الكتابة النسوية الجزائرية لها خصوصياتها وملامحها

الجزائر - "الرواية النسوية في الجزائر، النص والتأويل" إصدارٌ جماعي أكاديمي أشرفت عليه الباحثة الجزائرية ربيحة حدور، وحكّمه مجموعة من الأكاديميين برئاسة الأكاديمي فيصل الأحمر.
ويضمُّ الكتاب مجموعة مقالات أكاديمية أشرف عليها مخبر اللُّغة وتحليل الخطاب في جامعة جيجل (شرق الجزائر).
يرى مؤلفو الكتاب، الصادر عن دار ومضة للنشر والتوزيع والترجمة بالجزائر، أنّ الرواية النسويّة أزالت التمركز الذكوري على مستوى الإبداع، شيئا فشيئا، وفرضت وجودها في الساحة الأدبية بعد انفلاتها من بوتقة الذكورة، مفجّرة إمكانات إبداعية قادرة على ترجيح الكفة الجمالية لصالحها.
ورغم أن موضوعات الحب لا تنفصل عن موضوعات الحرية، فكاتبة الرواية النسوية الجزائرية على غرار نظيرتها المغاربية أو العربية ما تزال تستشعر جسدها، بالقدر الذي تعيش فيه هواجس كينونتها، كما أنّ وعيها ورغبتها في الحب يقابلان موقفها الوجودي إزاء الجسد والآخر.
ويؤكد المؤلفون أنّ هذا الكتاب يسعى إلى تسليط الضوء على جماليات الخطاب السرديّ في مستوياته المتعدّدة، وإظهار خصوصية الطرح النسوي فيه، والنظر في صيغ إضمارها لعدة أنساق ثقافية في محاولة للإجابة على إشكاليات منها: كيف تمثلت الرواية النسويّة الجزائرية مفهوم الجندر؟ وكيف فكّكت الرواية النسويّة الخطاب التاريخي؟ وهل تغيّرت العلاقة مع الآخر/ الرجل في الخطاب النسوي المعاصر؟ وهل تغيّرت المرجعيات الثقافية في الكتابة النسويّة الجزائرية؟
وتقترح الرواية النسوية مسارا قرائيا مُلتبسا، مثلما تضع النقد أمام مجال إشكالي في تداول المصطلحات والمفاهيم، إذ تطرح هذه الرواية بتسميتها نوعا أجناسيا قلقا، يتعالق مع أطروحات مجاورة، تُعنى بثنائية الهوية والاختلاف، فضلا عن تعالقه مع موضوعات تهتم بالتاريخ والحداثة والنقد النسوي والجنسانية والمركزية الذكورية.
ولذلك حاولت الدراسات الوقوفَ على أهمّ المرجعيات الثقافية التي تشكّلت في الرواية النسويّة الجزائرية، والملامح الجديدة والخصوصيات المميّزة للخطاب النسوي المعاصر، كما سعت إلى استثمار مناهج الدراسات الثقافية والجندرية في مقاربة النصوص الروائية النسويّة الجزائرية، واهتمّت البحوث أيضا بكشف صيغ التمثيل السرديّ لخطاب التاريخ والجندر في الرواية الجزائرية.
ومن الدراسات التي تضمّنها الكتاب نذكر الهيمنة الأنثوية وخطاب الجسد في رواية “نخب الأولى” لـلروائية ليلى عامر لكل من ربيحة حدور وعدلان رويدي، والأمّ في الرواية العربية: ثلاثية “ذاكرة الجسد” لأحلام مستغانمي نموذجا لسوسن البياتي، و”كشف المحظور في الخطاب النسوي في الجزائر”.. رواية “أحزان امرأة من برج الميزان” لياسمينة صالح أنموذجا بقلم دلال حيور، و”وعي الذات ومدارات التأريخ للمحنة السّياسيّة في الرّواية النسويّة الجزائريّة”.. قراءة في رواية “تشرّفت برحيلك” لفيروز رشّام لنورالدّين سعيداني، وغيرها من مقالات أحاطت بمختلف قضايا الرواية النسوية.
ومن خلال عدد من “الروايات النسوية” التي يحللها هؤلاء النقاد نكتشف مواقف متقاطعة وأفكارا عاشت هواجس الحرية والرغبة، لكنها – بالمقابل – ظلت تكابد محنة اللاوعي الخائف، والجسد الغارق برهاب ثنائية المقدس والمدنس.