الكويت تخشى خسارة بمئة مليون دولار في قضية فساد كبرى

الكويت – رفضت السلطات الكويتية التسوية مع البنوك السويسرية، مقابل تسليم المدير العام السابق للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية فهد الرجعان، المدان باختلاس مئات الملايين من الدولارات، بحجة أن التسوية قد تخلط الأوراق لمصلحة الرجعان والمتهمين الآخرين.
ومحاربة الفساد قضية مثارة في الكويت بتركيز شديد خلال السنوات الأخيرة، حيث يعتبر الفساد الإداري والمالي عاملا معكّرا للوضع الاقتصادي والسياسي لهذا البلد، الذي عاش أزمات متتالية منذ انتخاب البرلمان المنحل في الخامس من ديسمبر 2020، الذي حقق فيه أصحاب المواقف المعارضة للحكومة تقدما نسبيا.
ونقلت صحيفة "القبس" الكويتية عن مصدر قانوني الاثنين قوله "المحامون السويسريون نصحوا الكويت بقبول عرض بنك PICTET (100 مليون دولار)، وإنهاء الموضوع بالتسوية مقابل هذا المبلغ"، لافتا إلى أن "هذه الخطوة ستشجع بقية المصارف السويسرية على دفع التسويات المتبقية لإنهاء موضوع النزاع مع الكويت".
وأكد المصدر القانوني أن "هذه الخطوة من شأنها وضع حد لمزاعم الرجعان بأنه لاجئ سياسي، وبناء عليه سيتم تسليمه حالا للسلطات الكويتية، ويتحول ادعاؤه من لاجئ سياسي إلى هارب من العدالة".
وأشار المصدر إلى سبب رفض الكويت لهذه التسوية، قائلا "إذا تجاوزت الكويت تاريخ الثالث والعشرين من أغسطس الجاري ولم تنه الموضوع أمام المحاكم السويسرية بهذا التاريخ، فمن المرجح أنها ستخسر المئة مليون دولار المعروضة من مصرف PICTET".
وأوضح المصدر أن "الكويت بعد خسارتها درجتي محاكمة في لندن حتى الآن، فإنه من الوارد جدا بألا يُسمح لها بتمييز القرارات أمام المحكمة العليا البريطانية، وسيكون عليها دفع ملايين الجنيهات الإسترلينية، كأتعاب محاماة ومصاريف محاكمة إلى المدعى عليهم".
وأضاف أن "الوقت ليس في مصلحة الكويت في حال رفعها قضايا جديدة في المحاكم السويسرية، لذا فإن توجيهات صدرت باستكمال التقاضي القانوني في المحاكم البريطانية".
وتابع "يبدو أن المحامين في لندن لا يودون إنهاء الموضوع ودّيا لكي يتابعوا قبض الأتعاب الضخمة من الكويت".
ولفت المصدر إلى أن "الموقف القانوني للكويت كان ضعيفا منذ البداية، بسبب لجوئها إلى رفع قضاياها أمام المحاكم البريطانية، بدلا من رفعها أمام المحاكم السويسرية، حيث إن التحويلات المالية المشبوهة للرجعان حدثت في بعض مصارف سويسرا".
وأكد أن "المال العام معرّض للخطر في حال خسارة القضية ودفع تعويضات بملايين الجنيهات".
والرجعان متهم بالعديد من القضايا التي تعود إلى فترة توليه قيادة مؤسسة التأمينات لمدة 30 عاما، انتهت مطلع العام 2015، والتي تستثمر أموال أصحاب المعاشات التقاعدية في الكويت وخارجها، ومن هذه التهم شبهة ارتكاب جرائم الاختلاس وخيانة الأمانة وإساءة الإدارة وغسيل الأموال.
وفي يوليو الماضي، كشفت مصادر كويتية عن تعثر المفاوضات النهائية لتسلم الكويت الرجعان، لأسباب مبهمة، مبينة أنه تم تعليقها حتى إشعار آخر، بالرغم من اتخاذ خطوات نهائية كان بإمكانها حسم الأمر.
وفي مارس الماضي، قضت محكمة الجنايات بحبس الرجعان 15 سنة مع الشغل والنفاذ وتغريمه 100 ألف دينار (330.000 ألف دولار)، في قضية الإضرار بأموال مؤسسة التأمينات والدخول في مشاريع مع شركة كاستثمارات خارجية والتسبب في خسارة ما يزيد عن 300 مليون دولار.
وأصدرت محكمة الجنايات الكويتية في يونيو 2019 حكما بالسجن المؤبد على الرجعان وزوجته، بتهمة اختلاس أموال مؤسسة التأمينات، ورد مبلغ 82 مليون دولار وتغريمهما ضعف المبلغ، ومصادرة الممتلكات والعقارات والشركات والأسهم والمقاولات المستخدمة في ارتكاب جريمة غسيل الأموال.
كما أصدر القضاء البريطاني في شهر نوفمبر 2019 أمرا بحصول الرجعان، المتهم باختلاس أكثر من 840 مليون دولار، على مصروف شهري من أرصدته في البنوك، بعد فرض حجز على جميع أمواله وممتلكاته في العالم.
وسبق أن أشارت تقارير محلية إلى تشكيل النيابة العامة الكويتية فريقا خاصا معنيا بقضية الرجعان، للاجتماع مع السلطات القضائية في الخارج، لبحث تجميع حساباته وإعادة الأموال المختلسة.