاقاً لتطوير الحقل على الرغم من اعتراض طهران التي وصفت الصفقة بأنّها “غير شرعية”.

أي خطوة أحادية الجانب من طهران للتحرك في الحقل قد تتسبب في عودة التوتر بين السعودية وإيران

والأسبوع الماضي قال المدير التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية محسن خجسته مهر “نحن جاهزون تماماً لبدء عمليات الحفر في حقل آرش”، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء “فارس” الإيرانية.

وتابع “اعتمدنا موارد مالية كبيرة لتطوير هذا الحقل في مجلس إدارة شركة النفط الوطنية وسنبدأ العمل في أقرب وقت حيث أن الظروف جاهزة”.

وجاءت تصريحات المدير التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية في وقت عزّزت فيه الرياض وطهران تعاونهما في أعقاب قرار مفاجئ باستئناف العلاقات تم الإعلان عنه في مارس الماضي، بعدما بقيت العلاقات مقطوعة بين القوتين الإقليميتين المتخاصمتين طيلة سبع سنوات.

ويعود النزاع الدائر حول حقل الدرة إلى ستينات القرن الماضي حين منحت إيران امتيازاً بحرياً للشركة النفطية الإنجليزية – الإيرانية التي أصبحت لاحقا “بي.بي”، فيما منحت الكويت الامتياز لـ”رويال داتش شل”. ويتداخل الامتيازان في القسم الشمالي من الحقل والذي تقدّر احتياطياته بنحو 220 مليار متر مكعب.

وأجرت إيران والكويت طوال سنوات محادثات حول حدودهما البحرية الغنية بالغاز الطبيعي، لكنّها باءت كلّها بالفشل. والسعودية جزء من النزاع نظراً إلى أنها تتشارك مع الكويت في المنطقة موارد غازية ونفطية بحرية. ودفع تنقيب إيران في الحقل في العام 2001 الكويت والسعودية إلى إبرام اتفاق بشأن الحدود البحرية نصّ على أن تطوّرا بشكل مشترك المنطقة الواقعة قبالة سواحلهما.

ويرى متابعون أن أي خطوة أحادية الجانب من طهران للتحرك في الحقل قد تتسبب في عودة التوتر بين السعودية وإيران، مشيرين إلى أنه ليس من الواضح بعد ما إذا كانت الحكومة الإيرانية جادة في الخطوة، أم أن الأمر لا يعدو كونه محاولة لزيادة الضغط.

3