الكويتيات يوسعن مشاركتهن في العمل بالقضاء رغم معارضة الإسلاميين

الكويت- تمكّنت المرأة الكويتية مجدّدا من توسيع مشاركتها في العمل بمجال القضاء، وذلك في إنجاز كبير لا يحسب عدديا، بقدر ما يقاس بحجم العوائق التي واجهتها لاقتحام هذا المجال “الرجالي” في البلد الذي ما يزال يعاني سطوة قوى إسلامية تجاهر بالاعتراض على تمكين المرأة من حقوقها الأساسية، وتطالب بفرض قيود على المجتمع من قبيل منع الاختلاط في الجامعات.
وقفز عدد الكويتيات العاملات في مجال القضاء وذلك بعد انتداب عدد من النساء للعمل كوكيلات للنائب العام مرشحات للترقية إلى مناصب قاضيات.
ونقلت صحيفة “القبس” المحلية عن مصدر وصفته بالمطلع أنّ المجلس الأعلى للقضاء وافق على تعيين 19 وكيلة نيابة إلى جانب نحو 100 وكيل نيابة كدفعة جديدة في إطار عملية توطين مهنة القضاء.
◙ وصول الكويتيات إلى مناصب هامّة في مجال القضاء إنجاز يقاس بحجم ما يضعه الإسلاميون في طريقهن من عوائق
وبيّن المصدر أنه تمت منذ فتح باب القبول للإناث في وظيفة وكيلة نيابة ترقية 15 منهنّ إلى منصب قاضية ترأست بعضهن دوائر في محكمة الجنح.
وذكر أن جميع وكيلات النيابة المقبولات سيتم ترقيتهن إلى قاضيات ومستشارات في المستقبل، وذلك وفق الترقيات التي يصدرها المجلس الأعلى للقضاء.
كما أكّد استمرار قبول الإناث للعمل في مجال القضاء بعد اعتماد المساواة بين الجنسين.
وكانت سنة 2020 قد شهدت قفزة نوعية في مجال تمكين المرأة الكويتية وذلك عندما أدّت ثماني نساء في سبتمبر من نفس السنة اليمين القانونية أمام رئيس المجلس الأعلى للقضاء ليصبحن بذلك أول قاضيات في تاريخ الكويت التي تأخرت في تمكين المرأة من ممارسة هذه الوظيفة قياسا بالعديد من البلدان العربية والإسلامية.
وجاء قبول تعيين المرأة الكويتية في سلك القضاء بعد ستة أعوام من قبول عشرين امرأة في النيابة العامة. وتحاول الكويتيات منذ سنوات طويلة دخول السلك القضائي، فمنذ سنة 2006 تقدمت طالبة حقوق بطلب لتصبح وكيلة نيابة بحجة عدم وجود مانع في القانون يحول دون ذلك. لكنّ الخطوة جوبهت بحملة شعواء من قبل جهات منغلقة دينيا واجتماعيا شُنّت على الطالبة وكذلك على الجهات التي ساندت مطلبها، ما جعل الحكومة تغض الطرف عن الطلب.
وتتولّى المرأة في الكويت مناصب حكومية مهمّة من بينها منصب وزيرة، لكنّ بعض العائلات والأوساط المحافظة لا تزال تفرض قيودا مشدّدة على تحرّكات النساء وتصرفاتهن.
وفي مظهر على وجود عوائق اجتماعية ودينية في الكويت أمام عملية التمكين للمرأة، يظل عدد النساء اللاتي يتمكنّ من الوصول إلى مجلس الأمّة (البرلمان) محدودا رغم تمتّعهن بحق الترشّح والانتخاب، حيث لا يضمّ المجلس الحالي سوى امرأة واحدة هي جنان بوشهري.
◙ ثمانية نساء أدين سنة 2020 اليمين القانونية أمام رئيس المجلس الأعلى للقضاء ليصبحن بذلك أول قاضيات في تاريخ الكويت
وسبق للناشط السياسي الإسلامي محمد هايف أن علّق على تعيين القاضيات بالقول “لا تظلموا المرأة فقد خفّفت عنها الشريعة الكثير من المسؤوليات، فلا ولاية عامة لها، ولا حتى لها على نفسها في النكاح، ولا تسافر إلا بمحرم، وأعفيت من القوامة والنفقة وكلّف الرجل بها، وأسقط عنها الكثير من التكاليف مراعاة لخصوصيتها، ثم يأتي دعاة المساواة ليجعلوها قاضية والقضاة ثلاثة رجال”.
وكثيرا ما يشكو الكويتيون من تسلّط قوى دينية متشدّدة على المجتمع ومحاولتها ممارسة الوصاية عليه، ويقولون إنّ دور هؤلاء ليس عديم التأثير في بعض سياسات الدولة وصياغة قوانينها، محذّرين من أنّ أخطر تأثير لهؤلاء هو ما يمس قطاعات حساسة مثل التعليم.
وخلال الصيف الماضي عاد النواب الإسلاميون بالبرلمان إلى محاولتهم عرقلة عمل المرأة في مجال القضاء من خلال تقديم اقتراحات لمجلس الأمّة (البرلمان) تقضي بقصر وظائف القضاء على الذكور باعتبار أنه “لا يجوز شرعا تولي المرأة القضاء، لأنه ولاية عامة لا يتقلدها إلاّ الرجال”.