الكويت تحاول اللحاق بطفرة أسواق المال في الخليج

محاولات حثيثة لمنح الشركات المزيد من الإغراءات للاستثمار.
السبت 2023/07/15
سقف عال جدا من الطموحات

تسعى الكويت إلى تحريك تموضعها في مؤشرات سهولة الأعمال عبر تحفيز نشاط بورصتها المحلية التي كانت قبل سنوات وجهة مفضلة للمستثمرين، قبل أن تُربك التجاذبات السياسية نشاطها وتجعلها تتخلف عن ركب تطوير جيرانها أسواقهم المالية.

الكويت - تدرس هيئة أسواق المال الكويتية تنفيذ إستراتيجية إصلاحية جديدة تسعى من خلالها إلى زيادة زخم البورصة المحلية وترقيتها، في إطار خطوات لجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب والمحليين في المستقبل.

ويبدو أن البلد يسعى إلى كسر حالة التقاعس في اتباع نهج جيرانه في المنطقة، والذين شرعوا منذ سنوات في وضع خطط إصلاحية لتقليص الاعتماد على إيرادات الوقود الأحفوري.

وتنتهج الهيئة حاليا إستراتيجية لتتماشى مع توجه البلد الخليجي الغارق في المشاكل السياسية، ليكون مركزا ماليا وتجاريا إقليميا يمكنه أن ينافس الأسواق الأخرى في منطقة الخليج العربي التي باتت تتسابق لتحسين معايير الأعمال فيها.

وتريد الكويت تعزيز مكانتها كمركز للأعمال أسوة بجارتها دبي ومنح القطاع الخاص دورا أقوى في الاقتصاد وتدارك العثرات التي خلفتها الخلافات السياسية في السنوات الأخيرة.

أحمد الملحم: نريد جعل سوقنا متطورة وناشئة على مؤشر فوتسي راسل
أحمد الملحم: نريد جعل سوقنا متطورة وناشئة على مؤشر فوتسي راسل

وكانت البورصة تضم قبل 15 عاما نحو 224 شركة مدرجة، لكن العدد انخفض إلى 155 شركة فقط في السوقين الرئيسي والثانوي بحسب مراجعة عام 2023 وبقيمة تصل إلى 46.7 مليار دينار (152.7 مليار دولار).

ويعتمد الاقتصاد الكويتي على الصناعة النفطية التي تشكل أكثر من 90 في المئة من الإيرادات الحكومية، بينما يبلغ إنتاج البلاد النفطي 2.8 مليون برميل يوميا بموجب اتفاق تحالف أوبك+.

وتتطلع الجهات التنظيمية إلى توفير نظام إشرافي ورقابي داعم لبيئة استثمارية جاذبة وتنافسية قائمة على مبدأ العدالة والشفافية وتواكب أفضل الممارسات الدولية، فضلا عن تقليل الأخطار النمطية المتوقع حدوثها في نشاط الأوراق المالية.

وتتمحور أهداف الهيئة حاليا على تطبيق سياسة الإفصاح الكامل بما يحقق الشفافية ويمنع تعارض المصالح واستغلال المعلومات.

وإلى جانب ذلك العمل على ضمان الالتزام بالقوانين واللوائح ذات العلاقة بنشاط الأوراق المالية، وأيضا السعي إلى توعية الجمهور بنشاط الأوراق المالية والمنافع والمخاطر والالتزامات المرتبطة بالاستثمار في الأوراق المالية وتشجيع تنميته.

ومنذ أن تأسست الهيئة في فبراير 2010 وهي تقوم بتنظيم ومراقبة أنشطة الأوراق المالية وتحقيق مبدأ الكفاءة وإلزام الشركات المدرجة بتنفيذ مبادئ حوكمة الشركات وحماية المستثمرين من الممارسات غير العادلة والمخالفة للقانون.

ويدعو القانون إلى الإشراف على عمليات الدمج والاستحواذ والإفصاح، كما تهدف الهيئة أيضا إلى توفير برامج توعوية عن أنشطة الأوراق المالية.

ويتولى إدارة الهيئة مجلس مفوضي هيئة أسواق المال، الذي يتكون من خمسة مفوضين متفرغين يصدر مرسوما بتسميتهم بناء على ترشيح الوزير المختص، ويحدد المرسوم من بين الأعضاء رئيسا ونائبا للرئيس.

ووفق رئيس مجلس مفوضي الهيئة أحمد الملحم فقد دشنت أخيرا خطتها الإستراتيجية الثالثة للفترة بين 2023 – 2024 و2026 – 2027، استجابة لمتطلبات المرحلة القادمة ومواكبة للتغيرات والاتجاهات المحلية والدولية.

ونسبت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية إلى الملحم الذي يتولى منصب المدير التنفيذي بالهيئة قوله إن “الخطة الإستراتيجية تتسق مع توجهات الدولة للمساهمة بشكل فعال في تحقيق رؤية 2035”.

وأضاف “يرتبط دور الهيئة بشكل مباشر في المساهمة في تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار”.

وتعد الأسواق المالية أحد قطاعات الاقتصاد الرئيسية لما لها من دور حيوي في توظيف الأموال وتنمية المدخرات وتقديم الأدوات التمويلية وتنويع مصادر الدخل وخلق فرص عمل محلية والتي تسهم جميعها في تعزيز التنمية الاقتصادية بشكل مستدام.

وعملت الهيئة على إعداد مشروع إستراتيجيتها وفق منهجية جديدة سبق تطويرها منذ سبتمبر 2020، وكان يهدف لتطوير ممارسات التخطيط الإستراتيجي لديها بما يتوافق مع أفضل الممارسات الدولية الرائدة.

حرص شديد على التدقيق
حرص شديد على التدقيق

وقال المحلم “من خلال هذا المشروع تم تصميم إطار جديد للتخطيط والإدارة الإستراتيجية لتكون مرجعا في تصميم إستراتيجيات الهيئة المستقبلية وإعدادها”.

وكانت رئيس مجلس الهيئة قد كشفت قبل أشهر أنها تتطلع إلى أن تجعل الكويت سوقا متطورة ناشئة على مؤشر فوتسي راسل.

وتأتي الخطوة في ظل تراجع جاذبية السوق الكويتية أمام نمو قويّ لدى جيرانها وخاصة الإمارات والسعودية، وهو ما يستدعي تعزيز المكانة المالية والاستثمارية للبلد العضو في منظمة أوبك وتوسيع نوافذ البورصة.

ويقول محللون إن الكثير من صناديق الأسهم في العالم وأيضا المستثمرون يحددون اتجاهاتهم بناء على درجة تقدم المؤشر قبل الإقدام على شراء الأسهم الكويتية.

وفرضت متغيرات عالمية ضغوطا من نوع آخر على البورصة الكويتية خلال الفترة الأخيرة مثل تذبذبات الأسواق وتعثرات بنوك أميركية وأوروبية والمخاوف من اندلاع أزمات مالية.

ولذلك أصدرت الهيئة يناير الماضي تعديلا لبعض أحكام إدراج الشركات غير الكويتية في بورصة الكويت للأوراق المالية ضمن خطتها لتطوير آليات العمل في السوق.

كما استحدثت نظاماً آليا جديدا لتقارير تداولات الحسابات الإلكترونية من خلال بوابتها الإلكترونية، من منطلق تطوير العمل الرقابي وتسهيل عملية تلقي التقارير اليومية من الأشخاص المرخص لهم.

155

شركة مدرجة في البورصة بقيمة 152.7 مليار دولار نزولا من 224 شركة قبل 15 عاما

وتقول الهيئة إن الخطوة تهدف إلى تجميع البيانات الواردة من مزودي خدمة التداول الإلكتروني إلى الهيئة من خلال تقرير حسابات التداولات الإلكترونية وتقرير تسجيل الدخل اليومي.

وكانت بورصة الكويت قد انضمت أواخر شهر نوفمبر 2020 إلى مؤشرات مؤسسة مورغان ستانلي أم.أس.سي.أي بعدما تأجل الأمر لسبعة أشهر جراء ظروف الأزمة الصحية في ذلك الوقت.

وقالت حينها إنه “تم ضم سبع شركات مدرجة بالسوق الأول، وهي بنك الكويت الوطني وبيت التمويل الكويتي وزين وأجيليتي وبنك بوبيان ومباني وبنك الخليج”.

وظل البلد العضو في منظمة أوبك، حتى انهيار أسعار الخام في منتصف 2014، من أكثر اقتصادات منطقة الخليج العربي متانة بفضل ثروته النفطية الكبيرة وانخفاض الدين العام والأصول المالية الضخمة.

وامتنعت الكويت عن اللجوء إلى الاقتراض من الأسواق المالية منذ إصدار أول دين سيادي لها في عام 2017 بقيمة ثمانية مليارات دولار، لأن البرلمان لم يقر بعد قانونا يسمح للدولة برفع سقف الدين وإصدار ديون لآجال أطول.

وأثار ذلك مخاوف المحللين من استنزاف صندوق الاحتياطي العام على مدى السنوات التالية لتغطية العجز المتراكم في الميزانية.

والآن، يتابع محللون وخبراء التحولات التي بدأت الكويت في تجسيدها عبر القيام بمراجعة شاملة لسياسات تنويع مصادر الدخل بعيدا عن الريع النفطي الذي ظل المورد الأكبر من حيث تحقيق الإيرادات.

وفي محاولة لتدارك ذلك الأمر، قامت السلطات بإنشاء هيئة ستعمل على معالجة الاختلالات المزمنة في بناء الاقتصاد من خلال تعديل بوصلة خطط التنمية والاستثمار وإعطاء المزيد من المرونة لنشاط القطاع الخاص.

11