الكويت تحدّد سقفا زمنيا لاستكمال "تكويت" سلك القضاء

الكويت- قطعت الكويت خطوة عملية باتّجاه حصر ممارسة الوظائف العليا في سلك القضاء بمواطنيها وذلك في إطار ما يصطلح عليه محليا بـ”التكويت” وهو عبارة عن برنامج يجري العمل على وضعه ويُؤمل تطبيقه على طيف أوسع من القطاعات والمجالات في إطار الحدّ من التعويل على الخبرات والأيدي العاملة الوافدة والحدّ من الأعباء المالية والاجتماعية المترتّبة على ذلك، دون أن يتّم تحقيق تقدّم حقيقي باتجاهه نظرا إلى العوائق الموضوعية التي تواجهه وفي مقدّمها عدم توفّر ما يكفي من الخبرات والكفاءات المحلية القادرة على سدّ الشغورات التي يتركها التخلي عن الوافدين.
وتمّ في إطار عملية تكويت القضاء تحديد سقف زمني بخمس سنوات لاستكمال العملية والشروع في العمل على مسودة مرسوم بتعديل قانوني يتضمّن جملة من الشروط والضوابط الواجب توفّرها في المرشحين لشغل مناصب القضاة في مقدّمها أن يكونوا من الكويتيين بصفة أصلية أي من غير المجنّسين، فضلا عن اشتراط أن يكونوا من خريجي دراسة الحقوق.
وعلى مدى السنوات الماضية اعتمدت الكويت في سد النقص الحاصل في كوادر القضاء على الاستعانة بقضاة من مصر بموجب اتفاقية موقّعة معها بهذا الشأن كما اتجهت في الأعوام الأخيرة إلى الاستعانة بقضاة من تونس.
◄ إنجاح عملية توطين الوظائف يتوقّف على قدرة العملية التعليمية على تخريج ما يكفي من الكوادر والكفاءات
وتضمّنت مسودةُ مشروع مرسوم بقانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم القضاء الصادر بالمرسوم رقم 23 لسنة 1990 ومذكرته الإيضاحية هذه الشروط والضوابط الجديدة، وقالت وسائل إعلام محلية إنّ رئيس المجلس الأعلى للقضاء عادل بورسلي تسلمها من وزير العدل ناصر السميط لعرضها على المجلس ودراستها وإبداء الرأي فيها وموافاة الوزير بما يتمّ التوصّل إليه بشأن التعديل المذكور تمهيدا لعرضه على مجلس الوزراء وإقراره.
وأشارت المذكّرة الإيضاحية للمرسوم “على أن يقوم وزير العدل بالتعاون مع المجلس الأعلى للقضاء بإصدار القرارات اللازمة لتكويت القضاة وأعضاء النيابة العامة تدريجيا خلال مدة أقصاها خمس سنوات من تاريخ العمل بالقانون.”
ونصت التغييرات التي وردت في مشروع تنظيم القضاء الجديد بحسب صحيفة الجريدة المحلية على أن “لا يُعيَّن بمنصب القضاة إلا الكويتي بصفة أصلية،” إضافة إلى إلغاء فقرة تقول إنّه “يجوز تعيين القضاة المنتمين إلى دولة عربية.”
وتضمنت التعديلات أيضا الإشارة إلى عدم جواز تعيين القاضي إذا صدر عليه حكم مُخلّ بالشرف والأمانة حتى لو رُدّ إليه اعتباره، مع إلغاء عضوية أقدم اثنين من وكلاء محكمتَي التمييز والاستئناف في المجلس الأعلى للقضاء.
كما نصت على منع القضاة وأعضاء النيابة من نشر كل ما يتعلق بأعمال وظيفتهم على مواقع التواصل. واشترطت في كل من يترشّح لتولي منصب قاض “أن يكون مسلما،” و”حاصلا على إجازة الحقوق أو إجازة الحقوق والشريعة أو ما يعادلها من الشهادات المعتمدة لدى الجهة المختصة، وأن يجتاز الاختبارات ودورات التدريب وفق الضوابط التي يحددها المجلس الأعلى للقضاء.”
◄ تمّ في إطار عملية تكويت القضاء تحديد سقف زمني بخمس سنوات لاستكمال العملية والشروع في العمل على مسودة مرسوم بتعديل قانوني
وشملت التغييرات أيضا بعضا من تفاصيل عمل المحاكم وسير المحاكمات التي اشترطت مسوّدة التعديل على أن تكون علنية مشيرة إلى جواز “عقد المحاكمات وسماع الشهود وغير ذلك من الإجراءات القضائية بما فيها إجراؤها عبر الوسائل الإلكترونية من غير الإخلال بضمانات المحاكمة وفقا للضوابط التي يصدر بها قرار من المجلس الأعلى للقضاء.”
ويجوز وفق المشروع ذاته “أن تقرر المحكمة جعل الجلسة سرية إذا اقتضى ذلك النظامُ العام أو المحافظة على الآداب أو حرمة الأسر أو الحياة الخاصة، وتعتبر العلانية متحققة إذا تمت إجراءات المحاكمة بالطرق الإلكترونية، ويكون النطق بالحكم في جلسة علنية ما لم ينصّ القانون على خلاف ذلك، ويتولى رئيس الجلسة ضبط نظامها.”
وتعكس مساعي حصر بعض المهن الحسّاسة في الكويت على غرار المهن القضائية هاجسا مستمرّا بالحدّ من الاعتماد على الوافدين الذين تضخّم عددهم بشكل كبير وتسرّبوا إلى مختلف المهن والاختصاصات الأمر الذي جعل من “تعديل التركيبة السكانية” هدفا كثير التداول والحضور في الخطاب السياسي والإعلامي في البلد.
لكن تحقيق ذلك الهدف كثيرا ما اصطدم بعوائق موضوعية، إذ أنّ المهن البسيطة وقليلة الدخل لا تجتذب الكويتيين المعتادين على قدر عال من الرفاهية يكفله سخاء الدولة في تقديم الدعوم ودفع الرواتب المجزية، أمّا المهن والاختصاصات التي تتطلّب قدرا أعلى من الأهلية العلمية فلم يكن التعليم الكويتي بما ينطوي عليه من عيوب ومثالب كثيرة قادرا على تخريج ما يكفي من الكفاءات المحلّية لشغلها.
وعلى هذه الخلفية سيتوقّف النجاح في استكمال عملية تكويت القضاء في نطاق السقف الزمني المحدّد على مدى نجاح الجامعة الكويتية في تخريج ما يكفي من كوارد لشغل المناصب التي تمّ حصرها في الكويتيين بالأصالة دون غيرهم.
