الكويت أمام تحدي القطع مع استراتيجيتها البالية في قطاع الإسكان

المدير العام لبنك الائتمان الكويتي يطالب بإعادة النظر بالفلسفة الإسكانية لوضع الحلول المستدامة.
الاثنين 2022/01/31
التطوير لن يكون باتباع هندسة قديمة

الكويت - تزايدت الضغوط على الحكومة الكويتية لمراجعة خطط الإسكان التي لا تزال تديرها بشكل قديم، حيث لم تسهم تحركاتها في الخروج من هذه المعضلة جراء بطء الإصلاحات والخلافات السياسية المستمرة.

واعتبر المدير العام لبنك الائتمان الكويتي صلاح المضف في مقابلة مع وكالة رويترز الأحد، أن على السلطات إعادة النظر في سياستها الإسكانية في الكويت وبشكل عاجل.

وقال إن “الوضع القائم اليوم ليس مستقرا وليست ثمة إمكانية أن يستمر البنك في تقديم قروض بهذا الشكل على المدى البعيد”. وأضاف أن “الفلسفة الإسكانية يجب إعادة النظر فيها لوضع الحلول المستدامة”.

وبنك الائتمان هو بنك حكومي أنشئ في ستينات القرن الماضي تحت اسم بنك التسليف، ويقوم حاليا بتقديم قروض بلا فوائد لمستحقي الرعاية السكنية من المواطنين، لبناء المساكن أو شرائها أو ترميمها، ويبلغ رأسماله نحو 10 مليارات دولار.

صلاح المضف: الوضع القائم اليوم ليس مستقرا وليست ثمة إمكانية أن يستمر البنك في تقديم قروض بهذا الشكل على المدى البعيد

ويحتاج البنك المسؤول عن إقراض المواطنين لبناء وترميم مساكنهم إلى حوالي 16 مليار دينار (52.8 مليار دولار)، لتمويل القروض الإسكانية حتى 2035.

وتبلغ قيمة القرض الذي يقدمه البنك للمواطن لبناء سكنه أو شرائه 70 ألف دينار (271 ألف دولار)، وهو يعاني منذ سنوات من شح السيولة بسبب زيادة الطلبات الإسكانية، الأمر الذي أثر على شرائح كبيرة من الكويتيين الذين يعتبرون المشكلة الإسكانية واحدة من أهم أولوياتهم.

وزاد عدد الكويتيين خلال السنوات العشر الأخيرة بنحو 350 ألفا ليصل إلى نحو 1.47 مليون نسمة، يشكلون 32 في المئة من إجمالي السكان البالغ عددهم 4.6 مليون نسمة، ويشكل الوافدون والأجانب النسبة الباقية.

وتكفل الدولة حق الرعاية السكنية للأسرة الكويتية، وتوفر لها في سبيل ذلك قطعة من الأرض مكتملة المرافق. كما تمنح رب الأسرة قرضا حكوميا من بنك الائتمان بلا فوائد يتم سداده على فترة حتى 60 عاما.

ويسدد القرض على أقساط لا تتجاوز 100 دينار أو عشرة في المئة من المرتب أيهما أعلى.

ومع زيادة عدد المواطنين وصل عدد الطلبات الإسكانية إلى نحو 100 ألف، ما يعني أن مئة ألف أسرة كويتية مازالت تنتظر الحصول على السكن المناسب، وامتدت قوائم الانتظار إلى أكثر من 17 عاما، في ظل عجز الدولة عن الوفاء بكل هذه الطلبات بسبب شح السيولة المالية.

وقال المضف إن الدول المجاورة تكتفي الحكومات فيها بكفالة ذوي الدخل المحدود وتوفر لهم حق الحصول على المسكن، “بينما في الكويت، الكل يأخذ، سواء كان من ذوي الدخل المحدود أو المتوسط أو الدخل العالي”.

وأضاف “لذلك فإن الوضع الراهن يحتاج إلى دراسة لتحديد من الذي يستحق توفير المسكن من قبل الدولة”، معتبرا أن هذه الخطوة ستوفر الكثير من الأموال على الدولة.

وأوضح المضف أن إعادة النظر في الفلسفة الإسكانية تحتاج إلى تعاون الحكومة مع مجلس الأمة، وتحتاج أيضا إلى “تهيئة” المواطنين لتقبل الأمر، على أن يكون ذلك تدريجيا.

وثمة ضرورة أن يتزامن ذلك مع إقرار قانون التمويل العقاري الذي يسمح للبنوك التجارية بتمويل مساكن المواطنين، وقانون المطور العقاري وكذلك تحرير الأراضي السكنية للسماح لشركات القطاع الخاص بدخول هذا السوق.

وقال المضف إن “هذه الخطوات الثلاث من شأنها أن توفر حلا مستداما للمشكلة الإسكانية” بالبلد الخليجي الثري.

Thumbnail

وكان البرلمان قد أقر الأسبوع الماضي قانونا لدعم سيولة البنك الذي يعاني من عثرات بنحو 800 مليون دينار (2.64 مليار دولار)، تشمل 990 مليون دولار زيادة رأسمال للبنك من الصندوق الكويتي للتنمية، بالإضافة إلى إعادة جدولة سندات قيمتها 1.65 مليار دينار مستحقة للصندوق على البنك.

لكن المضف يعتقد أن هذه الخطوات هي “حلول قصيرة الأجل”، وتوفر للبنك سيولة تمكنه من تقديم التمويل اللازم لنحو 11 ألف قطعة أرض جاهزة للبناء.

ويدرس البنك حاليا مع البنوك الكويتية وكذلك مع شركة أوليفر ويمن إصدار سندات في السوق المحلية مقومة بالدينار بقيمة 3.3 مليار دولار. وأكد المضف أن البنك ما زال يدرس كل الخيارات في هذا الصدد سواء كانت سندات أو صكوكا أو قروضا.

وسيمكن المبلغ، بالإضافة إلى الدعم الحكومي، البنك من طرح السندات ومن تمويل نحو 20 ألف طلب إسكاني للمواطنين، ويغطي الأراضي والوحدات السكنية الجاهزة في منطقتي المطلاع وخيطان.

ويرى المضف أن كل هذه الحلول لا تغني عن الحلول طويلة المدى التي يجب أن تشمل أيضا تنويع مصادر الدخل أمام بنك الائتمان، بالسماح له بتقديم الخدمات المصرفية الاعتيادية التي تقدمها البنوك التجارية، وأن تكون لديه ذراع تمكنه من استثمار ما لديه من فوائض مالية.

وتقوم الحكومة حاليا ببناء مدن سكنية جديدة في منطقتي جنوب سعد العبدالله غرب الكويت وجنوب صباح الأحمد جنوب البلاد، بما يستوعب عشرات الآلاف من الوحدات السكنية الجديدة.

وقال المضف إن “البنك لابد أن يكون مستعدا لتمويل المواطنين للحصول على الوحدات السكنية في هذه المدن، وهذا لن يتأتى إلا من خلال الاستراتيجية الجديدة التي يدعو إليها”.

11