الكويتيون محبطون من تكرار إجراء الانتخابات التشريعية دون نتيجة

الكويت – يرجح متابعون أن تشهد الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في الكويت، غدا الثلاثاء عزوفا من الناخبين، في ظل إحباط الشارع الكويتي ويأسه من إمكانية أن تقود هذه الاستحقاقات المتكررة إلى معالجة مكامن الخلل السياسي الذي تتخبط فيه الدولة الخليجية.
وتنظم الكويت سابع انتخابات تشريعية منذ العام 2012، والثانية لها في أقل من عام، بينما لا تزال الدولة الخليجية الغنية بالنفط غارقة في أزمات سياسية تقوّض الآمال في إجراء إصلاحات اقتصادية تمكنها من مجاراة الدول المجاورة.
وخلافا لسائر دول المنطقة، تتمتّع الكويت الواقعة بالقرب من إيران والعراق بحياة سياسية نشطة، ويحظى برلمانها الذي ينتخب أعضاؤه لولاية مدّتها أربع سنوات بسلطات تشريعية ورقابية واسعة ويشهد مناقشات حادّة في الكثير من الأحيان.
وتتحكّم أسرة آل الصباح الحاكمة بمقاليد السلطة وتوكل إلى أفرادها غالبية الحقائب السيادية بشكل منهجي. لكن النواب لا يتردّدون في مساءلة الوزراء المقرّبين عادة من أسرة آل الصباح حول ملفات سوء إدارة الأموال العامة أو فساد.
وتحولت هذه المساءلات في السنوات الأخيرة إلى أشبه بعمليات ابتزاز للحكومة، وهي لا تخلو في بعض الأحيان من عملية تصفية حسابات لصراعات تدور خلف الكواليس بين أجنحة الأسرة الحاكمة.
وتتكرّر الخلافات بين السلطة التنفيذية والبرلمان بانتظام، ما تسبّب بأزمات سياسية متكرّرة في الكويت في السنوات الأخيرة، ترافقت مع استقالات متوالية لحكومات وحلّ البرلمان مرارا.
وتقول الأستاذة الجامعية والناشطة السياسية شيخة الجاسم إن تكرار حل وإبطال مجلس الأمة خلال السنوات الماضية ولّد حالة من “الإحباط” لدى الكويتيين، مضيفة “أعتقد أننا نحتاج إلى صحوة بسبب هذا الإحباط الكبير”.
وخشية حصول امتناع كبير عن المشاركة في الاقتراع، نشرت السلطات لافتات كبيرة في شوارع العاصمة لدعوة المواطنين إلى التصويت بأعداد كبيرة في ثاني انتخابات خلال عامين، بعدما حُلّ البرلمان السابق إثر مناكفات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، والتي تلاها قرار قضائي مثير للجدل صدر عن المحكمة الدستورية في التاسع عشر من مارس الماضي وقضى بإبطال مجلس الأمة 2022.
وفي بداية أبريل، ولدت الحكومة السابعة خلال ثلاث سنوات. وبعد أيام قليلة، حلّ أمير الكويت نواف الأحمد الصباح البرلمان ودعا إلى انتخابات تشريعية جديدة على أمل معالجة تداعيات قرار المحكمة الدستورية الذي رفضته المعارضة.
وستشارك المعارضة في العملية الانتخابية الثلاثاء للمرة الثانية منذ أن أنهت مقاطعتها للانتخابات التشريعية عام 2022. ويخوض الانتخابات 207 مرشحين، بينهم 13 امرأة، وهو أقل عدد مرشحين في انتخابات تشريعية في الكويت منذ عام 1996.
ويرى مراقبون أن الانتخابات المنتظرة ستجري بين تيار إصلاحي وبين آخر معارض، مشيرين إلى أن المنافسة ستكون محتدمة بينهما على من سيسيطر على مجلس الأمة المقبل.
ويقول المراقبون إن جميع المؤشرات توحي بأن البرلمان المقبل لن يخرج عن دائرة سابقيه، حيث إن من المرجح العودة إلى نفس حلقة المناكفات، خصوصا إذا ما كانت النتائج بين الطرفين متقاربة، وهو أمر متوقع على نحو بعيد.
ويعتبر المراقبون أن السلطة الحاكمة تبدو مستكينة إلى حالة الدوارن في ذات الحلقة، حيث إن ذلك يعفيها من تحمل المسؤولية الأكبر عن حالة التكلس الحاصلة في الكويت سياسيا واقتصاديا.
وترشّحت الجاسم في الماضي إلى الانتخابات، لكنّها عدلت بعد ذلك عن الترشح بسبب الجمود السياسي الحالي.
وتوضح الناشطة السياسية أنّ عدم وجود قوائم انتخابية ولا أحزاب سياسية أثناها عن الترشح هذه المرة، مضيفة “نحتاج إلى تنظيم العمل السياسي (…). عملنا كلّه فردي ومجهودنا ضائع، لذلك فإن ديمقراطيتنا ناقصة”.
وأدى عدم الاستقرار السياسي في الكويت إلى إضعاف شهية المستثمرين في البلد الذي يعدّ أحد أكبر مصدري النفط في العالم. ويرى المحلل السياسي عايد المناع أنّ “تكرار حلّ وإبطال البرلمان تسبّب بإرهاق الكويتيين وانتشار الشعور بالملل بينهم”.
وأعاقت المواجهة بين السلطة التنفيذية والبرلمان الإصلاحات التي يحتاجها الاقتصاد الكويتي الراغب بتنويع موارده، وهو وضع يتناقض مع الجيران، الأعضاء الخمسة الآخرين في مجلس التعاون الخليجي والماضين في مشاريع لتنويع اقتصاداتهم وجذب المستثمرين الأجانب.
والأمير نواف الأحمد الصباح البالغ من العمر 85 عاما غائب عن الحياة السياسية منذ فترة، وينوبه في مهامه ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.