الكاظمي يبدأ زيارة رسمية إلى واشنطن لبحث الدعم والوجود الأميركي في العراق

مصطفى الكاظمي يبحث دعما دوليا وإقليميا قبل الانتخابات المقررة في 10 أكتوبر القادم.
الاثنين 2021/07/26
الكاظمي يؤسس لمرحلة جديدة في العلاقات مع واشنطن

بغداد – بدأ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الاثنين زيارة رسمية إلى واشنطن، غير محددة المدة، بعد يوم من اختتام اجتماعات الجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي بين البلدين.

و‏يترأس رئيس الوزراء وفدا رفيع المستوى، يضم وزراء الخارجية والدفاع والنفط والتجارة والثقافة، ويتضمن جدول أعماله لقاءات مع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ورئيس الأغلبية الديمقراطية تشاك شومر.

وقال التلفزيون الرسمي في العراق إنه "من المتوقع أن يصدر بيان ختامي عن اجتماعات الجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي، قد يتضمن جدولا زمنيا لسحب القوات الأميركية من العراق نهاية العام الحالي".

وتأتي هذه الزيارة بعد انتهاء جولة الحوار الاستراتيجي الرابعة والأخيرة بين البلدين الجمعة في واشنطن، وتركزت المباحثات حول وجود القوات الأميركية في العراق وعلاقات البلدين على مختلف الأصعدة.

والثلاثاء، وصل وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إلى واشنطن على رأس وفد تفاوضي للمشاركة في جولة الحوار الرابعة بين البلدين، بعد جولة أولى عقدت في يونيو 2020، فيما عقدت الثانية في أغسطس من العام نفسه، أما الثالثة فجرت في أبريل الماضي.

وتمخض عن جولة الحوار الاستراتيجي الثالثة، إعلان بغداد الاتفاق مع واشنطن على تحويل مهمة قوات التحالف الدولي من قتالية إلى تدريبية واستشارية.

ثم أعلن العراق لاحقا، تشكيل لجنة تضم قادة بوزارة الدفاع تتولى التفاوض مع الجانب الأميركي لوضع الآليات والتوقيتات الزمنية الخاصة بالانسحاب العسكري الأجنبي.

وفي 2008، أبرمت واشنطن وبغداد اتفاقية "الإطار الاستراتيجي" التي مهدت لخروج القوات الأميركية من العراق نهاية 2011، بعد 8 سنوات من الاحتلال.

وتقود واشنطن تحالفا دوليا منذ 2014، لمكافحة "داعش"، الذي استحوذ على ثلث مساحة العراق آنذاك، حيث ينتشر نحو 3000 جندي للتحالف، بينهم 2500 أميركي.

ويقول الباحث في مركز "ذي سانتشوري فاونديشن" للأبحاث سجاد جياد إن عدم التوصل إلى إعلان ملموس لانسحاب كامل قد يؤدي إلى "رفع المجموعات الموالية لإيران مستوى التوتر وتكثيف هجماتها على القوات الأميركية في البلاد".

ولم تتوان الفصائل عن تكثيف ضغوطها مؤخرا على الكاظمي، الذي ضعف موقفه في مواجهة أزمات تتزايد تعقيدا في البلاد على المستوى المعيشي والاقتصادي على وجه الخصوص، لاسيما أزمة الكهرباء التي يعتمد العراق على إيران للتزود بما يكفيه منها، خصوصا في فصل الصيف الحار.

وتوعد قيس الخزعلي، الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، أحد فصائل الحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل موالية لإيران منضوية في القوات العراقية، في كلمة له قبيل زيارة الكاظمي، بأن "عمليات المقاومة مستمرة وستستمر حتى خروج كل القوات الأميركية العسكرية من كل الأراضي العراقية".

ومنذ الزيارة الأخيرة للكاظمي إلى واشنطن في أغسطس 2020، حصلت تطورات أبرزها تواصل الهجمات التي تتهم بها فصائل موالية لإيران، على المصالح الأميركية في البلاد، وليس بالصواريخ فحسب، بل أدخلت تقنية الطائرات المسيرة، الأكثر دقة وإثارة للقلق بالنسبة للتحالف الدولي. وقد بلغ عددها نحو خمسين هجوما منذ مطلع العام، كان آخرها هجوم بطائرة دون طيار استهدف قاعدة تضم قوات للتحالف الدولي في بغداد الجمعة.

ومن واشنطن، أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين الذي وصل قبل بضعة أيام للتحضير للزيارة، أن المحادثات ستفضي بالفعل إلى تحديد جدول زمني.

لكن وسائل إعلام أميركية أشارت إلى أن الانسحاب سيكون في الواقع إعادة تحديد لمهام القوات الموجودة في العراق البالغ عددها 2500 عسكري يتمركزون في قواعد عراقية، وهم رسميا ليسوا بقوات قتالية بل "مستشارون" و"مدربون"، بحلول نهاية العام.

ويوضح الباحث في "بيرسون انستيتيوت" في جامعة شيكاغو رمزي مارديني أن "التغييرات التي ستطرأ على الوجود الأميركي في العراق" لن تكون جذرية، بل "ستهدف فقط إلى إعطاء دفع للمصالح السياسية لرئيس الوزراء" بشكل أساسي مع اقتراب موعد الانتخابات المبكرة، "لكن الوضع الراهن سيبقى كما هو، أي استمرارية الوجود الأميركي" على أرض الواقع.

وفيما تقوّض الضغوط الداخلية وتردي الظروف الاقتصادية والاجتماعية موقعه، فإن "زيارة رئيس الوزراء تبقى مرتبطة بشكل وثيق بحملته للانتخابات" المقررة في 10 أكتوبر، وكما يوضح مارديني فهو يحاول خصوصا "حشد دعم دولي وإقليمي".

ووفق مارديني، يعود ذلك لافتقاده إلى "حزب سياسي وقاعدة شعبية"، لذا يبقى "الطريق الوحيد نحو كسب التأييد من أجل تشكيل حكومة هو عبر التوفيق بين الأحزاب السياسية التي تهيمن عليها قوى إقليمية ودولية".

ويوضح الباحث بالتالي، أن الكاظمي "يسعى إلى الاستفادة من الدعم الخارجي للتعويض عن موقعه السياسي الضعيف في الداخل".

ويحتاج في ذلك إلى "مساعدة الولايات المتحدة لضمان عدم التصعيد من جهتها وللنظر بما إذا كانت واشنطن سوف تسمح للعراق بالقيام بمبادلات مع إيران بشكل أسهل"، دون أن تكون بغداد عرضة لعقوبات ثانوية تطاول الدول التي تقوم بمبادلات تجارية مع طهران.

ويقول جياد إن ذلك سيجنّب العراق الغرق في الظلمة كما حصل في يونيو حين قطعت طهران إمدادات الغاز عن العراق، و"يعطي الكاظمي الدفع الضروري الذي يحتاج إليه للبقاء رئيسا للوزراء".

ووسط كل ذلك، لعلّ أبرز ما يحتاج إليه الكاظمي هو "تخطي أزمات الصيف وتفادي تراجع الأمور إلى الأسوأ"، في بلد يعاني من الفساد وتهالك بناه التحتية وانقطاع متواصل للكهرباء بعد عقود من الأزمات والحروب.

ولكن تحقيق ذلك الانتصار الجزئي يبقى محط تساؤلات، إذ يقول مارديني إنه على الرغم من أن العراقيين "يحتاجون بشدة لأن يصبح التعاون الاقتصادي نقطة الارتكاز في العلاقة مع الولايات المتحدة"، إلا أن "المصالح الأميركية لا تزال محصورة بالتهديدات الإقليمية المنبثقة من الإرهاب وإيران" التي تخوض معها الولايات المتحدة مواجهة غير مباشرة على الأراضي العراقية.

ويرجح أن "يبقى الأمر كذلك على المدى المنظور".