الكويت تحث الخطى لاستصلاح الأراضي وتقليل تدهورها

شركة نفط الكويت تتوقع الانتهاء من عملية تطهير التربة المتضررة من الغزو العراقي بحلول عام 2027.
الثلاثاء 2023/11/28
معالجة الأضرار ليست سهلة!

كثفت الكويت خطواتها لتسريع خططها المتعلقة باستصلاح الأراضي التي تضررت من الغزو العراقي قبل أكثر من ثلاثة عقود وتقليل تدهورها مستقبلا والتي تكلف الملايين من الدولارات، في مسعى لترجمة خطط الحكومة المتعلقة بالتزاماتها بمكافحة التغير المناخي.

الكويت - تعكف شركة نفط الكويت على القيام بأكبر عملية لتأهيل التربة في العالم لتطهير نحو 10 ملايين متر مربع من مخلفات الغزو العراقي عام 1990 وتأهيلها من جديد لعودة الحياة الطبيعية.

وقال رئيس فريق معالجة وتأهيل التربة في الشركة محمد مبارك القحطاني لرويترز الاثنين إن “الشركة أنجزت حاليا نحو 35 في المئة من أعمال المشروع”، متوقعا الانتهاء من تطهير وتأهيل التربة في كل مناطق عمليات الشركة بحلول عام 2027.

وتندرج خطط استصلاح الأراضي المدمرة وتقليل تدهورها في المستقبل بينما يستعد العالم للدخول في نقاشات حول تقليص الانبعاثات الضارة خلال مؤتمر المناخ (كوب28) المقرر الخميس المقبل في إمارة دبي.

محمد القحطاني: التحدي الأكبر هو إزالة مخلفات الحرب من المناطق الملوثة
محمد القحطاني: التحدي الأكبر هو إزالة مخلفات الحرب من المناطق الملوثة

وأضرمت القوات العراقية النار في نحو 730 بئرا نفطية خلال انسحابها من الكويت عام 1991 متسببة في واحدة من أكبر الكوارث البيئية في العالم، إذ استمر إطفاء الآبار المشتعلة أشهرا بعد التحرير.

ويعتبر التلوث النفطي من العوامل المؤثرة على البيئة البرية في الكويت وثمة عوامل أخرى أدت إلى التصحر منها النشاطات البشرية مثل إقامة المخيمات والرعي الجائر.

وتعاني الكويت من عوامل أدت إلى الجفاف أهمها الطبيعة القاسية كارتفاع درجات الحرارة وقلة سقوط الأمطار والعواصف الرملية والدوامات الترابية وتملح التربة.

وأوضح القحطاني أن الحرائق النفطية التي “وصلت آثارها إلى جبال إيفرست” نتجت عنها تسربات نفطية في الأرض وخلفت ما يوصف بـ”البحيرات النفطية”، التي جف بعضها وبقي البعض الآخر، كما خلفت أيضا طبقات من الأسفلت الخفيف فوق سطح الأرض.

وقامت شركة نفط الكويت الحكومية خلال السنوات التالية لإطفاء الآبار بتنظيف بعض الأماكن لضرورات العمل، فيما “بقيت التربة (الملوثة) مكدسة في أماكن محددة حتى لا ينتشر التلوث”، وفق القحطاني.

وأبرمت الشركة عقودا قيمتها 1.73 مليار دولار منذ 2013 وحتى شهر سبتمبر الماضي، لإعادة تأهيل التربة في حقول النفط من آثار الغزو العراقي، طبقا لوثيقة حصلت عليها رويترز.

واستكمل العراق في العام الماضي دفع 52.4 مليار دولار لتعويض الأفراد والشركات والحكومات، الذين أثبتوا أنهم تعرضوا لأضرار بسبب غزوه للكويت واحتلاله لها في 1990.

وكانت لجنة الأمم المتحدة للتعويضات، التي شكلها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بعد تحرير الكويت، تلقت جزءا من عوائد مبيعات النفط العراقي، ووافقت على 1.5 مليون طلب استوفى الشروط وحصل أصحابها على 52.4 مليار دولار.

وبلغت قيمة أكبر مطالبة وافقت عليها اللجنة نحو 14.7 مليار دولار وهي لصالح مؤسسة البترول الكويتية، التي تتبعها شركة نفط الكويت، نظير الأضرار الناجمة عن إضرام القوات العراقية النيران في آبار النفط.

وقال القحطاني إن “شركة نفط الكويت بعد أن أمّنت المبالغ المالية من الأمم المتحدة، باشرت العمل مع المقاولين في عمليات التأهيل والتنظيف”.

وطبقا للوثيقة، المؤرخة في الرابع من أكتوبر الماضي، قال وزير النفط سعد البراك إن هذه العقود التي تتعلق “بالتأهيل والمعالجة والحفر والنقل والردم تغطي جميع المناطق المتضررة والمساحات المراد تأهيلها داخل حقول النفط”.

أضرار كبيرة

ولفت البراك إلى أن مساحة الأراضي الملوثة والمتضررة داخل الحقول النفطية جراء الغزو العراقي تقدر بنحو 114 كيلومترا مربعا.

وأشار إلى أنه تمت إزالة ما يقارب 16 كيلومترا مربعا من التربة الملوثة إلى المرادم أو مراكز إعادة تأهيل التربة.

وقال القحطاني إن “غالبية” نسب تلوث التربة بالكويت أقل من سبعة في المئة، بينما تصل في بعض المناطق إلى 15 في المئة، كما أن هناك تفاوتا في عمق التلوث من مكان إلى آخر، بين 60 سنتيمترا في مناطق وخمسة أمتار في مناطق أخرى.

وشكل التعامل مع البحيرات النفطية تحديا حقيقيا، حيث بلغ طول إحداها 600 متر وعرضها نصف كيلومتر، واستلزم تطهيرها من المتفجرات وقتا وجهدا، حيث لا يجدي معها الغوص ولا حتى استخدام المراكب.

واعتمدت شركة نفط الكويت طريقتين لتأهيل التربة، الطريقة العضوية وطريقة الغسل، مع ترك الحرية للمقاول لإدخال تكنولوجيا جديدة وطرق جديدة، بشرط إثبات كفاءتها عمليا في تقليل التلوث إلى أقل من واحد في المئة في التربة.

وتقوم الطريقة الحيوية على استخدام أنواع من البكتريا، موجودة طبيعيا، وهي قادرة على تكسير جزيئات البترول بالتربة، حيث تتم مساعدتها على التكاثر والنمو والقيام بدورها.

أما طريقة الغسل فيتم من خلالها نقل كميات التربة الملوثة وغسلها بواسطة منظفات ومذيبات للمواد النفطية، تحت درجات حرارة عالية نسبيا ومحسوبة بدقة حتى لا تفسد خواص التربة.

وأوضح القحطاني أن عملية غسل التربة تنتج عنها تربة معالجة، وتربة غير قابلة للمعالجة، وسوائل ملوثة بالبترول والمنظفات.

1.73

مليار دولار قيمة عقود تأهيل تربة حقول النفط منذ 2013 وحتى سبتمبر 2023

وقال “الكميات الصلبة غير القابلة للتنظيف تذهب للمدافن، المدفن الواحد يستوعب مليون متر مكعب. هناك مدفنان ونبني ثلاثة حاليا.. المقاولون يتسابقون على المعالجة لأنها تعطيهم ربحا أكبر (من عمليات الدفن)”.

وأشار إلى أن السوائل الملوثة تتم معالجتها وإعادتها لدورة تنظيف من جديد والنسبة غير القابلة للمعالجة يتم إرسالها لمصنع النفايات الخطرة بالكويت.

وأوضح القحطاني أن التحدي الأكبر الذي يواجه الفريق هو إزالة المتفجرات ومخلفات الحرب من المناطق الملوثة، حيث يتم مسحها بالتعاون مع القوات المسلحة وضمان خلوها من المتفجرات.

وقال “نتعامل مع عدم اليقين حسب نزول البترول داخل الأرض. وأماكن حفرنا لغاية خمسة أمتار وأماكن فقط ستين سنتيمترا. وكل متر أحفره أبدأ العملية (إزالة المتفجرات) من جديد”.

ولدى الشركة برنامج لزراعة التربة بنباتات فطرية من ذات البيئة وإعادة الحياة الطبيعية إليها من جديد، يشمل نحو 30 في المئة من المساحة المؤهلة وتترك النسبة الباقية للعوامل الطبيعية.

ومن المرجح أن تقوم هذه النباتات بتلطيف درجة الحرارة المرتفعة بالكويت، خاصة مع عودة بعض الحيوانات والطيور بشكل طبيعي إلى مناطق تم تطهيرها. ويقول القحطاني إن “هذه علامة طيبة على أن الأرض أصبحت نظيفة”.

11