الكاظمي يلوّح بالاستقالة وبرهم صالح يرى الانتخابات المبكرة مخرجا للأزمة

رئيس الوزراء العراقي يؤكد أن أحداث بغداد إنذار لحصر السلاح بيد الدولة، مشددا على ضرورة تنازل القوى السياسية، وإطلاق حوار شامل ينهي حالة الانسداد السياسي.
الأربعاء 2022/08/31
الكاظمي: العراق أكبر من الجميع فكفى تناحرا

بغداد - في تصريح هو الأول من نوعه لوّح رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بإعلان خلوّ منصبه "في الوقت المناسب"، في حال استمر التناحر والخلاف السياسي في البلاد، في حين اعتبر الرئيس العراقي برهم صالح أن إجراء انتخابات مبكرة "يمثل مخرجا للأزمة".

وتتكثف منذ ساعات مساع في العراق لإيجاد مخرج لأزمة سياسية مستمرة منذ أكثر من 10 أشهر، وقادت إلى اشتباكات وفوضى أمنية بالعاصمة بغداد ومحافظات أخرى لمدة 18 ساعة الاثنين والثلاثاء.

وفي كلمة متلفزة موجهة إلى الشعب العراقي وسط توترات أدت إلى أعمال عنف هي الأشد دموية في العاصمة بغداد منذ سنوات، عبّر الكاظمي عن ألمه من "الحالة التي أوصلنا إليها الصراع السياسي"، مؤكدا شكره لـ"القوات الأمنية التي أُريد لها أن تكون طرفا في نزاع السلاح المنفلت مع السلاح المنفلت، وأبت ذلك".

وأضاف "منذ أكثر من عامين ونحن نتبنى سياسة حصـر السلاح بيد الدولة، رغم كل الاتهامات والطعون والصواريخ التي وُجهت إلينا"، معتبرا أن "الدم العراقي الذي سقط أمس (الاثنين) يطلق الإنذار لكل عراقي صادق وأصيل بأننا اليوم يجب أن نواجه الحقائق المرة، وأن يوضع السلاح تحت سلطة الدولة فعلا وليس شعارا وادعاء".

ووفق مصادر طبية، خلفت الاشتباكات ما لا يقل عن 23 قتيلا و380 جريحا، حيث اندلعت مواجهات بين متظاهرين من أنصار التيار الصدري (شيعي) وقوات الأمن، وأخرى بين أنصار التيار ومؤيدي الإطار التنسيقي (شيعي مقرب من إيران).

وأكد "شكلنا لجنة تحقيقية لتحديد المسؤولين عن وضع السلاح بيد من فتحوا النار على المتظاهرين، وأراقوا الدم رغم التوجيهات المشددة التي أصدرناها لمنع استخدام الرصاص".

وتابع الكاظمي "كما يجب تحديد من فتح النار والصواريخ والهاونات على المنطقة الحكومية (المنطقة الخضراء وسط بغداد) طوال الليل"، مشيرا إلى أن "هذا الواقع المخزي يتطلب موقفا صادقا وصريحا لمواجهته والتصدي له".

وشدد الكاظمي "كفى ازدواجية الدولة واللادولة، وعلى المنظومة الأمنية الرسمية أن ترتبط جميعها بكل توجهاتها، ولا فرق بين هذا وذاك فورا بالقائد العام للقوات المسلحة (رئيس الوزراء) ويتحمل كل غير منضبط المسؤولية القانونية".

وأشار إلى أن "السلاح الذي استخدم أمس (الاثنين) هو مال مهدور.. دم مهدور.. فرص مهدورة، هذا السلاح يجب أن يستخدم في حماية العراق، لا في صراعات السلطة".

وتابع "سياسيا قمنا بمسؤوليتنا في إطلاق حوار وطني بين القوى السياسية المختلفة، لمساعدتها في الوصول إلى حل مرض للجميع، لكن الحوار يقتضي أن يتنازل الجميع، وليس أن يستمر التصعيد السياسي، وينتقل إلى فتح الرصاص، وإزهاق أرواح العراقيين"، مؤكدا أن "العراق أكبر من الجميع، وليس هناك أي شخص أو حزب أو قوة أهم من العراق، ومن مصالح العراق".

ولفت "خدمت شعبي بكل شرف وأمانة، ولم أكن يوما طرفا أو جزءا من المشكلة، وصبرت على كل أنواع التنكيل والعرقلة والحرب المعلنة من جميع الأطراف لإضعاف الدولة وقرارها أو ابتزازها أو تصغير كل ما أُنجز لأهداف انتخابية".

واستطرد "ورغم ذلك فإنني لم ولن أتخلى عن مسؤوليتي أمام شعبي وأي خيار يخدم مصالح العراق وأمنه ويحقق الاتفاق السياسي بين القوى المختلفة، وكنت وما زلت مع مبدأ التداول السلمي للسلطة".

وحذر "من هنا إذا أرادوا الاستمرار في إثارة الفوضى والصـراع والخلاف والتناحر، وعدم الاستماع لصوت العقل، سأقوم بخطوتي الأخلاقية والوطنية بإعلان خلو المنصب في الوقت المناسب، حسب المادة 81 من الدستور، وتحميلهم المسؤولية أمام العراقيين"، مؤكدا أن "كل قطرة دم سببها الفشل السياسي المزمن، وهذا الاستسلام للغة المغانم، والتحاصص، وضعف الانتماء الوطني".

وتنص هذه المادة على أن يقوم رئيس الجمهورية مقام رئيس الوزراء عند خلو المنصب لأي سبب كان، ويكلف مرشحا آخر بتشكيل حكومة خلال مدة لا تزيد على 15 يوما.

وجاء خطاب الكاظمي بعد ساعات على توجيه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنصاره بالانسحاب من مبنى البرلمان خلال ساعة واحدة فقط، منهيا اعتصاماتهم التي امتدّت شهرا كاملا داخل المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد، معتبرا أنها خرجت عن سلميتها، فيما توقف إطلاق النار داخل المنطقة الخضراء وبدأ أنصار التيار بالانسحاب منها.

وكانت البلاد قد شهدت الاثنين وحتى ظهر الثلاثاء، مواجهات دامية اندلعت على إثر اعتزال الصدر العمل السياسي، وهي أحدث حلقة من الصراع بين أكبر قوتين شيعيتين بالعراق، وهما التيار الصدري والإطار التنسيقي.

برهم صالح يحث الإطار التنسيقي على التواصل مع الصدر للخروج بحل سياسي
برهم صالح يحث الإطار التنسيقي على التواصل مع الصدر للخروج بحل سياسي

واعتبر الرئيس العراقي برهم صالح الثلاثاء أن إجراء انتخابات تشريعية مبكرة "يمثل مخرجا للأزمة" في بلاده، التي شهدت اشتباكات دامية بين "سرايا السلام" التابعة للصدر وفصائل من الحشد الشعبي الموالية لإيران تشكل جزءا من القوات العراقية الرسمية.

وقال صالح في خطاب متلفز مساء الثلاثاء إن "إجراء انتخابات جديدة مبكرة وفق تفاهم وطني، يمثل مخرجا للأزمة الخانقة في البلاد عوضا عن السجال السياسي أو التصادم والتناحر". وأشار إلى أنها "تضمن الاستقرار السياسي والاجتماعي وتستجيب لتطلعات العراقيين"، من دون أن يحدد موعدها.

وحث الرئيس العراقي الإطار التنسيقي على التواصل مع الصدر للخروج بحل سياسي بشأن الانتخابات المقبلة وتشكيلة الحكومة وإدارة الفترة القادمة.

ويتعين حل البرلمان أولا قبل تنظيم الانتخابات التشريعية. ولا يمكن حل مجلس النواب إلا بتصويت الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، وفقا للدستور. ويمكن أن يتم بناء على طلب ثلث أعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية.

 ودعا الإطار التنسيقي، عبر بيان الثلاثاء، إلى "الإسراع بتشكيل حكومة خدمة وطنية تتولى المهام الإصلاحية ومحاربة الفساد ونبذ المحاصصة وإعادة هيبة الدولة، لينعم الجميع بالأمن والاستقرار (...) بمشاركة واسعة من جميع القوى السياسية الراغبة في المشاركة".

ويرفض التيار الصدري ترشيح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة، ويطالب بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة.

وإعلان الصدر اعتزاله العمل السياسي هو التاسع من نوعه خلال تسع سنوات، وجاء ذلك بعد يومين على اقتراحه أن تتنحى جميع الأحزاب السياسية لوضع حد للأزمة في البلاد.

وحالت الخلافات بين القوى السياسية، لاسيما الشيعية منها، دون تشكيل حكومة جديدة منذ الانتخابات الأخيرة في العاشر من أكتوبر 2021.