الكنيست الإسرائيلي يقر موازنة حكومة نتنياهو وسط احتجاجات

المعارضة تصف الموازنة بـ"المدمرة" وتعتبر أنها تشكل عملية نهب للخزينة العامة وتقود إلى دمار الاقتصاد الإسرائيلي واستهداف شديد للطبقة الوسطى.
الأربعاء 2023/05/24
نتنياهو يتعهد بالعودة إلى خطة الإصلاح القضائي

القدس - أقر الكنيست الإسرائيلي صباح الأربعاء، موازنة حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وسط تظاهر آلاف الإسرائيليين في القدس، احتجاجاً على تخصيص إعانات مالية كبيرة لليهود المتشددين في الموازنة، متّهمين الائتلاف الحاكم بـ"نهب" أموال الدولة.

وذكر الكنيست في بيان أنه تمت المصادقة بالقراءة النهائية على حزمة إنفاق تبلغ 484 مليار شيكل (131 مليار دولار) لهذا العام و514 مليار شيكل (139 مليار دولار) للعام المقبل، وذلك بأغلبية 64 صوتا مقابل 56.

وعقب المصادقة النهائية على الموازنة العامة، احتفل أعضاء الكنيست عن الائتلاف، عبر حساباتهم على شبكات التواصل الاجتماعي وغرد نتنياهو ونشر علامة النصر، مستذكرا الأهداف التي حددها لنفسه "لقد فزنا في الانتخابات، وصادقنا على الموازنة. نحن مستمرون لمدة أربع سنوات جيدة".

ونشر نتنياهو صورة له ولأعضاء التحالف الآخرين المجتمعين حول طاولة الحكومة في الكنيست، وقال "شكرا لكم جميعا".

في أعقاب المصادقة على الموازنة قال نتنياهو اليوم الأربعاء إن "الإصلاح القضائي" لإضعاف جهاز القضاء "سيعود" إلى أجندة الحكومة "بكل تأكيد. ونحن أصبحنا بداخله، ونحاول التوصل إلى تفاهمات (مع المعارضة) وآمل أن ننجح في ذلك".

وقبيل التصويت، دافع نتنياهو عن "موازنة مسؤولة"، مخاطباً شركاءه في الائتلاف الحاكم الذي يضمّ أحزاباً يمينية، ويمينية متطرّفة، وأخرى يهودية متشدّدة.

وقال نتنياهو "نقرّ ميزانية مسؤولة تحترم الإطار المالي، وهو ما أشادت به وكالات التصنيف الائتماني".

واعتبر وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، صباح اليوم الأربعاء، أن الموازنة "تعكس استقرار الحكومة. وهذه ميزانية ممتازة"، وذلك بالرغم من تحذيرات مسؤولين في وزارة المالية من أن مبالغ طائلة ستضخها الحكومة إلى مؤسسات التعليم الحريدية من شأنها أن تلحق ضررا بالنمو الاقتصادي في المستقبل.

وقال سموتريتش "الموازانة ستشجع استثمار رأسمال في الهايتك، وستسمح باستثمار هائل في جهاز الصحة الذي تم إهماله طوال سنين، واستثمار هائل في القدرة على الحكم وفي جهاز الأمن، واستثمار هائل في التعليم العالي وجهاز التعليم بكافة مستوياته".

وأضاف أن "الاقتصاد الإسرائيلي قوي. واقتصادنا هو من أفضل الأنظمة الاقتصادية في العالم والأكثر استقرارا. وعندما حدثت عواصف اقتصادية في العالم، كنا أول من يخرج منها. وهذا ما سيحدث الآن أيضا، بفضل المزازنة وقانون التسويات اللذين صادقنا عليهما الآن".

وتابع سموتريتش أن قانون التسويات يشمل "إصلاحا هاما وجوهريا من أجل مكافحة غلاء المعيشة وتحسين مستوى المعيشة في إسرائيل".

وبحسبه، فإن قانون "صندوق الأرنونا" الذي يأخذ أموالا من سلطات محلية في إسرائيل ويحولها إلى المستوطنات، ولا تستفيد السلطات المحلية العربية منه، "سيصحح تشويها منذ سنوات طويلة ويشجع رؤساء سلطات محلية على تفضيل بناء وحدات سكنية، الأمر الذي سيؤدي بكل تأكيد إلى خفض أسعار السكن".

إلا أن المسؤولين في وزارة المالية يعارضون هذا القانون وكذلك رؤساء السلطات المحلية في إسرائيل.

وأثار مشروع الموازانة غضب آلاف الإسرائيليين الذين نزلوا، الثلاثاء، إلى شوارع القدس، واتّجهوا في مسيرة احتجاجية إلى مقرّ البرلمان "الكنيست".

ورفع المتظاهرون الأعلام الإسرائيلية، متّهمين الحكومة، وهي واحدة من الأكثر يمينية في تاريخ البلاد، بـ"نهب" أموال الدولة.

وجرت التظاهرة بدعوة من الحركة التي نظّمت منذ يناير تظاهرات أسبوعية شارك فيها عشرات آلاف المحتجّين على مشروع تصفه الحكومة بأنه "إصلاح قضائي" مثير للجدل.

ووصف زعيم المعارضة يائير لابيد الموازنة التي تم التصويت عليها بأنها "مدمرة" لأنّها تمنح أموالاً لمؤسّسات يهودية متشدّدة، ممّا يغني هذه المؤسّسات عن المشاركة بشكل أكبر في الاقتصاد.

وأضاف لابيد "هذه موازنة تشجّع الناس على عدم متابعة التعليم العالي، وعلى عدم العمل أو إعالة أطفالهم مالياً".

وبحسب زعيم المعارضة فإنّ مشروع الموازنة لا يوفّر "محرّكاً للنمو، ولا يؤمّن علاجاً لارتفاع تكاليف المعيشة، بل هو مجرّد ابتزاز لا نهاية له".

وكتب رئيس حزب "يسرائيل بيتينو" ووزير المالية السابق، افيغدور ليبرمان، على تويتر "هذه الموازنة هي بقعة سوداء في تاريخ دولة إسرائيل. وهي تشكل عملية نهب للخزينة العامة وتقود إلى دمار الاقتصاد الإسرائيلي واستهداف شديد للطبقة الوسطى، وبالذين يخدمون في الجيش ويؤدون الخدمة في قوات الاحتياط وبالعاملين ودافعي الضرائب. ويتحمل الذين أيدوا الموازنة مسؤولية كاملة عن التسونامي الاقتصادي الذي نتجه نحو في الأشهر المقبلة".

وقال رئيس قائمة "المعسكر الوطني" ووزير الدفاع السابق بيني غانتس، إن "هذا يوم حزين لدولة إسرائيل. والرجل (نتنياهو) الذي منع ميزانية عن مواطني إسرائيل بدوافع سياسية، حول اليوم الموازنة إلى أداة في لعبة سياسية. وسقطت دولة إسرائيل أسيرة بأيدي ائتلاف متطرف وضع الاقتصاد والمجتمع في إسرائيل على مذبح السياسة الحزبية. وبدلا من جلب بشرى للمسنين والأولاد وذوي الاحتياجات والأزواج الشابة وسكان النقب والجليل، صودق الآن على ميزانية تهتم بالناشطين الحزبيين ودفع بدل إسكات".

كما عبر آخرون في المعارضة عن غضبهم من تخصيص مئات الملايين من الشواكل للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة، التي يطالب بها الفلسطينيون من أجل إقامة دولتهم المستقبلية.

في المقابل، قال منتقدون إن مثل هذا الإنفاق يأتي على حساب المصالح الإسرائيلية الأوسع.

ويرى أستاذ الاقتصاد في "كليّة أشكلون الأكاديمية" آشر بلاس، أنّ البيانات الاقتصادية التي سجّلت في الأشهر الأخيرة في إٍسرائيل أظهرت ارتفاعاً في معدّلات التضخّم وأسعار الفائدة، وتراجعاً في قيمة الشيكل.

وأضاف أنّه في ظلّ هذه الأوضاع الاقتصادية كان حرياً بالحكومة أن تضع ميزانية توفّر "محرّكات للنمو" عوضاً عن "تحويلات مالية" لمؤسسات يهودية متشدّدة، وفقاً لوكالة فرانس برس.

وتواجه الحكومة ضغوطاً اقتصادية في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وأزمة التعديلات القضائية المعلّقة حاليا، والتي أدت إلى واحدة من أسوأ الأزمات السياسية في إسرائيل وأعاقت الاستثمار وقلصت آفاق النمو.