الكويت تدخل مرحلة القرارات المالية الجريئة في غياب البرلمان

لم يكن تعطل الإصلاح وعسر عملية اتخاذ القرار بعيدين عن أزمات مالية شهدتها الكويت في أوقات السابقة وجاءت غير متناسبة مع وضعها كبلد غني بموارد النفط.
الاثنين 2025/02/17
المسألة المالية كانت في قلب التجاذبات بين السلطتين

الكويت- تتّجه الكويت نحو فتح الباب لجلب التمويلات من الخارج وهو أمر لم يكن متاحا خلال سنوات قليلة ماضية بفعل اعتراض البرلمان على إقرار قانون الدين العام الذي حاولت الحكومة تمريره دون أن تنجح في ذلك.

وقالت وزيرة المالية الكويتية نورة الفصام إنّ القانون المذكور بات في المرحلة النهائية لإصداره كأداة للتمويل من الجهات العالمية.

وأصبح إقرار مثل تلك القوانين التي توصف بالجدلية أمرا متاحا وميسّرا منذ قيام أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في مايو الماضي بحلّ مجلس الأمّة وتعليق العمل بمواد في الدستور لفترة محدّدة.

وجاء ذلك الإجراء الأميري بالاستناد إلى تجاوزات وأخطاء ارتكبها نواب في البرلمان، لكنّه لم ينفصل في أسبابه الأعمق عن الرغبة في فتح الباب لإصلاحات ضرورية كانت مطلوبة منذ سنوات ومن بينها ما يتصل بالوضع المالي والاقتصادي للبلد، لكن المجلس الذي كان نوابه يمتلكون سلطات تشريعية ورقابية واسعة حال دون تمريرها لأسباب انتخابية ولدواع شعبوية في الكثير من الأحيان.

نورة الفصام: قانون الدين العام بات في المرحلة النهائية لإصداره
نورة الفصام: قانون الدين العام بات في المرحلة النهائية لإصداره

ولم يكن تعطل الإصلاح وعسر عملية اتخاذ القرار بعيدين عن أزمات مالية شهدتها الكويت في أوقات السابقة وجاءت غير متناسبة مع وضعها كبلد غني بموارد النفط، وبلغت ذروتها سنة 2020 عندما بدأت الحكومة آنذاك تتحدّث عن سيناريو العجز عن دفع رواتب الموظفين.

وطُرح آنذاك وقف تمويل الصندوق السيادي المتعارف عليه محليا بـ”صندوق الأجيال” كأحد الحلول للخروج من الأزمة، كما أعيد الحديث عن إقرار قانون الدين العام من خلال مشروع تقدمت به الحكومة وتضمن مقترحا بالسماح لها باقتراض ما مقداره حوالي خمسة وستين مليار دولار خلال ثلاثين سنة يتم توزيعها بين سد عجز الموازنة والإنفاق الرأسمالي.

وأقر البرلمان في تلك السنة قانونا يجعل التحويلات إلى الصندوق المذكور مشروطة بتحقيق فائض في الميزانية. لكنّ مشروع قانون الدين العام ووجه بالرفض في مجلس الأمّة واضطرت الحكومة لسحبه تحت ضغط نواب المجلس.

وأصدرت الكويت آخر سندات لها في عام 2017. وتعطلت عملية إقرار قانون الدين العام كان الذي من شأنه أن يسمح لها بالعودة إلى أسواق الدين العالمية لسنوات بسبب رفض البرلمان لإقراره ووضع شروط قاسية على الحكومة قبل رفعه للتصويت. وبعد حل البرلمان تولى الأمير ومعه الحكومة إصدار التشريعات.

وكانت الوزيرة الفصام قد أعلنت الأسبوع الماضي عن استعداد بلادها لطرق أبواب أسواق الدين العالمية مرة أخرى قريبا. وقالت، الأحد، إنّ “قانون الدين العام الذي تعمل عليه الحكومة حاليا هو في المرحلة النهائية لإصداره وذلك كأداة تكون مناسبة للتمويل من جهات عالمية.”

وأضافت في مؤتمر صحافي أن أداة الدين العام سوف تساعد الدولة على تطوير مشاريع البنية التحتية مؤكدة أن الاقتراض وفقا لهذا القانون سيكون موجها بشكل رئيسي لمشاريع البنية التحتية والمشاريع الرأسمالية. وتابعت “هذا هو الهدف من قانون الدين العام.”

ووافق مجلس الوزراء في وقت سابق على مشروع مراسيم بقوانين لميزانية 2025-2026، التي تبدأ في أول أبريل 2025 وتنتهي في 31 مارس 2026، بعجز متوقع يبلغ ما يعادل 20.45 مليار دولار.

خهخ

وتضمنت ميزانية 2025-2026 إيرادات متوقعة قدرها 18.231 مليار دينار ومصروفات 24.538 مليار دينار.

وجاء السعي لإقرار قانون الدين العام ضمن سلسلة أطول من القرارات والإصلاحات التي تطال مجال المال والاقتصاد وعدة مجالات أخرى شُرع فعلا في اتخاذها وتتضمّن إجراءات يوصف بعضها بغير الشعبي وكان نواب البرلمان يعارضونها على أساس أنّها تمس بجيب المواطن وتقلّص من درجة رفاهه من قبيل إقرار بعض الضرائب والحدّ من الإنفاق الحكومي وتقليص كتلة الدعم بإلغاء بعض صنوفه واعتماد أسلوب الدعم الموجه الذي يستهدف شرائح بعينها بدل توجيهه لجميع المواطنين بغض النظر عن أوضاعهم المادية.

3