الكويت تتخلص من أكبر مكب لإطارات السيارات في العالم

إعادة تدوير العجلات المطاطية ينقذ البلاد من كارثة بيئية.
الأربعاء 2021/09/08
الموقع كان مصدر إزعاج للسكان

نجحت الكويت صاحبة أكبر مقابر الإطارات المستعملة في العالم في نقل هذه العجلات المطاطية التي تعد من بين أكثر النفايات التي تسبب مشكلات بيئية إلى مصانع تم تخصيصها لإعادة تدويرها والاستفادة منها، وتعمل البلاد على تهيئة أرض المكب السابقة لبناء مشروع سكني كبير.

الكويت - بدأت الكويت إعادة تدوير أكثر من 42 مليونا من إطارات السيارات الخردة، تراكمت في الصحراء على مدى 17 عاما مكونة إحدى أكبر مقابر الإطارات المستعملة في العالم.

واحتفلت الكويت أواخر أغسطس الماضي بالتخلص من أكبر مكب إطارات سيارات في البلاد، وتهيئة أرضه لبناء مشروع سكني كبير.

ووفقا لوكالة الأنباء الصينية (شينخوا) قال وزير النفط الكويتي محمد الفارس خلال حفل أقيم بهذه المناسبة على أرض المكب في منطقة أرحية بمحافظة الجهراء “انتقلنا من مرحلة صعبة كانت تتميز بخطر بيئي واليوم المنطقة نظيفة وتم نقل جميع الإطارات إلى منطقة السالمي للانطلاق في تنفيذ مشروع سعد العبدالله السكني”.

وتكدست منذ نحو عقدين الملايين من إطارات السيارات في منطقة أرحية، على بعد نحو 35 كيلومترا من الكويت العاصمة ونحو سبعة كيلومترات فقط من المناطق السكنية، وظل هذا الموقع مصدر إزعاج للسكان بسبب الحرائق المتتالية التي كانت تندلع بين الحين والآخر في هذا الكم الضخم من الإطارات، مسببة سحبا من الدخان الأسود الضار بالبيئة والسكان.

وشهدت المنطقة التي تقع على مساحة 2 مليون متر مربع عدة حرائق خلال السنوات الماضية وكادت أن تتسبب بكوارث بيئية، خاصة خلال أعوام 2012 و2019 و2020.

وأكد علي المطيري وهو مواطن كويتي يقيم في منطقة الجهراء القريبة من مكب أرحية أنه يعاني كثيرا من التلوث في المنطقة بسبب الحرائق التي تندلع بين فترة وأخرى، مضيفا “إنني أعاني من الربو أنا وأطفالي وكنت أشعر بالضيق بسبب وجود هذا المكب بهذه المنطقة ولكنني أشعر براحة كبيرة اليوم.. لأننا كنا نعيش وسط كارثة بيئية حقيقة”.

آلاء حسن: الهدف من المصنع هو المحافظة على البيئة والتخلص من النفايات بشكل جذري، باستخدام هذه الإطارات كمواد أولية لإنتاج مواد جميلة

وتتفق أم سعد مع المطيري قائلة إن المنطقة بحاجة إلى أن تتوسع عبر مشاريع سكنية حكومية، متابعة “اليوم حان الوقت لبناء هذا المشروع السكني الذي لطالما انتظره أبناؤنا، كما تخلصنا من هذا المنظر البشع لعجلات السيارات والمخاوف التي كانت تساورنا من اندلاع حريق فيها كلما ارتفعت درجات الحرارة في فصل الصيف”.

وأعلنت الهيئة العامة للبيئة أنها أتمت عملية نقل جميع الإطارات من منطقة أرحية إلى منطقة السالمي بالقرب من الحدود مع السعودية، خلال ستة أشهر من خلال شركات يقودها مبادرون، حيث بدأت جهود إعادة التدوير، دون أي تكلفة على الحكومة.

وقامت شركات خاصة بالتعاون مع السلطات البيئية خلال الأشهر الماضية بنقل 42 مليون و650 ألف إطار عبر أكثر من 44 ألف رحلة بالشاحنات.

وأفاد النائب حمد المطر الذي كان يرأس في وقت سابق اللجنة البرلمانية البيئية أن فكرة إزالة موقع أرحية لإطارات السيارات لم تنجح في السابق، لكن إشراك الشباب والقطاع الخاص هذه المرة تكلل بالنجاح، مؤكدا على ضرورة أن تعزز الحكومة الشراكة مع الشباب لتنفيذ مشاريعها وبرامجها.

وأوضح المطر أن هذه المشكلة البيئية أعاقت أهم مشروع سكني في البلاد ويقع على كاهل الحكومة الآن إيجاد مصادر التمويل الكافية لإنجاز المشروع السكني وتحقيق حلم الشباب.

وترغب الحكومة في بناء مشروع سكني يضم نحو 25 ألف منزل في المنطقة بعد أن تحررت من مشكلة الإطارات التي كانت أكبر عقبة تواجه المشروع.

وتعكف مصانع في الوقت الراهن على تدوير إطارات السيارات في منطقة السالمي التي تبعد نحو 120 كلم عن العاصمة الكويت، وذلك لإنتاج عدة مواد تدخل في صناعة إسفلت الطرقات وأرضيات الملاعب ومضامير المشي، كما تعتزم الهيئة العامة للصناعة توسيع الشراكة مع مصانع أخرى لرفع الطاقة الاستيعابية والحيلولة دون تكدس الإطارات مثلما حصل في السابق.

وفي مصنع لإعادة التدوير تديره شركة إبيسكو العالمية للتجارة العامة في منطقة السالمي، يقوم العمال بفرز الإطارات الخردة وتقطيعها لإنتاج منتجات مختلفة، منها ما يستخدم كوقود لمصانع الإسمنت ومنها مواد يتم ضغطها لصناعة بلاط الأرضيات المطاطي الملون والعشب الصناعي ويستخدم بعضها حتى في مناطق لعب الأطفال.

ولفتت المهندسة آلاء حسن الشريك والمدير التنفيذي لشركة إبيسكو إلى أن الهدف من المصنع “هو المحافظة على البيئة والتخلص من النفايات بشكل جذري، باستخدام هذه الإطارات كمواد أولية.. لإنتاج مواد جميلة ذات ألوان زاهية يمكن استخدامها أيضا في الجانب الجمالي وليس الصناعي فقط”.

وأوضحت أن الشركة تقوم بتصدير منتجات المصنع إلى دول الخليج المجاورة وكذلك إلى السوق الآسيوية، بالإضافة إلى الاستهلاك المحلي.

استخدام الإطارات لإنتاج مواد مفيدة
استخدام الإطارات لإنتاج مواد مفيدة

ويمكن للمصنع، الذي بدأ العمل في يناير الماضي، إعادة تدوير نحو ثلاثة ملايين إطار سنويا، كطاقة تشغيلية قصوى.

وتعتبر الإطارات الخردة مشكلة بيئية كبيرة في جميع أنحاء العالم، بسبب الأعداد الكبيرة لهذه الإطارات والمواد الكيمياوية الداخلة في تركيبها والحرائق التي يمكن أن تنجم عن تراكمها.

وبلغ عدد المركبات في الكويت، الغنية بالنفط والعضو بمنظمة أوبك البالغ عدد سكانها نحو 4.5 مليون نسمة، حوالي 2.4 مليون مركبة في 2019، طبقا لآخر أرقام نشرتها الإدارة العامة للإحصاء، ارتفاعا من 1.5 مليون في 2010.

ولا يوجد مدى زمني محدد لإعادة تدوير هذه الإطارات، لكن السلطات البيئية التي تسعى إلى تحويل منطقة السالمي إلى مركز لإعادة التدوير، ترغب في التخلص منها بأسرع وقت ممكن.

وقال حمود المري المدير العام والرئيس التنفيذي لشركة مجموعة الخير القابضة إن شركته نقلت أكثر من خمسين في المئة من الإطارات من منطقة أرحية إلى السالمي في شاحنات وصل عددها أحيانا إلى 500 يوميا، مشيرا إلى أن الشركة سوف تنقل للكويت تكنولوجيا تسمى الانحلال الحراري التي يتم من خلالها حرق الإطارات وتحويلها إلى مواد أولية.

Thumbnail

وينتج الانحلال الحراري نوعا من الزيت يمكن بيعه للاستخدام في الأفران الصناعية مثل مصانع الإسمنت، وكذلك الرماد المعروف باسم الكربون الأسود الذي يمكن استخدامه في مختلف الصناعات.

ويرى المري أنه “عندما يتم تحويل النفايات إلى طاقة لا شك أن هذه فائدة. إنها مواد مهملة تتم إعادة استخدامها ووضع قيمة لها”.

وعما إذا كانت هناك مخاوف من أن يتحول موقع السالمي إلى مكب جديد لإطارات السيارات يشبه موقع أرحية الذي تم تنظيفه، قال وزير النفط إن “عملية التخزين في المنطقة الجديدة مؤقتة قبل تدوير العجلات، وتتم وفق المواصفات العالمية التي توفر السلامة والأمان وسرعة التدخل والسيطرة في حال اندلاع أي حريق سواء كان بفعل فاعل أو نتيجة ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، كما زودنا الموقع بكاميرات للمراقبة”.

وأشار مدير الهيئة العامة للبيئة الشيخ عبدالله الصباح إلى أن الكويت وضعت خارطة طريق لإعادة تدوير جميع إطارات السيارات، ولن تسمح أبدا بهدر الأراضي وإنشاء مكبّات جديدة عليها.

وأضاف أن الدولة لم تتحمل أي تكاليف مالية في هذا المشروع، وإنما تكفل القطاع الخاص بالعملية ابتداء من نقل الإطارات وحتى تدويرها بالتعاون مع السلطات.

20