الكويتيات يدعمن رصيدهن في العمل بالقضاء ضد إرادة الإسلاميين

الكويت- أثرت المرأة الكويتية رصيدها في مجال العمل بالسلك القضائي، وذلك بتعيين أربع وكيلات نيابة للعمل في خطة مديرات بالنيابة العامّة، ما مثّل خطوة جديدة في طريق التغلّب على العوائق الاجتماعية وكذلك السياسية والعقائدية التي لطالما وضعتها قوى إسلامية في طريق إدماج الكويتيات في هذا السلك الذي ظلّ على مدى عقود حكرا على الرجال.
وأصدر النائب العام الكويتي سعد الصفران قرارات بتعيين كلّ من غنيمة الصرعاوي مديرة لنيابة حولي، ومنوه العثمان مديرة لنيابة الفروانية، ومنيرة الوقيان مديرة لنيابة الإعلام والمعلومات والنشر، ونوف السعيد مديرة لنيابة الأحداث.
واحتفت العديد من المنابر السياسية والإعلامية الكويتية، وخصوصا منها ذات التوجهات الليبرالية، بالقرار نظرا لكون مدير النيابة يمثل أعلى منصب إشرافي تتقلده المرأة الكويتية في النيابة العامة منذ نشأتها قبل خمسين عاما، ونظرا أيضا لكونه مثّل هزيمة جديدة للقوى الإسلامية، من سلفيين وإخوان مسلمين، والتي عارضت بشكل معلن تمكين المرأة في عدد من القطاعات والمهن نظرا لما تراه في ذلك التمكين من تعارض مع تعاليم الشريعة بحسب قراءتها لها.
وعلى الطرف المقابل لم تخل الكويت رغم غلبة الطابع المحافظ على مجتمعها من مدافعين عن حقوق المرأة بما في ذلك الحركة النسوية التي تقودها بعض المثقفات البارزات ذوات النشاط اللافت في المجال.
وذهبت بعض الدوائر في احتفائها بتبوؤ النساء الأربع لمناصبهن الجديدة في القضاء حدّ اعتباره مظهرا على التراجع النسبي لمكانة الإسلاميين في مؤسسات الدولة وتأثيرهم في قرارها، كأحد مسارات الإصلاح الذي أطلقته قيادة البلد وتدفع بقوة نحو المضي فيه واستكماله.
ورغم نسبية هذا الطرح يظل في حكم المؤكّد أن القوى الإسلامية الحاضرة بقوة في المشهد الكويتي على مدى العقود الماضية خسرت أحد أهم المنابر التي كانت تستخدمها في التأثير على سياسة الدولة وقراراتها، ويتعلّق الأمر بمجلس الأمّة (البرلمان) الذي بادر أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في مايو الماضي بحلّه وبتعليق العمل بمواد في الدستور إلى أجل لا يتعدى الأربع سنوات.
وكان نواب في المجلس قد استخدموا مواقعهم فيه وما تتيحه لهم سلطاتهم الدستورية الواسعة من إمكانيات للضغط على الحكومة، في معارضة قرارات تتضمن تمكينا للمرأة وإدماجا لها في قطاعات ومهن معينة.
وذهب الطموح بهؤلاء في تعطيل مسار التمكين للمرأة حدّ محاولتهم منح قوة القانون لاعتراضاتهم على دخول النساء لبعض القطاعات وشغلهن لعدد من المناصب.
وقام أحد النواب السلفيين في وقت سابق بتقديم مقترح تعديل قانوني يتضمّن منع المرأة من ممارسة مهن القضاء “لعدم جواز ذلك في الشريعة الإسلامية”، بحسب رأي النائب.
ومما جاء في المذكرة التوضيحية للاقتراح “لما كان تولي أمر القضاء يعتبر من قبيل الولاية العامة، والقاعدة الشرعية أنه لا ولاية للمرأة على الرجل، ووفقا لفتوى هيئة الفتوى العامة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 24 هـ 2012 م، بمنع تولي المرأة القضاء، وعدم جوازه في الشريعة الإسلامية، جاء التعديل على المادة رقم 19 التي تحدد الشروط الواجب توافرها فيمن يتولى وظيفة القضاء بقصر توليها على الرجال الكويتيين فقط”.
واقترح النائب في تعديله القانوني أن ينص البند “ب” من المادة 19 على أن “يكون من يتولى القضاء ذَكَرا كويتيا”.
ورغم ذلك لم ينجح هؤلاء في وقف المسار بالكامل رغم نجاحهم في إبطاء مسيرته، حيث تدعّم حضور المرأة في سلك القضاء بالكويت خلال السنة الماضية بتعيين 19 امرأة في منصب وكيلة نيابة، وذلك بعد أن شهدت سنة 2020 قفزة نوعية في المجال وذلك عندما أدّت ثماني نساء اليمين القانونية أمام رئيس المجلس الأعلى للقضاء ليصبحن بذلك أول قاضيات في تاريخ البلد.
وجرّت قرارات التعيين تلك على الحكومة الكويتية المساءلة أمام البرلمان حول “مدى قانونية تعيين قاضيات إناث”، وهو ما قام به أحد النواب الإسلاميين وردت عليه الحكومة ممثلة بوزارة العدل بأن دستور البلاد والإعلان العالمي لحقوق الإنسان يمنعان حصر تولي القضاء على فئة الذكور.
وفي ظل غلبة المزاج الإصلاحي في الكويت ووجود إدارة سياسية عليا داعمة له، تتوقّع مصادر كويتية أن يشهد رصيد الكويتيات في العمل بسلك القضاء المزيد من الدعم خلال الفترة القادمة.
ونقلت صحيفة “الجريدة” المحلية عن تلك المصادر قولها إنّ هناك زيادة مقبلة في أعداد القاضيات بالمحكمة الكلية واللاتي سيترقى بعضهن إلى رئاسة الدوائر القضائية بها”، موضّحة أنّ “الجمعية العمومية لقضاة المحكمة والتي ستعقد في نهاية شهر سبتمبر الجاري ستعهد إليهن برئاسة الدوائر القضائية الجزئية في المحكمة الكلية في قضايا الإيجارات والأسرة والجنح والمدني والتجاري، وأن إدارة المحكمة حال توافر شروط الترقية ستكلفهن برئاسة تلك الدوائر التي تتشكل من ثلاثة قضاة”.