الكويتيون على موعد مع انتخابات استثنائية في ظل اشتداد الصراع داخل الأسرة الحاكمة

يجد الكويتيون أنفسهم مجددا على موعد مع انتخابات تشريعية هي الثانية في أقل من عام، في ظل أزمة سياسية ومؤسساتية مستفحلة، ولا يبدو أن الاستحقاق المقبل سيفك عقدتها، لاسيما وأن المسألة تتجاوز مجرد خلافات بين الحكومة ومجلس الأمة إلى صراعات داخل الأسرة الحاكمة نفسها.
الكويت - قالت أوساط سياسية كويتية إن الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في يونيو المقبل ستكون استثنائية ولن تكون كسابقتها، لاسيما مع تصاعد الخلافات بين شقوق الأسرة الحاكمة.
وأشارت الأوساط نفسها إلى أن الاستحقاق المقبل، وهو الثاني في أقل من عام، سيكون ساحة مبارزة بين القوى المرشحة التي سبق أن خاض جزء كبير منها دورات انتخابية عدة وهي منقسمة في الولاءات بين أجنحة الأسرة.
وقرر مجلس الوزراء الكويتي الأربعاء رفع مشروع مرسوم يقضي بتحديد يوم السادس من يونيو المقبل موعدا للانتخابات البرلمانية المقبلة إلى ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الذي يتولى معظم صلاحيات أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح.
وتم حل مجلس الأمة (البرلمان) المنتخب في 2020 والذي أعادته المحكمة الدستورية في مارس بعد إبطال المجلس المنتخب في العام 2022، بمرسوم أميري يوم الاثنين والعودة إلى الشعب لاختيار ممثليه من جديد.
وقالت وكالة الأنباء الكويتية إن مجلس الوزراء قرر تعطيل العمل في جميع الوزارات والجهات الحكومية والمؤسسات العامة يوم الاقتراع واعتباره يوم راحة.
وكشف مصدر حكومي عن فتح باب الترشح لانتخابات “أمة 2023” ابتداء من الجمعة الموافق للخامس من مايو الجاري، وذلك بعد نشر مرسوم الدعوة إلى الانتخابات بالجريدة الرسمية الخميس.
ودخلت الحياة السياسية في الكويت في حالة من الغموض بعد صدور حُكم عن المحكمة الدستورية قضى ببطلان الانتخابات التي جرت في سبتمبر الماضي والتي أسفرت عن فوز معارضين بغالبية مقاعد البرلمان.
وكان ولي العهد الكويتي قد أعلن في كلمة ألقاها نيابة عن أمير البلاد في أبريل الماضي أن مجلس الأمة سيُحَل وسيتم إجراء انتخابات عامة جديدة في الأشهر المقبلة.
وتعاني الكويت، العضو في منظمة أوبك، من خلافات بين مجلس الوزراء ومجلس الأمة المنتخب منذ فترة طويلة، لكن أوساطا مطلعة ترى بأن الأزمة تتجاوز المجلسين، وأن أطرافا وبعض الشيوخ لهم دور أساسي في تعميقها.
مجلس الوزراء الكويتي يقرر رفع مشروع مرسوم يقضي بتحديد يوم السادس من يونيو موعدا للانتخابات البرلمانية المقبلة
وقال الكاتب والصحافي الكويتي نامي حراب المطيري في تغريدة على حسابه عبر تويتر “لا أبالغ إذا قلت إن الانتخابات القادمة ستشكل مرحلة حاسمة وفاصلة في تاريخ الكويت، بل إني أراها معركة حياة أو موت بين الكتلة الوطنية الإصلاحية وبين الفئة الباغية والضالة من أقطاب الفساد”.
وأضاف المطيري “على الشعب الكويتي أن يعي ذلك وأن ينتفض انتصاراً لوطنه ومستقبل أبنائه”.
وأعرب عدد من النواب السابقين عن اعتزامهم الترشح مجددا للاستحقاق المقبل، ويرى متابعون أن إعلان رئيس مجلس الأمة المنحل مرزوق الغانم الترشح للانتخابات يحمل أكثر من دلالة، وأن الاستحقاق القادم من الواضح انه سيكون ساحة منازلة بين الشيوخ المتصارعين على النفوذ.
ويعد الغانم مقربا جدا من رئيس الوزراء السابق الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح الذي اضطر العام الماضي إلى الاستقالة على خلفية معارضة شديدة واجهها من قوى المعارضة النيابية، وخلفه في المنصب الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح، الذي لا يخفي حرصه على ربط علاقات جيدة مع الأخيرة رغم عدم تقاطعهما في العديد من الملفات وهو ما نتج عنه استقالة حكومته هو الآخر في يناير الماضي وإعادة تكليفه بتشكيل حكومة جديدة في مارس أبصرت النور الشهر الماضي.
وكان الغانم قرر بشكل مفاجئ عدم خوض الاستحقاق السابق، وربط المتابعون قراره بتوافق جرى داخل الأسرة الحاكمة يقضي بإبعاد كل العناصر التي انخرطت في الأزمة طيلة السنوات الماضية.
ويلفت المتابعون إلى أن مسارعته إلى إعلان ترشحه عن الدائرة الانتخابية الثانية بعد أقل من ساعة على صدور مرسوم حل مجلس 2020، يشي بأن هذا التوافق انهار.
ويستبعد المتابعون في أن يفضي مجلس الأمة المنتظر إلى حالة من الاستقرار السياسي، حيث أن كل المؤشرات توحي بخلاف ذلك، مشيرين إلى أن الدولة الخليجية تبدو في حاجة ماسة إلى إصلاح سياسي حقيقي سواء في علاقة بتشكيل الحكومات أو بصلاحيات مجلس الأمة.
البقاء ضمن الوضع الراهن سيعني حالة استنزاف مالي وشعبي، بدون إصلاحات تعيد تصويب المسار في البلاد
ويشير المتابعون إلى أن البقاء ضمن الوضع الراهن سيعني حالة استنزاف مالي وشعبي، بدون إصلاحات تعيد تصويب المسار في البلاد.
وأعلن عدد من النواب السابقين عن اعتزامهم خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة من دون مقار انتخابية، بسبب تكرار العملية الانتخابية ثلاث مرات خلال عامين ونصف العام، الأمر الذي شكل عبئا ماليا كبيرا على المرشحين.
وكانت وتيرة الإنفاق الذي شهدته انتخابات “أمة 2022” شهدت انخفاضا لافتا، وقدر حينها تراجع الإنفاق الانتخابي وفق مراقبين بنسبة تراوحت بين 30 و50 في المئة مقارنة بالدورات السابقة، بينما قدر آخرون نسبة الانخفاض لدى بعض المرشحين بما يقارب 80 في المئة.
وترصد مصادر إعلامية محلية جنوح المرشحين إلى التخفيف من الإنفاق على الحملات الانتخابية مع التوسع في الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي لإيصال برامجهم إلى الناخبين، وتكثيف زيارات الدواوين.
وقد أعلن النواب السابقون مهلهل المضف وعبدالله جاسم المضف ومهند الساير وعبدالكريم الكندري في بيان عن ترشحهم، وتعهدوا بتقديم “قانون ينظم الحملات الانتخابية لحماية جميع المرشحين وتحقيقاً لتكافؤ الفرص بينهم جميعاً”.
وأيد العديد من المرشحين هذا الخيار، على غرار عضو مجلس الأمة المبطل جنان بوشهري التي ترشحت للاستحقاق المقبل، قائلة “فنعم الانتخابات التي تكون مقراتها دواوين أهل الكويت وبيوتهم، فهم الأساس لأي عملية ديمقراطية، وهم أصحاب القرار”.