الكويت أمام حتمية إقرار قانون الدين لدعم السيولة

قصور الإصلاحات يعيق جهود الحكومة في تحسين التوازنات المالية رغم عائدات النفط المرتفعة.
الخميس 2022/05/19
التنمية متعطشة إلى تمويلات أكبر

يشي اقتناع بعض صناع القرار الكويتي بجدوى اعتماد قانون الدين المثير للجدل الذي ظل حبيس المناقشات لسنوات، بغية دعم التوازنات المالية رغم تحقيق البلد عائدات كبيرة من بيع النفط مؤخرا، بأن هذا المشروع قد يجد طريقه للقبول في البرلمان إذا قامت الحكومة المرتقبة بإجراء تعديلات عليه.

الكويت – أعطى موقف برلمانيين كويتيين حول حتمية إقرار قانون الدين دليلا واضحا على مدى الحاجة إلى السير في هذا الطريق من أجل تعبئة المزيد من السيولة حتى مع استفادة البلد الخليجي من طفرة عائدات النفط جراء انتعاش الأسعار في الأسواق العالمية.

وأظهرت وثيقة برلمانية كانت جريدة “الرأي” المحلية أول من كشف عنها الأربعاء أن الكويت لا تزال بحاجة إلى إقرار قانون الدين العام الذي يسمح للحكومة باقتراض نحو عشرين مليار دينار (65.3 مليار دولار) من الأسواق العالمية على مدى 30 عاما.

وزارة المالية: قانون الدين له أثر في تمويل المشاريع ذات البعد التنموي

ويأتي هذا الكشف بعد انقضاء أكثر من أسبوع على صدور أمر أميري يقضي بقبول استقالة الحكومة برئاسة الشيخ صباح الخالد بعد شهر من تقديمها، وتكليفها بتصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة.

وبحسب وكالة رويترز فإن الوثيقة تشير إلى أن وزارة المالية قالت في ردها على سؤال برلماني في العاشر من مايو الماضي إنها لن تستبعد فكرة المشروع الحكومي بشأن الاقتراض والدين العام، لأسباب أهمها ضرورة دعم السيولة في صندوق الاحتياطي العام.

وأشارت الوزارة أيضا في ردها إلى أهمية قانون الدين العام لتمويل المشاريع ذات الأثر التنموي المدرجة في الموازنة السنوية، وكذلك إعادة تمويل أو استبدال دين عام قائم، بالإضافة إلى دعم وتطوير أسواق المال في الدولة.

وكشفت الوثيقة أنه تم تأجيل أو إلغاء مشاريع غالبيتها تطوير طرق وإنشاء مبان حكومية يقدر إجمالي كلفتها بـ1.5 مليار دينار (4.9 مليار دولار) خلال السنة المالية المنتهية في مارس الماضي.

ويتفق الكثير من الخبراء في المؤسسات المالية ووكالات التصنيف الدولية على أن الكويت في أشد الحاجة إلى مراجعة النموذج المتبع مراجعة شاملة لإعادة تصحيح التوازنات المالية بما يدعم الأهداف.

ورغم أن هذه الجهات ترجح أن تساعد زيادة إنتاج النفط وارتفاع أسعاره على تعافي الاقتصاد الكويتي تدريجيا، إلا أنها تعتقد أن الحكومة أمامها تحديات هائلة للإصلاحيْن المالي والهيكلي اللذين يعتبران حجريْ زاوية لمواجهة المخاطر المستقبلية.

وطيلة سنوات احتدم الجدل بين الحكومة، التي ترى أن قانون الدّين العام سوق تسمح لها بالاستفادة من الأسواق الدولية والحصول على المزيد من القروض لتغطية أي عجز متوقع في السنوات القادمة، والبرلمان الذي يعارض غالبية أعضائه إقرار القانون بشكله الحالي.

ومرت الكويت بإحدى أسوأ أزماتها الاقتصادية بسبب تأثيرات الجائحة وانخفاض أسعار النفط منذ 2014 قبل أن تعاود الارتفاع، مما وضع فرضيات بشأن احتمال اللجوء إلى تسييل أصول سيادية لسد عجز الموازنة الحالية.

ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة حتى الآن من تمرير قانون الدين العام الذي يسمح لها بالاقتراض من الأسواق الدولية، وذلك منذ انتهاء القانون السابق في 2017، وازدادت الحاجة إلى هذا القانون بشدة إثر هبوط أسعار النفط خلال فترة الجائحة.

ووفر ارتفاع أسعار النفط الذي تشكل عائداته نحو 90 في المئة من إيرادات الدولة خلال الفترة الأخيرة بعض الارتياح للدولة الخليجية التي واجهت أزمة سيولة مالية حادة منذ بدء الأزمة الصحية واضطرت إلى اتخاذ تدابير استثنائية لتغطية عجز الموازنة في ظل غياب قانون للدّين العام.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن ارتفاع أسعار النفط، التي بلغت في المتوسط 110 دولارات للبرميل خلال الأشهر الأخيرة بسبب تداعيات الحرب في شرق أوكرانيا، خفف عن الحكومة قدرا كبيرا من الضغوط المالية.

Thumbnail

وفي مارس الماضي ربطت لجنة المالية في البرلمان الموافقة على مشروع قانون الدين العام بمدى التزام الحكومة بزيادة الإنفاق الرأسمالي وعدم صرفه في أوجه أخرى قد تعقد الأوضاع الاقتصادية للبلد.

ونسبت رويترز إلى بدر الملا عضو اللجنة قوله حينها إن “اللجنة أبلغت وزير المالية بضرورة تحديد مواطن إنفاق قانون الدين العام المقترح وأن يكون متجها للإنفاق الرأسمالي”.

وأكد أنه “بغير ذلك لن يمر (القانون) من اللجنة المالية”، مشيرا إلى أن القانون لا يزال موجودا على طاولة اللجنة رغم ارتفاع أسعار النفط.

وكانت وزارة المالية قد أشارت في وثيقة مؤرخة في منتصف فبراير الماضي إلى أن الحكومة مدينة لجهات عامة بمبلغ يصل إلى 7.8 مليار دولار نتيجة لنقص السيولة المالية.

وتشمل المدفوعات المتأخرة للجهات الحكومية الحسابات العامة في وزارة المالية بمبلغ 4.3 مليار دولار تمثل 55 في المئة من إجمالي المتأخرات ومبلغ 2.1 مليار دولار لوزارة الكهرباء والماء بنسبة 28 في المئة.

55.5

مليار دولار تتوقع الحكومة الكويتية جنيها من تجارة النفط في السنة المالية الحالية

وعلى الكويت سندات دولية قيمتها 3.5 مليار دولار مستحقة السداد في مارس المقبل تمثل آخر إصدار دولي سيادي للسندات كانت قد جمعتها في عام 2017.

وفي يناير الماضي خفضت وكالة فيتش تصنيف الكويت السيادي من أي.أي إلى أي.أي+ مع نظرة مستقبلية مستقرة، وأشارت حينها إلى أن “القيود السياسية المستمرة” تقوض قدرة الإمارة الخليجية الغنية بالنفط على معالجة المشكلات الهيكلية.

وكانت الهيئة العامة للاستثمار قد أكدت في فبراير الماضي أن ارتفاع الإيرادات النفطية “لا يغطي التزامات الموازنة” للسنة المالية الماضية.

لكن بعد تعافي الأسعار منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية رجحت وزارة المالية تقلص العجز المالي في السنة المالية الحالية التي بدأت في أبريل الماضي بنحو 74.2 في المئة ليصل إلى 10.3 مليار دولار بمقارنة سنوية.

وتتوقع الحكومة نمو الإيرادات النفطية بنسبة 83.4 في المئة بالموازنة الجديدة لتصل إلى 55.5 مليار دولار ارتفاعا من 30.2 مليار دولار في السنة المالية السابقة.

وتواصل الكويت سياسة التقشف في بعض البنود عبر تقليص الإنفاق العام حيث من المتوقع أن ينخفض بنسبة 4.8 في المئة إلى 72.8 مليار دولار، على أن تخصص نسبة 74.5 في المئة من هذا المبلغ لرواتب الموظفين العامين والمساعدات الحكومية.

11