الكاميرات تُدخل أنظمة القيادة الذاتية للسيارات في منعطف جديد

الحاجة إلى توظيف الذكاء الاصطناعي بعناية أكبر مهم لتحقيق مستويات متقدمة من التحكم الذاتي.
الأربعاء 2022/01/12
تقنية ليدار ميزة ثورية لا تتطلب تدخل السائق

يدخل قطاع صناعة المركبات ذاتية القيادة مع بداية العام الجديد مرحلة أخرى يُتوقع أن تفتح الأبواب أمام انتشار هذه النوعية من وسائل النقل رغم كل التحديات والانتقادات حولها، إذ تتواصل المنافسة لابتكار حلول أكثر كفاءة بحيث تجعلها تجتاز كافة المطبات التي قد تعرقل الاستفادة من الذكاء الاصطناعي بعد سلسلة إخفاقات تعرضت لها الأجيال السابقة.

لاس فيغاس (الولايات المتحدة) - يعكف المطورون في شركات السيارات على تجاوز الإخفاقات في النماذج المتاحة للمركبات ذاتية القيادة بأقصى سرعة، والتي جعلتها محل انتقادات الخبراء وحتى الجهات التنظيمية.

ويبدو أن عام 2022 سيشكل منعطفا مهما في عالم السيارات إذ يشهد منذ بدايته سباقا من نوع خاص لترسيخ هذه التكنولوجيا باعتبارها ثورة قد تغير من منظومة هذه الصناعة وتؤدي إلى تحول في وسائل النقل.

آرون جيفرسون: الكاميرات فاعلة بشكل كبير عند القيادة في ظروف مثالية

لكنّ الأمر ليس بتلك السهولة، فثمة شكوك كثيرة لا تزال تعوق انتشار هذا النوع من المركبات، إضافة إلى ما يتصل بالجوانب القانونية ومعايير السلامة والأمان وكذلك المنافسة.

ومنذ سنوات، تنهمك كبرى الشركات وعمالقة التكنولوجيا في سباق محموم لتطوير تكنولوجيا القيادة الذاتية وهي تحاول رسم آفاق عن متعة ركوب سيارات دون عجلة قيادة تنقل المسافرين إلى حيث يشاؤون في أقصى درجات الراحة والرفاهية.

وخلال الأسبوع الماضي في المؤتمر السنوي للتكنولوجيا، سرقت شركات صناعة السيارات العرض وكشف كبار المصنعين من كرايسلر إلى جنرال موتورز إلى مرسيدس بنز عن مفاهيم مستقبلية ونماذج كهربائية جديدة وميزات براقة.

وفي حين أن الحدث طغى عليه السباق نحو استعراض الأدوات المستقبلية في هذه الصناعة، إلا أن شركة تسلا المتخصصة في تصنيع المركبات الذكية كانت أكثر من جذب الأنظار كالعادة.

وسيطرت هذه الشركة التي تعد رائدة سوق المركبات النظيفة، على الجولات الأولى لعصر الطاقة الجديدة، فقد جذبت انتباه المستثمرين برؤيتها لما يبدو عليه الجيل القادم من السيارات، مستحوذة على السوق الناشئة للسيارات الكهربائية بالكامل.

واليوم يكشف تسارع خطوات تسلا لتزويد الجيل القادم من سياراتها الكهربائية بالتجهيزات الذكية من خلال تطوير نظام القيادة الذاتية، مدى رغبة المسؤولين لإخراج الشركة الأميركية من كبواتها، بدليل أنها تريد الاعتماد على الكاميرات هذه المرة.

كيليان وينبرغر: استراتيجية الدماغ الاصطناعي في السيارات منطقية جدا

ورغم كل المطبات التي تعرضت لها، تراهن تسلا على الكاميرات في التحكّم بالسيارات ذاتية القيادة المستقبلية، ما يثير ريبة بعض المتخصصين في أنظمة التحكم التي تعتمد على الرادارات وتكنولوجيا الاستشعار عن بعد.

وأجرت شركة لومينار المصنّعة لأجهزة بتقنية ليدار (استشعار بالليزر) في معرض لاس فيغاس للإلكترونيات الذي اختتمت فعالياته السبت الماضي، تجربة حية لإثبات تفوّق تقنيتها، مطلقة في موقف للسيارات سيارتين بسرعة نحو 50 كيلومترا في الساعة قبل أن تعرض دمية على شكل طفل أمامهما.

وتوقّفت السيارة المجهّزة بتقنية ليدار في الوقت المناسب، في حين صدمت السيارة الأخرى من شركة تسلا الدمية.

ويقول المسؤول عن تطوير المنتجات في لومينار آرون جيفرسون لوكالة الصحافة الفرنسية إن “الكاميرات يمكن أن تكون فاعلة بشكل كبير عند القيادة في ظروف مثالية خلال يوم مشمس”.

واعتبر أن “المشكلة تكمن في المواقف غير الاعتيادية” التي تواجه السيارة والمتمثّلة في المنعطفات غير الواضحة والضباب والأكياس البلاستيكية والضوء عند غروب الشمس وغيرها من الظروف الأخرى.

واختارت معظم الشركات المصنعة للأنظمة الذاتية القيادة أن تجمع بين الكاميرات التي تعمل بالرادارات أو بالليدار، وهي أدوات تسمح بقياس المسافة عبر موجات الراديو أو الليزر.

سام عبدالصمد: التنبؤ بما يحصل تبيّن بأنه أكثر تعقيدا مما اعتقده المهندسون

وتخلّت تسلا العام الماضي عن الرادارات واعتمدت الكاميرات فقط في نظامها الخاص للتحكم بالقيادة.

ويعتبر مؤسس الشركة إيلون ماسك أنّ مع التقدّم التكنولوجي يستطيع “دماغ اصطناعي” يعمل بالكاميرات أن يضاهي قدرات الدماغ البشري الذي يحلّل محيطه عبر عينيه.

ويقول الأستاذ في جامعة كورنيل كيليان وينبرغر الذي عمل على استشعار الأجسام في أنظمة قيادة ذاتية إنّ “هذه الاستراتيجية منطقية جدا”.

ورسميا، لا تقدّم تسلا، التي تعرضت لسيل من الشكوك بسبب الحوادث القاتلة التي تعرضت لها سياراتها ذاتية القيادة في الوقت الحالي إلّا أنظمة تحكّم بالقيادة، لكنّها تأمل في الوصول إلى نظام قيادة مستقل بشكل كامل.

واختارت الشركة الأميركية منذ سنوات عدّة، تثبيت الكاميرات والرادارات بشكل تلقائي على سياراتها كلّها، وتمكّنت بالتالي من الحصول على قدر كبير من المعلومات حول الطريقة التي يقود فيها السائقون سياراتهم أثناء الظروف الواقعية.

ويقول وينبرغر إنّ “تسلا راهنت على أنّه من خلال جمع معطيات كثيرة، يمكن أن تنشئ الكاميرات خوارزمية فعّالة مثل الخوارزمية التي تستخدم استشعارات مكلفة أكثر لكن مع معطيات أقل”.

وعلى سبيل المثال، إنّ سيارات الأجرة الآلية التابعة لشركة وايمو، وهي شركة سيارات ذاتية القيادة تابعة لغوغل، مليئة بأجهزة الاستشعار ولكنها لا تعمل إلّا في ظروف معيّنة.

ويشير سام عبدالصمد من شركة غايدهاوس إنسايتس إلى أنّ أنظمة القيادة الذاتية لها أربع وظائف رئيسية هي إدراك المحيط، والتنبؤ بما سيحدث، والتخطيط لما ستفعله السيارة، والتنفيذ. ويقول “تبيّن أن التنبؤ أكثر تعقيدا مما اعتقده المهندسون خاصة مع المشاة وراكبي الدراجات”.

واستقرّ التقدّم الذي اعتقد المهندسون أنّ بإمكانهم إحرازه في البرامج التي تعمل فقط على الكاميرات من خلال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي على مستوى ما.

ويعتبر عبدالصمد أنّ المشكلة تكمن في أنّ “ماسك أظهر نظام القيادة الخاص بشركته بشكل يبيّن أن المعدات المثبتة في سياراته ستكون كافية”، مضيفا أنّ “تسلا لا تستطيع التراجع لأنّ مئات الآلاف من الأشخاص دفعوا أموالا” للحصول عليها.

ويرى جاك أشنبروا رئيس شركة فاليو الفرنسية لتصنيع المعدات التي عرضت جيلها الثالث من الليدار في معرض لاس فيغاس للإلكترونيات أنّ “الكاميرات وحدها لا تكفي مهما كانت كمية البيانات المخزنة فيها”.

وانتقلت نقاشات مصنعي السيارات طيلة السنوات الخمس الأخيرة حول مسألة الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، والذي بات يهيمن على القطاع بأكمله في الوقت الحالي، إلى مرحلة متقدمة لا يمكن لأحد التكهن كيف ستكون.

ويقول أشنبروا إنّ “فهم ما يحدث حول السيارة وما يُرى ولا يُرى وتحليل كل ذلك ليلا نهارا، أمر أساسي للغاية”. ويضيف “قناعتنا المطلقة هي أنّ الحاجة إلى الليدار ضرورية” لتحقيق مستويات متقدمة أكثر من التحكم الذاتي.

يعتبر ماركو بيرتونيا، وهو أستاذ في جامعة أونيموري الإيطالية ورئيس فريق يدير مركبة دون طيار شاركت في سباق سيارات ذاتية القيادة في لاس فيغاس الجمعة “كل أجهزة الاستشعار لها مزاياها وعيوبها”. ويقول إنّ الكاميرات “في المعرفة السائدة حاليا” ترتكب وحدها أخطاء كثيرة.

ويضيف أنّه في الوقت الحالي “كلما كان لديك عدد أكبر من الأنظمة التي تعمل بالتوازي، تمكّنت أكثر من دمج أنواع مختلفة من أجهزة الاستشعار، وبالتالي سيزيد أكثر احتمال وجودك ضمن أوّل معتمدي شروط السلامة التي ستفرضها الهيئات الناظمة”.

Thumbnail
15