الكرة في ملعب قطر.. هذه مطالبنا

السبت 2017/06/24
أبعد من المطلوب للحرب على داعش، أقرب من اللازم للتحالف مع قطر

الرياض - تفاقمت أزمة قطر في علاقتها مع محيطها العربي إثر تداول قائمة من ثلاثة عشر مطلبا من السعودية ومصر والإمارات والبحرين، المطلوب من قطر تنفيذها قبل إنهاء المقاطعة وإعادتها إلى المحيط الخليجي.

وعلى الرغم من عدم الإعلان رسميا عن هذه المطالب، إلا أن وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش اتهم قطر في تغريدة على تويتر بأنها وراء تسريب لائحة المطالب من أجل “إفشال الوساطة في مراهقة تعودناها من الشقيق، وكان من الأعقل أن يتعامل مع مطالب ومشاغل جيرانه بجدية، دون ذلك فالطلاق واقع”.

واعتبرت أوساط خليجية أن تسريب قطر لمجموعة من المطالب، تركز على موضوع إغلاق قناة الجزيرة، هدفه الإيحاء بأن القضية هي مصادرة للرأي وتحويلها إلى قضية رأي عام عالمية بدلا من مسائل أساسية تتعلق بعلاقة قطر بالجماعات الإرهابية.

ورأى مراقبون خليجيون في قائمة المطالب سواء كانت سلمت فعلا إلى قطر عن طريق الوساطة الكويتية أو سربت من قبل الدوحة، فإنها تعكس جدية وعمق الأزمة.

وأشار هؤلاء المراقبون إلى أن مطالبة قطر بتخفيض العلاقات مع إيران ومغادرة العناصر التابعة والمرتبطة بالحرس الثوري الأراضي القطرية وقطع أي تعاون عسكري أو استخباراتي مع طهران، حسب ما ورد

في لائحة المطالب الخليجية، هي من البديهيات المتسقة مع الموقف الخليجي الرسمي إزاء طهران والذي كانت الدوحة من الموقعين على بيانات مجلس التعاون الخليجي بخصوصه.

وأعربت هذه المراجع عن استغرابها من وجود عناصر من الحرس الثوري أساسا، ومن استمرار تعاون قطر العسكري والأمني مع إيران على الرغم من السلوك العدائي المعلن الذي تنتهجه طهران ضد دول الخليج.

وتتسق الطلبات بغلق القاعدة العسكرية التركية الجاري إنشاؤها، ووقف التعاون العسكري مع أنقرة داخل الأراضي القطرية، وترى دول الخليج أن محل تركيا الطبيعي

هو الترتيب الأمني في العراق وسوريا في مرحلة تفكك داعش والتمدد الإيراني في شمال العراق وسوريا، وليس في قواعد بالخليج.

ورفضت تركيا الدعوة إلى إغلاق قاعدتها العسكرية في قطر وقالت إن القاعدة تضمن الأمن في الخليج وإن المطالب بإغلاقها تمثل تدخلا في العلاقات مع الدوحة.

وقال وزير الدفاع التركي فكري إشيق إنه لم ير أي طلب بإغلاق القاعدة. لكنه أوضح أن أنقرة لا تعتزم إعادة تقييم اتفاقية وقعتها مع قطر بشأن القاعدة عام 2014.

ويرى خبراء غربيون في شؤون مكافحة الإرهاب أن مطالبة قطر بالإعلان عن قطع العلاقات مع التنظيمات الإرهابية والطائفية والأيديولوجية وعلى رأسها الإخوان وداعش والقاعدة وحزب الله، ليست مطلبا خليجيا فقط، بل هو مطلب دولي تدعمه التقارير الأمنية الدولية التي لطالما اتهمت الدوحة بالتواطؤ مع هذه الجماعات والتعاون معها.

ورأى هؤلاء أن المجتمع الدولي، وهو يخوض الحرب لاجتثاث تنظيمي داعش والقاعدة من المنطقة، لم يعد بمقدوره التساهل في مسألة بقاء تعاون أو تواصل ما بين الدوحة وكافة التيارات المشبوهة في العالم.

وتلفت مصادر خليجية أنه لم يعد مقبولا أن تبقى قطر عضوا كامل العضوية داخل دول مجلس التعاون الخليجي دون أن توقف الدوحة كافة أشكال الدعم للتنظيمات الإرهابية المعلنة في الدول الخليجية والمدرجة على لائحة الإرهاب في الولايات المتحدة والعالم، وأنه بات بالتالي مطلوبا من قطر تسليم العناصر المطلوبة في الدول الأربع، والعناصر الإرهابية المدرجة في اللوائح الأميركية والدولية والتحفظ على أموالها، والتعهد بعدم إيواء أي عناصر مستقبلا.

ويؤكد محللون سياسيون سعوديون أن تضمين لائحة المطالب إغلاق قناة الجزيرة ومواقع إعلامية عربية ودولية أخرى تموّلها قطر، لا يستهدف الإعلام، لا سيما وأنه لم يسبق لدول الخليج أن أقفلت أي وسائل إعلامية، لكنه يستهدف ردّ الحرب التي تمارسها الدوحة ضد دول الخليج والمنطقة برمتها من خلال واجهات إعلامية.

ويلفت هؤلاء المحللون إلى أن دور هذا النوع من الإعلام كان هداما محرضا على الفتن ومروجا للانقسام المجتمعي الداخلي وحاثا على العصبيات المذهبية على نحو بات يهدد الأمن الاستراتيجي لدول المنطقة.

وتضيف هذه الأوساط أنه يكفي تأمل الأزمات المتفجرة في المنطقة لاستنتاج ضرورة الحسم والحزم في العمل على إقفال بوابات الترويج للفتنة التي تبثها مواقع الإعلام القطري.

ورأت مراجع في البحرين أن عدم التدخل في شؤون الدول هو من أبجديات التعاون والعلاقات الطيبة بين الدول، وأن مطالبة قطر بوقف التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأربع والتدخل في سياستها الخارجية، ومنع تجنيس أي مواطن يحمل جنسيات

هذه الدول أو التواصل مع أطراف معارضة الأنظمة، لا يعدوان كونهما أساسا لعلاقات طيبة بين دول يفترض أنها من نسيج اجتماعي وسياسي واحد وتنتمي إلى تجمع إقليمي واحد.

ونقل عن مصادر دبلوماسية عربية قولها إن المجموعة العربية برمتها، وبتعدد أمزجتها وخياراتها السياسية، تجمع على أن قطر شكلت، منذ انقلاب عام 1995 في الدوحة، حالة شاذة منفلتة عن السياق العربي العام، وأن مطالبة الدوحة بالانسجام مع البيئة الخليجية وتفعيل اتفاق الرياض الموقع عام 2013 والاتفاق التكميلي الموقع عام 2014، هو شرط أساسي لعودة قطر إلى لعب دور بناء وليس تخريبيا داخل الدائرتين الخليجية والعربية كما داخل المجتمع الدولي برمته.

وكان وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني قد قال في مقابلة مع قناة فرانس 24 “إن الحديث عن عدم الالتزام باتفاق الرياض 2014 مسألة خاطئة تماما، وأنه لو كان هناك عدم التزام بذلك الاتفاق، كما يدّعي بعض مسؤولي الدول الخليجية، فينبغي أن تكون هناك آليات لبحثه، هذا إن كان هناك عدم التزام فعلا”.

وتكشف مصادر مطلعة في السعودية أن دول الخليج ومند أن نكث أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بتعهداته في اتفاق عام 2014، لم تعد تثق في أي وعود قطرية وأن أي اتفاق محتمل هذه المرة مع قطر تجب مواكبته بآلية مراقبة إقليمية ودولية تتحقق من التزام الدوحة الكامل ببنود الاتفاق الجديد.

وتضيف هذه المصادر أن علاقات الدول يجب أن تتأسس على عقود واتفاقات ونصوص وليس على تسويات شفهية وثقة مفترضة.

وتضمنت لائحة المطالب أن الاتفاق المحتمل سوف يتضمن أهدافا وآلية واضحة، وأن يتم إعداد تقرير متابعة دورية مرة كل شهر خلال السنة الأولى، ومرة كل ثلاثة أشهر خلال السنة الثانية، ومرة كل ستة أشهر خلال السنة الثالثة.

ويرى مراقبون كويتيون أن الكويت قد أدركت من خلال وساطتها جدية الأزمة وعزم الدول المقاطعة لقطر على حسم هذا النزاع والقطع نهائيا مع “الحالة” القطرية وأن تعويل الدوحة على شراء الوقت وانتظار تبدل المزاج الدولي هو رهان يائس وينم عن عجز عن قراءة المشهد الدولي شرقا وغربا.

وأضاف هؤلاء أن إعطاء عشرة أيام لقطر لتنفيذ هذه المطالب يعكس رغبة في الانتهاء من الإشكال القطري في أقرب وقت وإلا فإن تصعيدا آخر ضد الدوحة قد لا يكتفي بالمطالب الأخيرة.

للمزيد:

مناورة استدراج أميركان ايرلاينز تكشف مأزق الخطوط القطرية

#دولة_البوعسكور: حسابات الفتنة تغرق تويتر

1